حوارات وتحقيقات

إعلامي فلسطيني لـ “أخبار الغد”: عشتُ لحظاتٍ من الرعب والألم تفوق الوصف

الحياة اليومية تحولت إلى كابوس مستمر

في ظل الأحداث الدامية التي تعصف بقطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعودنا على الاطلاع على الأحداث من داخل القطاع عبر شهادات الأشخاص الذين عاشوا تلك التجارب المروعة. من هذا المنطلق، أجرى موقع أخبار الغد حوارًا صحفيًا مع سائد حسونة، إعلامي فلسطيني شهد على الكثير من الأحداث في قطاع غزة وتعرض للعديد من التحديات والمحن.

سنعيش من خلال هذا الحوار إلى قصة سائد حسونة، التي تروي لنا ما واجهها في رحلتها الصعبة، بدءًا من تجارب اعتقالها من جانب الاحتلال الصهيوني، وصولاً إلى معاناتها جراء ضرب منزلها واستشهاد زوجته وأولاده في الحرب الدائرة في المنطقة. سنلقي الضوء على تلك التجارب الصعبة وعلى الروح القوية التي يتحلى بها سائد حسونة، مما يسلط الضوء على الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة ويعكس قسوة الظروف التي يواجهونها يوميًا.

١. معاناتي من بداية الحرب على غزة وحصار الشمال

منذ بداية الحرب على غزة، عشتُ لحظاتٍ من الرعب والألم تفوق الوصف.

الحياة اليومية تحولت إلى كابوس مستمر، حيث القصف لا يتوقف، والدمار يحيط بنا من كل جانب.

كنت أسمع صرخات الأطفال والنساء في كل مكان، وأشعر بالعجز وأنا أرى منازل الناس تتهاوى أمام عيني.

الحصار على الشمال زاد من معاناتنا، حيث أصبح الحصول على الاحتياجات الأساسية كالماء والطعام والدواء أمراً بالغ الصعوبة.

كنا نعيش في خوف دائم من الغارات الجوية والاقتحامات البرية، وكانت حياتنا مهددة في كل لحظة.

٢. تعرضي كصحفي للاعتقال، ونفيي إلى رفح بعيداً عن أسرتي المحاصرة في غزة

بصفتي صحفي، كانت مهمتي هي نقل الحقيقة وتوثيق ما يحدث في غزة للعالم.

ولكن هذا الدور جعلني هدفاً للاعتقال من قبل قوات الاحتلال.

تم اعتقالي وتعرضتُ للتعذيب الجسدي والنفسي، قبل أن يتم نفيي إلى رفح، مما زاد من معاناتي.

كنت بعيداً عن أسرتي المحاصرة في غزة، وقلقي عليهم كان لا يفارقني.

لم أكن أستطيع التواصل معهم بسهولة، ولم أكن أعلم إذا كانوا بخير أم لا.

الشعور بالعجز عن حماية أسرتي والوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف القاسية كان يفوق أي ألم جسدي تعرضت له.

٣. استشهاد زوجتي وابني الأكبر، وترك أطفالي لوحدهم بالشمال في ظل الهجمة الشرسة من قبل الاحتلال

أعظم ألم مررت به كان استشهاد زوجتي الصحفية آمنة حميد، وابني الأكبر مهدي، في غارة غادرة على منزل في مخيم الشاطئ، هذا الحدث كسر قلبي وأغرقني في حزن لا يوصف.

شعرت أن حياتي قد توقفت، وأن كل ما كنت أعيش من أجله قد اختفى.

الأكثر إيلاماً كان ترك بقية أطفالي الخمسة لوحدهم في الشمال، في ظل الهجمة الشرسة من قبل الاحتلال.

كنت أعلم أنهم بحاجة لي، وأنهم يعانون وحدهم، وهذا جعلني أشعر بالعجز بشكل لا يُطاق.

حاولت جاهداً أن أجد طريقة لأكون معهم، لكن الظروف كانت أكبر مني.

٤. تدمير منزلي وفقدان معداتي وأدواتي الصحفية والفنية

إحدى أصعب اللحظات كانت عندما تم تدمير منزلي بالكامل في إحدى الغارات. هذا الحدث جعلني أخسر كل ما أملك من معدات وأدوات صحفية وفنية كانت ضرورية لعملي.

تدمير المنزل لم يكن فقط خسارة مادية، بل كان أيضاً خسارة لمكان مليء بالذكريات والأمان لعائلتي.

بات من الصعب جداً استئناف العمل دون الأدوات التي كنت أعتمد عليها، وكنت أشعر بأن كل جهد بذلته على مر السنين قد ذهب هباءً.

٥. الحرب وأثرها على عملي كصحفيّ وخبير تكنولوجي

الحرب لم تؤثر فقط على حياتي الشخصية، بل طالت عملي أيضاً. كصحفي، كان من الصعب الوصول إلى المعلومات وتوثيق الأحداث بسبب القصف المستمر والخطر الداهم.

التحديات التقنية كانت أيضاً هائلة، حيث كان هناك انقطاع دائم في الكهرباء والانترنت، مما جعل عملي كخبير تكنولوجي أكثر تعقيداً.

العديد من المشاريع توقفت، والزملاء والأصدقاء تعرضوا للاستشهاد وللأذى أو اضطروا لمغادرة البلاد.

ومع ذلك، كنت أحاول بكل ما أملك من طاقة أن أواصل العمل، لأنني كنت أؤمن بأن نقل الحقيقة هو سلاحنا الأقوى في مواجهة الظلم والعدوان.

٦. هل ترى أن ينتهي الصراع في قطاع غزة؟

إن الصراع في قطاع غزة هو قضية معقدة ومتشابكة تتداخل فيها عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية.

على الرغم من أن الأمل في حل هذا الصراع يجب أن يظل موجوداً، إلا أن الحل يتطلب جهوداً متواصلة من جميع الأطراف المعنية، والمجتمع الدولي، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين في غزة من خلال رفع الحصار والسماح بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنشيط دور المجتمع الدولي، الضغط على جميع الأطراف للالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتقديم الدعم المالي والفني لإعادة إعمار غزة وتحقيق السلام الدائم، في السياق الفلسطيني، المقاومة المسلحة تُعتبر جزءًا من النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.

دورها يمكن أن يكون معقدًا، حيث تُستخدم كوسيلة للدفاع عن النفس واسترداد الحقوق. ومع ذلك، يجب أن تتوجه الجهود نحو تحقيق أهداف المقاومة على المدى الطويل لضمان تحقيق سلام دائم وشامل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى