ميدل إيست أي : الأمم المتحدة: نحو ربع سكان غزة نزحوا منذ تقويض الاحتلال لوقف إطلاق النار

أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الجمعة أن حوالي 500 ألف فلسطيني في غزة نزحوا حديثًا منذ انتهاك دولة الاحتلال لوقف إطلاق النار الشهر الماضي.
وأشارت الوكالة في منشور على منصة X، إلى أن سلسلة أوامر الإخلاء التي أصدرتها سلطات الاحتلال حرمت الفلسطينيين من الوصول إلى مساحة تقل عن ثلث مساحة قطاع غزة، مبينةً أن المساحة المتبقية “مجزأة وغير آمنة وبالكاد صالحة للعيش”.
وقد وردت هذه التصريحات في الوقت الذي قصف فيه جيش الاحتلال يوم الجمعة منطقة المواصي المُعلنة “منطقة آمنة” في مدينة خان يونس جنوب غزة، مما أسفر عن استشهاد عائلة مكونة من خمسة أفراد.
ورغم تصنيف سلطات الاحتلال لمنطقة المواصي كمنطقة إنسانية، إلا أنها قصفتها بشكل متكرر طوال فترة الحرب، حيث أسفرت غارة يوم الجمعة عن استشهاد إبراهيم أبو طعمة، وزوجته هنادي، الحامل في شهرها الرابع، وابنيهما وابنتهما، وفقًا لقريبه رامي أبو طعمة.
وقال رامي لموقع ميدل إيست آي عن قريبه رب الأسرة الذي استشهد في القصف: “كان مدنياً عادياً، الحمد لله، كان خبر وفاته مفجعًا للغاية، وقد أثر فينا كعائلته،
“كان صديقًا للجميع، وكان يحب فعل الخير، ولم يرفض طلباً لأحد قط، لقد استُهدف أطفال أبرياء بدم بارد في هذا القصف” – رامي أبو طعمة، مواطن فلسطيني من قطاع غزة
وأعرب رامي عن استهجانه لتسمية جيش الاحتلال بعض المناطق في قطاع غزة بـ”المناطق الآمنة”، لا سيما في ضوء الهجمات المستمرة على المدنيين الذين يلتمسون المأوى هناك، وقال: “هذا خرق للقانون، حتى الأطفال الأبرياء استُهدفوا بدم بارد”.
من جهتها، قالت والدة إبراهيم أبو طعمة وهي تبكي أن “أحفادها الصغار” لقوا حتفهم في الخيمة، مضيفة: “الله ييسر عليهم، الله ييسر عليك يا ولدي إبراهيم، حسبي الله ونعم الوكيل”.
وفي وقت سابق من هذا العام، نشرت منظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان تقريرًا يُسلّط الضوء على مساهمة “أوامر الإخلاء” وإنشاء “مناطق آمنة” فيما وصفته بحملة إبادة جماعية في غزة.
وتحت عنوان “كيفية إخفاء إبادة جماعية: دور أوامر الإخلاء والمناطق الآمنة في حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة”، ذكر التقرير أن “فظائع جماعية تقع وسط أوامر إخلاء منتظمة تُلزم جميع سكان الشمال بالتحرك جنوبًا فورًا حتى تتمكن سلطات الاحتلال من إعادة توطين المنطقة”.
وأضافت منظمة الحق أنه “على الرغم من أن الاحتلال هو من أنشأ المناطق الآمنة من جانب واحد، إلا أن قواته تستهدفها بشكل روتيني، وتستهدف كذلك الطرق التي أوعزت للفلسطينيين النازحين قسرًا باستخدامها أثناء نزوحهم بحثًا عن الأمان الذي لا يتوفر.”
“رؤية ابنك يحترق” وقتلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 78 فلسطينيًا بين الخميس والجمعة، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.
وقال جمال الطويل، وهو نازح فلسطيني، لموقع ميدل إيست آي إنه استيقظ فجأةً الساعة 2:30 فجراً بتوقيت فلسطين عندما هاجمت مسيرات الكواد كابتور خيامهم، فهرع لإيقاظ زوجته وأطفاله بينما كانت النيران تلتهم الخيام التي تؤويهم.
وأضاف: “استيقظت ظنًا مني أنني في حلم، وقد أحاطت بي النيران والدخان، فاستيقظت ووجدت الخيمة تحترق”.
وعندما التفت الطويل إلى زوجته ليطمئن على الأطفال، أدركوا أن ابنهم الأصغر البالغ من العمر ثلاث سنوات فقط قد تُرك في الخيمة، ظانّين خطأً أنه قد تم إجلاؤه بالفعل.
“عدت إلى الخيام، فوجدته متفحماً، عدتُ لأجد النار تأكله، لقد حُرم الأطفال من كل شيء، حتى الأمان، تخيل أن ترى ابنك يحترق أمامك دون أن تتمكن من فعل شيء لإنقاذه، حسبي الله ونعم الوكيل”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 51,400 فلسطيني في غزة، من بينهم أكثر من 15,000 طفل.
ووفقًا للأونروا، يواجه النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة “مخاطر بيئية وصحية عامة متزايدة”، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وسوء الصرف الصحي، وتراكم النفايات، مما أدى إلى انتشار الحشرات والبراغيث والقوارض.
وقالت الوكالة في وقت سابق من هذا الأسبوع: “المؤن تنفد بسرعة، والنزوح مستمر، والبقاء على قيد الحياة يوميًا أصبح صراعًا”.
وكان الدكتور أحمد الفرا، مدير مستشفى التحرير لطب الأطفال والولادة في مجمع ناصر الطبي، قد حذر في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن الأطفال الفلسطينيين يواجهون “أشد مراحل سوء التغذية”.
وفي بيان نشرته وزارة الصحة الفلسطينية، أشار الفرا إلى أن نقص الأدوية وحليب الأطفال يُعيق إجراء الفحوصات الطبية، وأن “قطاع غزة يعاني من المرحلة الخامسة من سوء التغذية، وهي أشد مراحله وفقًا لمنظمة الصحة العالمية”.
وحذرت الوزارة أيضاً من أن نقص التغذية والأدوية الكافية للنساء الحوامل سيُخلّف عواقب وخيمة على المواليد الجدد، معتبرة أن “استمرار حصار إمدادات الغذاء والدواء يُشير إلى أن أطفال قطاع غزة يواجهون وضعاً خطيراً وكارثياً”.
وقد تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة نتيجةً للتوقف شبه التام لإيصال المساعدات بعد أن فرضت دولة الاحتلال حصاراً شاملاً الشهر الماضي مهددة باستمرار فرضه على القطاع.
ووفقاً لتقرير صادر عن موقع “والا” الإخباري العبري فإن جيش الاحتلال غير مُبالٍ بتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، وقد مرّ 53 يوماً دون تلقي القطاع أي مساعدات إنسانية منذ فرض الحصار.
وقالت مصادر في القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال، في حديثها لموقع “والا”، إنه “خلال أسبوعين، ستبدأ أزمة كبيرة في قطاع غزة تتعلق بالغذاء والمعدات الطبية والأدوية”.