أخبار العالمترجمات

ميدل إيست آي: تجميد طلبات اللجوء يترك أكثر من 100 ألف سوري في أوروبا بلا مستقبل واضح

يواجه أكثر من 100 ألف سوري مشاكل حقيقية في مواصلة حياتهم كالمعتاد بعد أن أوقفت المملكة المتحدة وعدة دول أوروبية طلبات اللجوء الخاصة بهم عقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد.

وكانت العديد من الدول، بما فيها ألمانيا، التي تضم أكبر عدد من السوريين خارج الشرق الأوسط، قد جمّدت طلبات اللجوء بعد أيام من سيطرة الثوار على دمشق في ديسمبر/كانون الاول 2024.

وخلال الأشهر التي تلت ذلك، عُيّن أحمد الشرع، قائد “هيئة تحرير الشام” المعارضة، رئيسًا انتقاليًا لسوريا، ووُقّع دستور مؤقت لانتقال الحكم الوطني بخطة من خمس سنوات.

وتواجه سوريا أوضاعاً مضطربة حالياً، حيث تعمل قوات الاحتلال على استهداف أراضيها بمئات الغارات الجوية بشكل متواصل، كما استولت على أجزاء من مرتفعات الجولان، في حين اندلع عنف طائفي في الأسابيع الأخيرة، ولم يتم احتواؤه بالكامل.

ولا تزال العقوبات الدولية المفروضة على سوريا قائمة إلى حد كبير، على الرغم من أن المملكة المتحدة رفعت يوم الخميس العقوبات المفروضة على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين ومجموعة من وكالات الاستخبارات السورية.

وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هيئة تحرير الشام تصنف باعتبارها منظمة إرهابية من قبل المملكة المتحدة والأمم المتحدة ودول أوروبية أخرى.

ويحذّر طالبو اللجوء والمدافعون عن حقوق السوريين من أن العودة إلى البلاد ليست آمنة، لكن تحذيراتهم لم تأت بنتائج بعد، إذ لم يتضح بعد موعد دقيق لاستئناف عمليات تقديم طلبات اللجوء أو ما إذا كان تقديم هذه الطلبات سيُستأنف من الأساس.

وتساءل عبد العزيز الماشي، مؤسس حملة التضامن مع سوريا ومقرها المملكة المتحدة، والتي تتلقى اتصالات من سوريين يبحثون عن المساعدة “كيف يُمكن أن تكون سوريا اليوم في حال أفضل وهي لا تزال تحت العقوبات؟”.

وأضاف في تساؤلاته: “وكيف يمكن أن تكون أفضل دون حكومة منتخبة من الشعب حتى اليوم؟ وكيف يُمكن أن تكون سوريا أفضل والموالون للأسد مازالوا موجودين؟ وكيف يمكن أن تكون أفضل فيما يُواصل الاحتلال اعتداءاته عليها؟”.

“صفعة على الوجه” وبالعودة إلى طالبي اللجوء والمتضررين من القرارات الأوروبية بتعليق الطلبات، فقد كانت سلمى وزوجها ينتظران قراراً من وزارة الداخلية البريطانية في ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد عام من تقديمهما طلب اللجوء في المملكة المتحدة.

لكن حدث ما لم يكن في الحسبان قبل أن يتلقيا الرد على طلبهما، لقد تحررت سوريا من حكم عائلة الأسد الذي دام 53 عامًا، حيث سيطر الثوار على دمشق وهرب بشار الأسد.

وقالت سلمى، وهي مستشارة سورية في مجال التصميم الجرافيكي: “كنا سعدا لكن خائفين، وغير متأكدين مما سيحدث لنا، بدا الأمر وكأن كل الصدمات التي تراكمت في حياتنا بدأت بالخروج”.

غادرت سلمى وزوجها سوريا خلال الحرب، فسافرا إلى تركيا، حيث عاشا معًا لما يقرب من ثلاث سنوات.

وفي فبراير/شباط 2023، كانا يعيشان في جنوب شرق تركيا عندما ضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة البلاد، مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص في تركيا وسوريا.

بعد ذلك، انتقلت سلمى وزوجها إلى المملكة المتحدة حيث كانا يأملان في بدء حياة جديدة ومستقرة وآمنة، لكن هذه الآمال تلاشت بعد أن أعلنت وزارة الداخلية تجميد طلبات اللجوء السورية في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويُعدّ الزوجان من بين 7000 سوري ينتظرون قراراً بشأن طلبات لجوئهم المُعلّقة، مما يؤثر على حقهم في العمل واستئجار المنازل والدراسة في المملكة المتحدة.

“عندما اتُخذ قرار وقف النظر في طلبات اللجوء شعرتُ بصدمة، لقد أعادني ذلك إلى لحظة الزلزال، لقد تبخرت فرصة زوجي في الحصول على الدكتوراه، وضاعت فرصتي في التقدم للحصول على الماجستير أيضاً” – سلمى، مصممة جرافيك سورية وطالبة لجوء في المملكة المتحدة

كان الزوجان أيضًا بصدد التقدم بطلب للحصول على تمويل لمواصلة تعليمهما، على أمل أن يحصلا على وضع اللاجئ بحلول موعد تقديم طلباتهما، لكن سلمى قالت: “كي نكون مؤهلين للحصول على هذا التمويل كان علينا أن نكون لاجئين”.

وردًا على أسئلة من موقع ميدل إيست آي حول قرار إيقاف الطلبات والخطط الخاصة بالسوريين في المملكة المتحدة الذين لا يملكون خيار العودة، اكتفى متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية بالقول إن الحكومة لا تزال تُقيّم الوضع.

وأضاف المتحدث: “نُراجع باستمرار جميع إرشادات الدول المتعلقة بطلبات اللجوء حتى نتمكن من الاستجابة للمسائل الناشئة”.

سنوات ضائعة ومثل المملكة المتحدة، علّقت ألمانيا والنمسا وإيطاليا وفرنسا واليونان والسويد معالجة طلبات اللجوء السورية فور سقوط الأسد.

وليس من الواضح بالضبط عدد طلبات اللجوء السورية التي تأثرت بهذه القرارات في جميع دول الاتحاد الأوروبي، لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قدّرت العدد بأكثر من 100,000 طلب.

ففي ألمانيا وحدها، تأثر أكثر من 47,270 طلباً بقرارات التعليق بما في ذلك طلب قدمته هيا التي درست الهندسة المعمارية في سوريا، لكنها انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة بعد أن فقدت أفراداً من عائلتها في الحرب داخل سوريا.

وفي عام 2021، انتقلت هيا إلى ألمانيا على أمل الحصول على درجة الماجستير في الهندسة المعمارية والعمل في هذا المجال.

لكن دراستها تأخرت بسبب طلاقها ومرضها، وبمجرد انتهاء صلاحية تأشيرة الدراسة، لم يكن أمامها خيار سوى التقدم بطلب لجوء، فحصلت على تصريح إقامة لمدة ستة أشهر، انتهى صلاحيته وجُدد حتى سبتمبر/أيلول 2025.

لذا، تواجه هيا الآن ضغوطًا لتمديد إقامتها أو إيجاد عمل، ولا ترى كيف يمكنها العودة إلى وطنها، حتى عندما كانت تحتفل مع آخرين بسقوط الأسد.

“من المستحيل التفكير في العودة إلى البلاد خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة، أريد أن أؤسس حياتي هنا، في النهاية، انتقلت وتعلمت اللغة، لذا ليس من المنطقي ألا أكتسب الخبرة، ستشعر وكأنك أضعت سنوات عمرك” – هيا، طالبة ماجستير وطالبة لجوء سورية في ألمانيا

ويعيش معاذ أيضًا في حالة من الغموض في ألمانيا، حيث يدرس العلوم البيئية هناك منذ عام 2023، حيث غادر سوريا إلى تركيا عندما تمكن والده، الذي كانت تربطه علاقات بجهات معارضة للأسد من إخراجهم من البلاد.

وبالنسبة لمعاذ أيضاً، فقد انتهت صلاحية تصريح إقامته الحالي في ألمانيا في مارس/آذار، وجرى تمديد إقامته في أبريل/نيسان لثلاثة أشهر أخرى، لكنه لا يعلم ما سيحدث بعد ذلك.

وقال معاذ: “من الطبيعي أن يُعيدوا دراسة طلباتنا، لكن ذلك مستمر منذ أربعة أشهر دون أن نتلقى أي أخبار منهم، إنهم لا يتواصلون معنا”.

وأضاف: “صحيح أن الأسد قد رحل، لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة على الحياة في سوريا، وأنا الآن أعيش في حالة من عدم اليقين ولا أعرف ما يحدث”.

وفي ردٍّ صادر عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، قال المكتب إنه لا يزال بإمكان السوريين التقدم بطلبات اللجوء، لكن السلطات لن تتخذ قرارات بشأنها، واصفاً الوضع بعد سقوط الأسد بأنه “متغير ومربك ويصعب تقييمه”.

وأضاف: “سيتم تأجيل القرارات المتعلقة بطالبي اللجوء من سوريا، والتي تأخذ في الاعتبار أيضًا المعلومات المتعلقة بالوضع في سوريا، حتى إشعار آخر”.

ويُجري المكتب الاتحادي مراجعةً مستمرةً للوضع في سوريا، وسيستأنف معالجة إجراءات اللجوء المعنية حالما تزول أسباب التأجيل، ولا يُمكن حاليًا التنبؤ بموعد إجراء تقييمٍ فعّالٍ للوضع بموجب قانون اللجوء.

في مواجهة حالة عدم اليقين وبالعودة إلى عبد العزيز الماشي، فقد أكد أن حملة التضامن مع سوريا تحث السوريين المقيمين في الخارج على مواصلة التعبير عن آرائهم، رغم حالة عدم اليقين التي يواجهونها الآن.

وتعرف حملة التضامن كمبادرة شعبية تُقدم دعمًا قانونيًا مجانيًا من خلال محامين متطوعين، حيث قال الماشي: “نطلب من السوريين، إذا سمعتم عن احتجاجات بشأن حقوق اللاجئين، انضموا إليها، وإذا سمعتم عن مظاهرة، انضموا إليها”.

وأضاف: “لا تخافوا، اخرجوا وتحدثوا بصوت عالٍ، لأنكم أشخاص من حقهم أن يكونوا لاجئين، سوريا غير آمنة أمنيًا واقتصاديًا وظروفًا معيشية”.

وبالنسبة لسلمى، فإن من الصعب تجاوز ما عانته في سوريا تحت قيادة الأسد ومن الزلزال المدمر في تركيا، ومع ذلك فإنها تواجه وحدها احتمال العودة إلى أي من البلدين، وهذا ليس خيارًا بالنسبة لها.

وقالت سلمى: “العنصرية التي واجهناها في تركيا لا تقل قسوة عن الحرب، بالإضافة إلى ذلك، فإن الزلزال يجعل العودة إلى ذلك البلد أمرًا بالغ الصعوبة”.

ورأت أنه يجب ألا تضع القوانين في الاعتبار فقط ما إذا كان الخطر قد زال من بلد مثل سوريا، بل أيضًا تأثير الأوضاع على الأشخاص “الذين يهاجرون باستمرار”، وقالت: “كل بداية أصعب، هذا زمنٌ ضاع من حياة الناس، وأشعر أن لا أحد يدرك مدى صعوبة البدايات”.

ملاحظة: تم تغيير أسماء المتحدثين في مقابلات هذا التقرير ضمن إجراءات حماية الخصوصية

المصدر ميدل إيست آي (هنا)

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى