د. أيمن الرقب لـ”أخبار الغد”: قرار حل الدولتين أمر غير مرغوب فيه داخل الأوساط الدولية
في حوار خاص لـ موقع أخبار الغد مع د. أيمن الرقب أستاذ علوم السياسية لجامعة القدس حول القرارات الدولية والعربية في حق نصرة القضية الفلسطينية
في بداية كيف تري قرار حل الدولتين؟
حل الدولتين كفكرة وُجدت مع قيام دولة الاحتلال، عندما شرعن قرار التقسيم «181» فى ٢٩ نوفمبر عام ١٩٤٧، حيث قسّم فلسطين إلى دولتين، دولة يهودية على مساحة ٥٢ بالمائة من أرض فلسطين، ودولة عربية على ٤٦ بالمائة من أرض فلسطين، وتدويل ٢٪ مساحة مدينة القدس.
ولكن فى عام 48، قامت دولة المحتل باحتلال ٧٨٪ من أرض فلسطين التاريخية، ثم أكمل احتلال باقى فلسطين عام 67 دون أن يرفض المجتمع الدولى إجراءاته التى تخالف قرار التقسيم.
بعد أن دخل الفلسطينيون عام ١٩٩٣ اتفاق أوسلو مع الاحتلال الإسرائيلى ووافقوا على الدخول فى حكم ذاتى، كان هذا بمثابة تغيير فى الموقف الفلسطينى، الذى رفض هذا العرض فى كامب ديفيد عام ٧٩.
هذه الموافقة الفلسطينية كانت بتشجبع عربى، وحسب الاتفاق حينها، فإن «أوسلو» فى نهايته قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧، بما فيها القدس الشرقية، وبعد ذلك رغم إخفاقات «أوسلو» أصبح الموقف الفلسطينى أساس الحل، وأصبحت لاحقاً بمثابة المبادرة العربية للسلام التى طُرحت فى قمة بيروت عام ٢٠٠٢، فى حينه كان «أبوعمار» محاصراً، وكانت أحداث ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١، وأراد العرب أن يقدّموا أنفسهم للعالم بأنهم دعاة سلام، ومن المفارقات التاريخية أن من عرض هذه المبادرة فى قمة فاس عام ٨٢ كان الأمير عبدالله بن سعود، وفى عام ٢٠٠٢، كان هو خادم الحرمين، وبالتالى أصبحت هذه الرؤية هى رؤية عربية شاملة.
هل الإحتلال الإسرائيلى اهتم بهذا الأمر ؟
للأسف لم يقدر ذلك، ولا الأمريكان، قال الاحتلال إنها لا تستحق الحبر الذى كُتبت به على لسان رئيس وزراء الاحتلال حينها «شارون»، وبالعكس استمر فى هجومه على الشعب الفلسطينى والقيادة الفلسطينية. وكان «أبوعمار» محاصراً حتى تم اغتياله، أو تسميمه.
هنا أعتقد أن المرحلة دخلت منحنى آخر وبدأ الفلسطينيون حينها يطالبون بحل الدولتين، والأمريكان والأوروبيون يقولون الحل الأوحد هو حل الدولتين، الآن أنا أقول إن حل الدولتين أصبح شبه مستحيل، لماذا؟
لأن الاحتلال توغل فى الضفة الغربية بشكل كبير جداً، فهو يسيطر بناءً على اتفاق أوسلو على أكثر من ٦٥٪ سيطرة أمنية وإدارية، وهى مناطق «سى» أو مناطق «جيم». ويسيطر أمنياً على قرابة أيضاً ٢٢٪ من مساحة الضفة الغربية، وبالتالى يكون ما بقى مع السلطة لا يتجاوز ١٥٪ من مساحة الضفة الغربية تسيطر عليها أمنياً وإدارياً، ورغم كل ذلك يدخل الاحتلال هذه المناطق ويقوم بالاغتيال والاعتقال للشبان الفلسطينيين، كما أن عدد المستوطنات التى بُنيت منذ بداية أوسلو حتى الآن كبير جداً.
المستوطنون الذين خرجوا من غزة ذهبوا إلى الضفة الغربية، طبعاً تضخّمت المستوطنات فى الضفة الغربية، وأصبح عدد سكانها يقترب من ٧٠٠ إلى ٨٠٠ ألف، والمستوطنات زادت بشكل كبير جداً، ويقال إن المستوطنات والكتل الاستيطانية الصغيرة والكبيرة تصل بمجملها إلى ما يقارب ٣٥٠ مستوطنة، المستوطنات المركزية تقريباً ١٧٠ مستوطنة، لكن هناك أيضاً كتل استيطانية صغيرة، وحتى من نصب خيمة يصنّفها الاحتلال بأنها جزء من تكتّل استيطانى جديد.
هل سوف تنفذ عملية حل الدولتين ؟
اعتقد القرار صعب للغاية في قضية حل الدولتين حل الدولتين الآن أصبح صعباً لأمرين، أن فكرة حل الدولتين بالأساس على حدود الرابع من يونيو عام ٦٧، لم تدرس التواصل الجغرافى بين غزة والضفة الغربية وهو شبه مستحيل، لأن أقرب مسافة بين غزة والضفة الغربية هى ٢٠ كيلومتراً بين بيت حانون ومنطقة الظاهرية فى الخليل، وبالتالى الوصل الجغرافى بين غزة والضفة شبه مستحيل، وكل المعالجات التى طُرحت بين نفق وطريق آمن باءت بالفشل، الأمر الثانى هو وجود المستوطنات، خاصة الكبرى منها، فقد عرضت حلول من الجانب العربى عام ٢٠١٧ بتعديل حدود دولة الاحتلال من خلال أن تضم كتلاً استيطانية كبيرة، مقابل أن يمنح الفلسطينيون مساحات أخرى تُضاف إلى الضفة الغربية أو فى غزة، وكان الميل إلى توسيع غزة من باب معالجة الأزمة السكانية.
ومتابعة لما حدث بعد ذلك، إسبانيا على سبيل المثال طلبت من دول أوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والزخم الأوروبى مهم جداً، ولدينا أكثر من 140 دولة تعترف بنا، ودول أخرى ستعترف بنا، رغم تحريض الاحتلال الإسرائيلى بأن أى اعتراف أو دعم للفلسطينيين فى ظل هذه الظروف هو «دعم للإرهاب»، لكن كما نقول فإن هذا الأمر (والفيتو الأمريكى) ليس نهاية المطاف، وبالإمكان التقدم بطلب ثانٍ وثالث ورابع حتى نحصل على حقنا وعضويتنا الكاملة بالأمم المتحدة، وهذا حق يمنحنا إياه القانون الدولى.
ما الآثار السياسية والقانونية لمساعى الاعتراف من جانب واحد بالدولة الفلسطينية، سواء من جانب دول أو الأمم المتحدة؟
عندما نسعى للحصول على عضوية كاملة فى الأمم المتحدة، فإن ذلك يُحقق هدفين، أولاً: تحقيق انتصار معنوى للشعب الفلسطينى، بأننا أصبحنا إعلامياً ومعنوياً دولة فى الأمم المتحدة.
وثانياً، وهو السبب الذى يجعل الإسرائيليين يخشون من أن نحصل على عضوية كاملة، وهو أننا سنبدأ بمحاكمة الاحتلال ومقارعته دبلوماسياً فى المكان الذى شُرعن به الاحتلال وهو الأمم المتحدة، وسنطالب العالم بأن ينفذ الشق الثانى من قرار التقسيم.
ونقول إن هناك دولة عضواً بالأمم المتحدة، هى إسرائيل تحتل أراضى دولة أخرى عضو فى الأمم المتحدة هى فلسطين.
ونطالب بترسيم الحدود بيننا، وهنا سيكون بيننا وبينهم محاكم، وسيتعين تحديد على أى قرار سيتم الترسيم، هل على أساس قرار التقسيم رقم 181 أم قرار وقف إطلاق النار 242، وهنا ستكون لدى الاحتلال مشكلة، وإذا أقرت حتى حدود الدولة على أساس قرار 242 سيكون مطلوباً من الاحتلال الانسحاب من هذه الأراضى.
وسنطالب لاحقاً بأن يتم إصدار قرارات استناداً إلى الفصل السابع وهو استخدام القوة لإلزام أى طرف يفسد هذا الأمر وينشر الخلل فى السلم والأمن الدوليين.
ولذلك الاحتلال يسعى لإجهاض هذه المحاولة، لكن إذا حصلنا على العضوية الكاملة فهذا بالفعل سيكون بمثابة انتصار سياسى وحراك دبلوماسى، قد يطول سنوات ولكن بالتأكيد سيكون إيجابياً
هل سوف سكون هناك احتمالية من خروج الاحتلال الصهيوني من الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
أعتقد إلزام الاحتلال بالخروج من الضفة الغربية والقدس بالتحديد سيكون الأمر الصعب، وهذا الإجراء يحتاج إلى إجراءات دولية كبرى، العالم الذى صمت عندما احتل الاحتلال ٧٨ ٪ من أرض فلسطين التاريخية وتجاوز كل القرارات الشرعية الدولية، أعتقد الآن فى هذه الأجواء من الحرب كل محاولات الحديث عن حل الدولتين أعتقد هى إضاعة للوقت وإضاعة للجهد
في النهاية ما الذي سوف يعيق مسألة حل الدولتين مؤخرا ؟
الآن لدينا مشكلة كبيرة جداً، وهى أن المستوطنات تعيق حل الدولتين بشكل كبير جداً، وعدم قناعة حكومة الاحتلال بأى حل سياسى مع الفلسطينيين أيضاً يعيق حل الدولتين، وبالتالى حل الدولتين أصبح الآن صعباً.
وأرى أن الأفضل أن تُعاد دراسة رؤية جديدة، أما إعادة تقسيم فلسطين بطريقة تحديث التواصل الجغرافى أو الحديث عن قيام دولة واحدة، ثنائية القومية يتساوون فيها بالحقوق والواجبات