“النحاس باشا” لمن لا يعرفه كان ملء السمع والبصر في العهد الملكي قبل ثورة يوليو ، وشغل منصب رئيس الوزراء سبع مرات وترأس أكبر حزب شعبي ،
وهو “الوفد” لمدة تقرب من ربع قرن بعد وفاة قائد ثورة ١٩١٩ “سعد زغلول” عام ١٩٢٧ وحتى قامت ثورة يوليو بحل الأحزاب كلها عام ١٩٥٣.
المهم أن كل الشخصيات البارزة كانت تحاول التقرب إليه في مختلف المناسبات ومن بينهم طبعاً أهل الفن ..وقرأت أنه في إحدى المرات تقدم موسيقار الأجيال “محمد عبدالوهاب” للسلام على الباشا زعيم الأمة “النحاس باشا” ولكنه أعرض عنه ورفض مصافحته ،
و”شخط” فيه أمام الناس قائلاً: أنا لا أصافح الناس “المايعة” !!
أصيب “عبدالوهاب” بخضة قائلاً : ليه يا باشا أنا عملت إيه ؟؟
قال “النحاس باشا” في غضب: إزاي تغني لواحدة وتقول لها “مسكين وحالي عدم من كتر هجرانك” !!
أنت معندكش رجولة معندكش كرامة ؟؟
حاول الموسيقار الشهير مقاطعته لكن الباشا رفض وأكمل كلامه: وبتقول كمان في نفس الأغنية المايعة: تركت الوطن والأهل علشانك !!
وأنفحر بعدها في وجهه غاضباً: فين الوطنية والإخلاص للناس اللي ربوك ..
وهل معقول أن يصدر هذا الكلام من واحد نشأ في أسرة دينية ؟! وأبوه كان شيخ وأخوه كمان ؟!
وأكمل كلامه قائلاً: مش عايز أشوف وشك تأني لحد ما تبطل غناء هذه الأغنية السخيفة !!
وعلى كل حال سأعطي تعليمات بأن تتجاهلها الإذاعة وكأنها لم تكن.
وتدخل أولاد الحلال وأزالوا الجفوة التي كانت قائمة ، وتم الصلح بين العملاقين .. عملاق الفن ، وعملاق السياسة .. ونسى الجميع أغنية “مسكين وحالي عدم من كتر هجرانك”.
وأخيراً أقول: الحمد لله أن “النحاس باشا” توفى قبل ان يرى عصر “شاكوش وحمو بيكا وصاصا وحنجرة وكزبرة ” عجائب !!
محمد عبدالقدوس