مقالات ورأى

د. نسيب حطيط يكتب: المقاومة الثقافية: لا نحارب إسرائيل … بل نحارب أميركا والغرب الاستعماري في فلسطين!

يعتقد البعض أن الصراع ينحصر بين محور المقاومة والكيان المسمّى “إسرائيل”، كما كان الصراع منحصرا بين مصر وسوريا واسرائيل او بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكنه في الحقيقة هو صراع بين الاستعمار الاميركي والغربي وقاعدته العسكرية والسياسية “إسرائيل” و قوى التحرر العربية والإسلامية ابتداء من ثوره القسام عام 36 الى حرب 48 الى حرب 67 ثم حرب 73 ثم الاجتياحات الإسرائيلية على لبنان .

إن إسرائيل ليست دولة، بل قاعدة عسكرية كبرى تم بناؤها وتأسيسها وفق النظرية القديمة للجيوش، حيث كانت تبنى بعض المدن لإيواء الجيش مع عائلاته والذي يتجمع عناصره من مناطق مختلفة وبعيدة عن اماكن ولادتها…وتكون وظيفة هذه القاعدة تجميع الجنود واهاليهم لاداء وظيفة طويلة الامد وليست ظرفية وهذا ما هو عليه الكيان الإسرائيلي (القاعدة الأمريكية_البريطانية) في الشرق الاوسط بديلا عن الاستعمار الفرنسي والانكليزي ونموذج استعماري جديد مع لفت الانتباه أن القواعد العسكرية الأمريكية الحديثة في العراق مثلا ، صار عمرها أكثر من 20 عاما اي مايقارب “ثلث” عمر القاعدة الأمريكية المسماة اسرائيل وهي جزء من منظومه القواعد العسكرية الأميركية التي تنتشر في العالم، لكنها لها صفة الدولة ،بينما القواعد العسكرية الاخرى تحكم الدول التي تستضيفها!

إن قتال إسرائيل يجب أن ينطلق من هذه النظرة والرؤية وأن القتال معها سيكون إسرائيليا لناحية التوصيف والجغرافيا ، لكنه في الحقيقة قتال مع اميركا وبريطانيا وكل الغرب الاستعمار وان قدرات اسرائيل العسكرية او الاقتصادية او المالية لا تقاس بالميزانية الإسرائيلية او الجيش الاسرائيلي وانما على اساس عديد الجيوش الأميركية والبريطانية والغربية(والعربية المطبّعة) وموازنات هذه الدول المالية يضاف اليها موازنات الدول العربية المطبّعة التي تتعهد “ارضاع” اميركا واسرائيل كرهاً او طوعاً!

إن إسرائيل ليست “دولة” وفق المصطلح القانوني وانما هي مشروع استعماري استثنائي لا حدود جغرافية له ولا يعترف بالقوانين الدولية او الأخلاقية او الإنسانية انه تموذج أميركي معاصر…يشبه “الإنكشارية” في الدولة العثمانية … ومنظمة “فاغنر” الروسية او “بلاك ووتر” الأميركية ،حيث تُكلف بمهام من جهات اعلى منها لتنفيذ المهمات التي لا تريد اميركا تحمل مسؤوليتها ولا يمكن للجيوش النظامية القيام بها !

  • استسلام الشعب الفلسطيني وقوى التحرر العربية والإسلامية وقبول الاستعباد ليكونوا مواطنين درجه ثانية او ثالثة(نموذج جنوب افريقيا قبل التحرر) كعمال وموظفين تحتاجهم دولة اسرائيل .
  • انتفاء دور اسرائيل في تامين مصالح اميركا والغرب، سواء بإيجاد البديل او بانتهاء عصر النفط والغاز في الشرق الاوسط بر تامين منتج “للطاقة” لهما او نفاد كميات النفط والغاز.

إن ما قامت به قوى المقاومة لمواجهة هذا المشروع الأميركي_الغربي يعتبر انجازا كبيرا ،سواء لجهة عرقلة المشاريع الأميركية المتعددة من صفقة القرن الى الربيع العربي الى الحروب الأهلية الى غزو العراق وغيرها ،بالتلازم مع تمكن قوى المقاومة من حفظ” رأسها” حتى الان مع عدم تكافؤ القوى والامكانيات والقدرات العسكرية والاقتصادية والسياسية .

إن أول مسمار في نعش الكيان الاسرائيلي كان من جنوب لبنان بفعل المقاومة الشعبية المسلّحة التي كانت اول نموذج مقاوم في الأراضي العربية المحتلة وعندها قال “جيمس بيكر” وزير الخارجية الأميركي الاسبق (بالنسبة “لإسرائيل” فالآن هو الوقت المناسب للتخلي – مرة واحدة وللأبد – عن الرؤية غير الواقعية لـ”إسرائيل” الكبرى، والتوقف عن ضم الأراضي ووقف النشاط الاستيطاني والسماح بإعادة فتح المدارس والتواصل مع الفلسطينيين، كجيران يستحقون حقوقًا سياسية ) وكان اول نعي لمشروع اسرائيل الكبرى او الوسطى… وأول تهديد حقيقي “لإسرائيل الصغرى”!

نحن نقاتل أميركا والغرب الاستعماري والعرب المطبّعون في فلسطين المحتلة المُسمّاة “إسرائيل الآن…. ولن تكون هذه الحرب قصيرة ، فقاعدة عسكريه أمريكية عمرها 70 عاما ،تحتاج لبعض الوقت لإزالتها او اقتناع اميركا بعدم القدرة للدفاع عنها وعندها سيتم اصدار الاوامر بإخلاء القاعدة العسكرية “إسرائيل” ولن تكون حربا سهلة بل صعبة وقاسية… وطويلة ومن مصاعبها ان يقاتلك “هوكشتاين” كجندي في الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان وتقاتله …وربما كان سيُقتل بعبوة مقاومة… ويعود ليفاوضك كموفد اميركي بربطة عنق …وربما يقتلك بعبوة سياسية أو أمنية….!

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى