مصر

ميدل إيست آي :إسرائيل أفرجت عن وفاء جرار بعد أن قطعت قدميها لتجنب المساءلة عن تدهور حالتها الصحية أثناء احتجازها.

تقرر الإفراج عن الأسيرة الفلسطينية وفاء جرار البالغة من العمر 49 عاماً، بعد اعتقالها لفترة قصيرة. وفقاً لما أفادت به عائلتها، فإن الإفراج عنها جاء بهدف التهرب من المسؤولية عن حالتها الصحية الحرجة.

يذكر أن الجيش الإسرائيلي اعتقل وفاء خلال توغله في جنين بالضفة الغربية المحتلة في 21 مايو الماضي، وقد انفجرت عبوة ناسفة في السيارة العسكرية التي كانت تنقلها إلى معسكر الجلمة العسكري قرب جنين، مما تسبب في إصابتها بجروح خطيرة في ساقيها.

خضعت وفاء لعملية بتر ساقيها خلال اعتقالها في مستشفى العفولة الإسرائيلي. في الوقت نفسه، أصدرت المحكمة الإسرائيلية قرارًا بإحالتها إلى الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر قابلة للتجديد.

إنها جريمة خطيرة ضد وفاء، حيث من النادر أن يتراجع أي أسير فلسطيني عن مثل هذا القرار. وهذا يعني أن إسرائيل تدرك تماماً ما فعلته بوفاء، وبالتالي فهي المسؤولة المباشرة عن حالتها الصحية الحرجة، وتتحمل المسؤولية الكاملة عن مصيرها في المستقبل. – أماني السراحنة، نادي الأسير الفلسطيني

بعد عدة فحوصات، تبين أن وفاء قد أصيبت أيضًا في العمود الفقري والرئتين، مما دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الإفراج عنها على الفور ونقلها من مستشفى العفولة إلى مستشفيات الضفة الغربية المحتلة، وهو ما اعتبرته عائلتها تنازلاً عن العلاج اللائق.

وفاء تُعالَج حالياً في قسم العناية المركزة في مستشفى ابن سينا في جنين، بينما ما زال زوجها عبد الجبار جرار محتجزاً لدى إسرائيل منذ فبراير الماضي، ولا يعرف ما حدث مع زوجته بعد ذلك.

عملية سرقة للمنزل!

في حديثه مع موقع ميدل إيست آي، وصف حذيفة جرار، ابن وفاء، اقتحام الجيش الإسرائيلي لمنزلهم بالقوة المفرطة والعنف، مشيراً إلى أن “الجنود تعمَّدوا تكسير الأثاث وتخريب محتوياته، كما رسموا نجمة داود على الجدران، وصرخوا على والدته عدة مرات مطالبين إياها بتسليم أي مبالغ مالية في حوزتها”.

عندما لم يجد الجنود أي أموال، قاموا بسرقة ذهبها واحتفلوا داخل المنزل مرددين شعارات عنصرية. بعد ذلك، احتجزوا والدتي ومنعوها من تغيير ملابسها، حيث تم نقلها إلى الآلية العسكرية. كانت الأوضاع غير مستقرة في عموم مدينة جنين بسبب التوغل الإسرائيلي. لاحقًا، سمعنا صوت انفجار قوي، ولم نعلم بإصابة والدتي إلا بعد عدة ساعات.

تمكن محامي وفاء من زيارتها بعد يوم من اعتقالها، حيث أكد للعائلة أن ساقيها لم تكن بترتا بعد وأنها ستخضع لعملية جراحية قريباً. إلا أنه بعد يومين، تلقت الأسرة اتصالاً من المستشفى يفيد بأنها ستخضع لعملية بتر ساقيها بسبب فشل العملية الأولى. كما كشفت الأشعة عن إصابتها في عمودها الفقري وشظايا في بطنها.

هذا الخبر الصادم دفع العائلة للمحاولة في الحصول على تصريح لزيارتها أو إحضار طبيب فلسطيني لفحصها، لكن دون جدوى. ثم فوجئوا بقرار إخراج وفاء ونقلها من المستشفى دون أي متابعة طبية.

حاولت الأسرة الإبقاء على وفاء في مستشفيات إسرائيلية، إلا أن السلطات أصرت على نقلها إلى الضفة الغربية المحتلة. ويتهم حذيفة إسرائيل بالإهمال الطبي بحق والدته، موضحاً أنه لم يتم إجراء الفحوصات اللازمة لها منذ البداية وأنه كان هناك تحريض ضدها من قبل المستوطنين بسبب وجودها في مستشفى العفولة.

بعد إطلاق سراحها، لم ترفق السلطات الإسرائيلية أي أوراق طبية أو خطة علاجية لها. وبذلك تتحمل العائلة مخاوف من أي مضاعفات قد تنجم عن نقلها المباشر من العناية المركزة.

يوضح حذيفة أن الرواية الوحيدة لما حدث لوالدته مصدرها الجيش الإسرائيلي، وهو ما تشكك فيه العائلة خاصة أن الانفجار وقع بعد ساعات من اعتقالها!

من جانبها، شككت المتحدثة باسم نادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة، في صحة الرواية الإسرائيلية أيضاً خاصة في ظل عدم وجود أي معلومات إضافية حول ما حدث للجنود الآخرين في السيارة المدرعة التي أصيبت بالانفجار.

“جاءت لمنزلي وتحدثت عن الصبر، وكان تأثير كلامها كالدواء الشافي للجراح. حزنا معها على ما حصل، ولن نتركها وحيدة أبداً.” – عبير الغزاوي، أم شهيدين فلسطينيين في الضفة

أشارت سراحنة إلى أن المعلومات المقدمة لنادي الأسير من الجانب الإسرائيلي غير كافية، مضيفة أنه “بعد وصول جرار إلى مستشفى ابن سينا، فوجئنا بأن حالتها الصحية أسوأ بكثير من الوصف الذي تلقيناه عن حالتها من الإسرائيليين”.

تتهم السراحنة إدارة السجون الإسرائيلية بالمحاولة للتنصل من المسؤولية عن حالة وفاء السيئة عبر إطلاق سراحها من الاعتقال الإداري قبل اكتمال علاجها. حيث تقول إنها “جريمة مركبة” ضد وفاء، فمن النادر جداً أن يتم التراجع عن مثل هذا القرار فيما يتعلق بأي أسير فلسطيني. وهذا يعني أن إسرائيل تدرك ما فعلته بوفاء، وبالتالي فهي السبب المباشر لحالتها الصحية الخطيرة وتتحمل المسؤولية الكاملة عن مصيرها فيما بعد.

“لن نتخلَّى عنها أبداً”

وفاء جرار، أم لأربعة أبناء، مشهورة في مدينة جنين بنشاطها الاجتماعي المتواصل، خاصة مع أمهات الشهداء. في هذه المحنة، اجتمعت نساء فلسطينيات خارج غرفتها في المستشفى في انتظار استعادتها للوعي.

أوضحت عبير غزاوي، والتي فقدت ابنيها محمد وباسل على يد جنود إسرائيليين متنكرين بزي مسعفين في مستشفى ابن سينا في يناير الماضي، أنها ممتنة لوفاء لدعمها خلال هذه المحنة. كما تقول: “جاءت إلى منزلي وتحدثت معي عن الصبر، وكان تأثير كلامها كالدواء الذي يشفي الجراح. نحن نشاركها في حزنها ولن نتركها بمفردها أبداً”.

وفقاً لنادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية حتى بداية شهر مايو الماضي قدر بنحو 9300 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 3400 معتقل إداري. وقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 8825 فلسطينياً في الضفة الغربية المحتلة والقدس، من بينهم 295 امرأة، منذ 7 أكتوبر 2023.

المصدر

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى