حوارات وتحقيقات

رفع الدعم عن الخبز.. بين مطالب الإصلاح الاقتصادي وتحديات الفقر والعدالة الاجتماعية

خاص بموقع أخبار الغد –——

قرار الحكومة المصرية بزيادة أسعار الخبز يعد خطوة حساسة، خاصةً في ظل تاريخ الخبز كرمز للعدالة الاجتماعية والحاجة الأساسية للمواطن المصري.

يُعتبر الخبز جزءاً لا يتجزأ من المائدة المصرية، وكان حاضراً بشكل بارز خلال الثورات والاحتجاجات الشعبية، بما في ذلك ثورة 25 يناير التي اندلعت من أجل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وكان العيش أول شعارتها.

هذه الخطوة الجديدة في زيادة أسعار الخبز أثارت جدلاً واسع النطاق في المجتمع المصري، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض بشدة.

يرى بعض المقربين من النظام أن هذه الخطوة تعتبر ضرورية على طريق الإصلاح الاقتصادي الذي تسعى الحكومة لتحقيقه،

بينما يعتبر البعض الآخر أن هذه الخطوة قد تثقل كاهل المواطنين المصريين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الكثيرون.

يرى هؤلاء أن زيادة أسعار الخبز قد تزيد من الضغوط الاقتصادية على الفئات الأكثر فقراً وتعقيد معاناتهم اليومية، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية والاحتجاجات في الشارع.

في هذا السياق، أكد الحاج عبد الله غراب، رئيس شعبة الخبز بالاتحاد العام للغرف التجارية، على أهمية تحديث سياسة دعم رغيف العيش في مصر.

مشيرا إلى أن فكرة رفع الدعم عن رغيف العيش لم تحدث من قبل، بينما ارتفعت تكلفة إنتاجه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع أسعار القمح وتغيرات في التكاليف الإنتاجية.

عبد الله غراب
رئيس شعبة الخبز بالاتحاد العام للغرف التجارية

وأوضح غراب في تصريح خاص لموقع أخبار الغد أن سعر رغيف العيش الحر السياحي يبلغ حالياً 150 قرشاً، مقارنة بسعر رغيف العيش المدعوم الذي ثبتته الحكومة عند 125 قرشاً، مما يعكس الفارق الكبير بين التكلفة الحقيقية والسعر المدعوم.

وأكد غراب أن دعم رغيف الخبز يشكل النسبة الأكبر من إجمالي دعم السلع التموينية في موازنة العام المالي الحالي، مما يضع عبءاً كبيراً على ميزانية الحكومة المصرية.

وفي هذا السياق، يعتبر تحريك سعر الخبز خطوة ضرورية لتقليل حجم الدعم الرهيب وتحسين استدامة نظام الدعم التمويني في مصر.

في مقابل هذه الرؤية، أكد عبدالحافظ الصاوي، الباحث والكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أن الزيادات الحديثة في أسعار السلع الأساسية تمثل مجرد جزء من سلسلة إجراءات اقتصادية تندرج ضمن ما اعتبره “الخطوة الأخيرة” لفك عقد العلاقة الاجتماعية بين الحكومة والمواطن.

وأشار الصاوي في تصريحات خاصة لموقع أخبار الغد إلى أن السياسات الحكومية الحالية ترتكز على تقديم خدمات محدودة مقابل تحقيق أهدافها الاقتصادية، دون مراعاة الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية على المواطنين.

عبدالحافظ الصاوي
الباحث والكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية

وبناءً عليه، يرون البعض أن هذه الخطوات تجسد تغييرًا جذريًا في العلاقة بين الحكومة والمواطن، حيث تفقد الحكومة مسؤوليتها تجاه الشعب وتحمل المواطنين تكاليف الإصلاحات الاقتصادية.

وبالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يشير الصاوي إلى أن الزيادات المتكررة في أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الخبز، تسهم في تفاقم مشكلة الفقر في مصر.

وعلى الرغم من تصريحات الحكومة حول رفع الدعم عن بعض السلع لتحسين الوضع الاقتصادي، إلا أن هذه السياسات لا تزال تفاقم العبء على الفقراء والمحتاجين.

ويضيف الصاوي أن نسبة الفقر في مصر، التي تشير إليها بيانات البنك المركزي المصري، تبلغ 60٪ من الشعب المصري، مما يجعل الوضع الاقتصادي يزداد تفاقمًا، خاصةً مع عدم وجود مسوحات حديثة لمعرفة معدلات الفقر الحالية.

وفي ظل هذا السياق، يرى الصاوي أن تعتيم الحكومة على المعلومات وعدم الالتزام بالشفافية يزيد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية، مما ينذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن المصري في الوقت الحالي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى