مقالات ورأى

أنطوان شلحت يكتب : حقائق إسرائيلية بشأن فشل هزيمة المقاومة

مقاربة نتنياهو الجارية تقتضي أن يكون الهدف الأول هو التخلص من حماس ثم تقديم بديل لـ “اليوم التالي”، واجتهادها ليست سوى حركة دعائية، تهدف إلى استغلال الوضع لتحقيق مكاسب سياسية عبر التظاهر بعدم تطابقه مع الموقف الأمريكي.

ربما النقطة الرئيسية التي تبرز أمامنا بعد تحول “كابينيت الحرب الإسرائيلي” خلال الفترة الأخيرة إلى جسم يعاني من الشك والريبة والانقسام والصراع الداخلي، هي فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب على قطاع غزة. ويعتقد العديد من المحللين في إسرائيل أن التصريحات العلنية والتصريحات المتبادلة بين أعضاء هذا الجسم، التي بدأت في مؤتمر صحفي عقده وزير الدفاع يوآف غالانت، وتباعت بالتعليقات المؤيدة والمعارضة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وصولاً إلى المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الأمن بيني غانتس، قد تشكل خطراً على أمن إسرائيل.

صحيح أن الفئة التي تعتبر أن إسرائيل هزمت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لا تزال قليلة، إلا أن هناك توافق شبه كامل على تلقيها ضربة قوية، وملفت للانتباه أنها لم تتعافَ فعلًا من ذلك الصدمة حتى الآن، وما زالت عالقة في ما يعرف بمصيدة استراتيجية على عدة جبهات قتالية.

الهدف الرئيسي الذي فشلت الحرب في تحقيقه بشكل أساسي هو القضاء على المقاومة الفلسطينية، خاصة حركة حماس، بهدف فتح المجال لإنشاء سلطة بديلة في قطاع غزة في أعقاب الصراع. ومن المهم أن نلاحظ، استنادًا إلى ما يظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الملاحظ الجديد يكمن في قبول عدم تحقيق هذا الهدف، كما يمكن أن تؤكد الوقائع التالية:

أولًا، أفادت صحيفة “معاريف” أمس في 21 مايو، بأن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان إلى إسرائيل، والتي شملت اجتماعات مع القادة السياسيين والأمنيين، كانت تهدف، بين أمور أخرى، إلى تبني وجهة نظر ثابتة للإدارة الأمريكية تقضي بعدم إمكانية هزيمة حماس عسكريًا، بل من خلال عرض بديل سياسي لها، وأن النهج الذي يتبعه نتنياهو بالتأكيد القضاء على حماس أولًا ثم عرض البديل “في اليوم التالي”، لا يعتبر سوى تكتيك علاقات عامة، ومحاولة استفزاز سياسي من خلال تظاهر عدم موافقته على الموقف الأمريكي.

ثانيًا، قبل عدة أيام، قدم نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يورام حيمو، استقالته احتجاجًا، وأشار في رسالة استقالته إلى أن تحقيق هدف إبعاد حماس عن السلطة في غزة يُعد هدفًا استراتيجيًا مهمًا جدًا لتأمين الحياة القريبة من إسرائيل، ولكن الطريق لتحقيق هذا الهدف طويل للغاية باستراتيجية الحالية، مما يثير شكوكًا في إمكانية تحقيقه على الإطلاق. ورغم أنه يعتبر الإنجازات في غزة أمورًا هامة، فإن تأثيرها الإيجابي قد استنفد “في اليوم التالي” للحرب.

ثالثًا، في الأسبوع الماضي، أصدر النائب في الكنيست عن حزب “الليكود”، أومير حليفي، بيانًا يرد فيه على تصريحات وزير الدفاع غانتس التي زعم فيها أن حماس لم تعد تؤدي واجبها كمنظمة عسكرية بعد تدمير جميع وحداتها. أكد حليفي، كعضو في لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في البرلمان، أنه يمكنه بناءً على التقارير الأمنية التي يتلقاها من كبار القادة العسكريين، أن يؤكد أن زعم غانتس ليس صحيحًا. وعبر حرفيًّا في بيانه: “تظهر الحقائق أن جميع تنظيمات حماس بمافي ذلك أجنحة كتائب القسام مستمرون في نشاطهم. لم تتوقف أية وحدة، ولا تنقصها قيادتها أو قادتها العسكريون. على الرغم من تدمير جزء من البنية التحتية، فإن الوضع ليس كما يُروّج بشكل كاذب. بالتأكيد، لم يتم تدمير أي وحدة بالكامل”.

أخيرًا، يجب الإشارة إلى أن مُحاولة واشنطن التعويض عن فشل إسرائيل في هزيمة حماس تواطأت فيها دول عربية والسلطة الفلسطينية لطرح بديل عن هذه الحركة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى