لا أدري من يقف خلف حملة ادعاء الوطنية والتمسح بأعتاب العلم والواقع يقول أن الراية الوطنية لم يقع اهانتها منذ الاستقلال كما أهينت خلال الثلاث سنوات الماضية.
في الصورة المصاحبة رئيس البلاد يمسك العلم مقلوبا ولا أحد من أعضاء حكومته لاحظ ذلك أو نبهه لسقطته تلك التي دامت وقتا قبل ان يتدارك المصور ويطلب منه قلب اتجاه العلم. عجيب أن لا يعرف رئيس جمهورية كيف يتعامل مع علم البلاد ويمسكه مع العلم ان طريقة مسك العلم ومقاييسه محددة بدقة كبيرة ومن المفروض ان ذلك هو الدرس الأول في البروتوكول.
كنت سأصدق الرجل وتأثره لو أنه غضب لعدم احضار البروتوكول لعلم تونس في كثير من المناسبات واللقاءات لعل أشهرها لقائه مع السيسي في بروكسل أو حتى القاهرة. في لقاء بروكسل وصل الوضع أن سعت السفارة للبحث عن علم وحتى شرائه من السوق بعدما تشبث المسؤولون على البروتوكول المصريون احضار علم بلادهم على الطاولة في حين أن اللقاء تم ترتيبه على عجل وهذا لا يليق في العمل الرسمي. الحد الادنى كان ان يطلب إزالة العلم المصري عند تعذر احضار علم تونس وهو ما لم يحصل فاللقاء من المفروض انه بين بلدين لهما رموز تمثلهما.
كنت سأصدق دموع قيس سعيد لو أنه رفض سلوك رئيسة المفوضية الأوروبية التي أهانته علنا ونشرت على حسابها وحساب المفوضية صورة له تظهره من الخلف وهو في وضعية تقبل الدروس والأدهى أنه قبل بإهانة ثانية خلال زيارتها لتونس مع ميلوني ومع رئيس حكومة هولاندا وتعاملوا مع الرجل على أنه منفذ لمهام ومقدم لخدمات امنية لحماية أوروبا في غياب كامل لرموز الدولة ومسؤوليها.
كنت سأصدق الرجل لو انه اعتذر للتونسيين في اول زيارة رسمية له للخارج وارتمى في أحضان رئيس فرنسا وقبل كتفاه الاثنان في مشهد مقزز ومهين لتاريخ تونس والثوار الذين حاربوا فرنسا وأجبروها على مغادرة البلاد ومشهد تقبيل الاكتاف كانت تعتمده السلطات الفرنسية لإظهار الولاء والتبعية لها. يومها قلنا ربما نقص تجربة وعدم استماع لنصائح المحيطين، ولكن تعددت السقطات وقبل أن يضع ماكرون يده على كتفه مقدما إياه في قمة فرنسة افريقية في ندوة جانبية لا تليق بتونس ومكانتها، بل لم تتحرك الرئاسة والخارجية لإزالة صورة لماكرون وهو يعطي الأوامر لسعيد في قصر قرطاج بعد أن شارك في قمة الفرنكوفونية التي فرض تنظيمها على تونس بالشروط الفرنسية المهينة.
كنت سأصدق الرجل واتباعه لو أنه احتج على وزارة الخارجية الامريكية التي نشرت كتابيا لقاء له مع وزير خارجية أمريكا وأعطاه فيها تقريرا مفصلا مبينا له سبب عدم إيداع رئيس البرلمان الأستاذ راشد الغنوشي السجن لانه رجل كبير في السن وأكد له انه مسيطر على الأوضاع تماما كما يفعل أي رئيس مجموعة مسلحة تقدم خدمات لمن يطلبها.
نشر الخارجية الامريكية للقاء صوت وصورة وثم كتابيا فيه إهانة بالغة لتونس خاصة ان الرجل تحدث وأسهب بكلام غير مترابط ولا مفهوم لمدة تناهز ال 20دقيقة في مقابل 3 دقائق للجانب الأمريكي.
كنت سأصدق الرجل وأتعاطف مع دموعه لو انه اتخذ ما يلزم من قرارات عند رؤيته فشل كل زياراته للخارج إذا استثنينا زيارات التعزية. لم يحصل في تاريخ الديبلوماسية التونسية أن تعقد كل لقاءات رئيس البلاد في قاعة جانبية محاذية لمطعم الاتحاد الأوروبي وما يسبب ذلك من ضجيج وازعاج وعدم تركيز دونه بعض الوفود. هل طرح السيد قيس سعيد سؤالا لماذا اعتذرت جميع الوفود الأوروبية عن لقائه وتركت الدور القذر كما سماه أحد الكتاب لميلوني ورئيسة المفوضية وهي من الداعمين الرئيسيين للصهيونية في أوروبا والغرب.
كنت سأصدق الرجل لو علمت منه صدقا في السابق، ولكن كان وفي الكثير من المناسبات وعد وأخلف منها المشاركة في مؤتمر المسارات لدعم القضية الفلسطينية وأيضا عديد المناسبات الأخرى وحدث فكذب وهذا موثق صوت وصورة بدا بالتعامل مع القضاء أو مؤسسات الدولة المختلفة او في علاقة بالسيادة ثم انه اؤتمن فخان وقسم بالله على احترام الدستور ولم يفعل ووقع ائتمانه على الدولة ووحدتها وأمنها فلم يراع لا القانون ولا الدستور ولا الاخلاق ولا حتى حمية الجاهلية لنصرة المظلوم.
دموع الرجل هي فقط لاتباعه ومريديه ولتعفين الأجواء في البلاد من أجل تأجيل الانتخابات ومواصلة السطو على الدولة ومؤسساتها لهذا فهي دموع رياء ومخاتلة واستبلاه للناس واستحمار للشعب.