ملفات وتقارير

حرب المياه تقترب: تصعيد باكستان والهند يكشف ضعف مصر في أزمة سد النهضة

في الوقت الذي تزداد فيه التوترات بين باكستان والهند بسبب قضية المياه التي تعود إلى نهر السند، يبرز سؤال مهم حول كيف يمكن مقارنة تعامل مصر مع قضايا المياه الدولية.

خصوصًا في ظل الأزمة المتفاقمة مع إثيوبيا بسبب سد النهضة، الذي يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي المصري.

موقع “أخبار الغد“، يستعرض آراء مختصين، خبراء، ومواطنين من مختلف المجالات للتعرف على الفروقات الجوهرية في التعامل مع الأزمات المائية بين باكستان ومصر، ونسلط الضوء على تأثير هذه السياسات على مستقبل الشعبين.

التوترات بين باكستان والهند: حرب المياه على الأبواب؟

أكد الدكتور محمد عبدالله، أستاذ العلاقات الدولية في إحدي الجامعات، أن “التصعيد الأخير بين الهند وباكستان بشأن المياه يشير إلى خطورة وضع ملف المياه بين الدول المتجاورة في جنوب آسيا”.

وأوضح عبدالله أن الأزمة بين البلدين قد تصل إلى نقطة اللاعودة، خاصة بعد تهديدات باكستان بأنها ستعتبر أي محاولة لتعليق معاهدة تقسيم مياه نهر السند بمثابة إعلان حرب.

وأضاف عبدالله: “بخلاف الأبعاد العسكرية والسياسية، فإن الأمر يضر أيضًا بالاستقرار الإقليمي، فالمياه أصبحت بمثابة سلاح في يد الدول التي تملك مصادرها الحيوية”.

وفي إطار نفس القضية، أشار الناشط الحقوقي أحمد يوسف، المتخصص في الشؤون الدولية، إلى أن “الهند تتبع سياسة ضغط مستمر على باكستان بشأن المياه، خاصة بعد أزمة كشمير الأخيرة”.

وأوضح يوسف أن الهند تحاول استخدام القوة الاقتصادية والدبلوماسية في تهديداتها لمراجعة اتفاقيات المياه، وهو ما يهدد بشكل مباشر أمن باكستان.

أزمة المياه في مصر: “هل من يجيب على نداء الشعب؟”

في مصر، تعتبر قضية المياه من أهم القضايا الوطنية التي تمس حياة الملايين. وبالرغم من أهمية نهر النيل الذي يمثل مصدر الحياة الوحيد لمصر، لا تزال الحكومة المصرية تتبع سياسة “السكوت” أو “التعامل الناعم” تجاه ملف سد النهضة الإثيوبي، وهو ما يعتبره الكثير من الخبراء تهديدًا لمستقبل البلاد.

قالت الدكتورة ليلى سعيد، أستاذة التنمية المستدامة في إحدي الجامعات “تتعامل الحكومة المصرية مع قضية سد النهضة وكأنها مشكلة غير قابلة للحل، وأعتقد أن هذا الصمت هو بمثابة القبول بالواقع المؤلم. يجب أن تكون هناك تحركات أكثر فاعلية من قبل الدولة لحماية حقوق الشعب المصري في مياه النيل”.

من جانبه، أكد المهندس هشام عبد الفتاح، خبير الموارد المائية، أن “الحل الوحيد لمواجهة أزمة سد النهضة يكمن في تطوير استراتيجيات طويلة المدى لحل الأزمة مع إثيوبيا، بالإضافة إلى تعزيز مشاريع تحلية المياه في مصر، حيث إن التهديد الإثيوبي لا يزال قائما، ويجب على الحكومة التعامل معه بشكل أكثر جدية”.

مقارنة التعاملات: ماذا يمكن لمصر أن تتعلم من باكستان؟

أشار الدكتور محمد عبدالله أستاذ القانون الدولي إلى أن “باكستان اتخذت نهجًا حادًا في التعامل مع الهند فيما يخص المياه، وهو ما يختلف تمامًا عن السياسة التي تتبعها مصر”. وأوضح أن باكستان لم تتردد في تهديد الهند بالحرب، وهو ما يعكس فهمها العميق لحساسية القضية.

في المقابل، يرى الدكتور محمد يوسف أستاذ النظم السياسية أن “السياسة المصرية تجاه ملف المياه لا تزال تفتقر إلى الفاعلية، وأن هذا الصمت على تهديدات إثيوبيا قد يجعل الأمور تتجه إلى الأسوأ”.

وأشار المهندس مصطفى الشامي، خبير التنمية الزراعية، إلى أن “باكستان تتمتع بقدرة على الضغط الدولي، بينما مصر لم تظهر حتى الآن أي تحرك جاد على المستوى الدولي لمواجهة الخطر الإثيوبي”.

قلق الشارع المصري: مخاوف متزايدة من أزمة المياه وانعدام الحلول

في الشارع المصري، يزداد قلق المواطنين يومًا بعد يوم من خطر نقص المياه. تقول فاطمة سعيد، ربة منزل من القاهرة: “نحن في حالة من القلق الشديد، كلنا نعرف أن مصر تعتمد على نهر النيل بنسبة 98%، وإذا لم تتحرك الحكومة سريعًا لحل أزمة سد النهضة، قد نواجه كارثة حقيقة في السنوات القادمة”.

أما على صعيد آخر، يؤكد محمود الجندي، عامل بناء، أن “الوضع في مصر سيئ للغاية، ونحن نحتاج إلى استراتيجيات واضحة للتعامل مع المياه، ولا بد من تدخلات من الحكومة لوقف أي تهديد للمياه التي نعيش عليها”.

أزمة المياه في باكستان: لماذا تدير الهند ظهرها للتهديدات؟

يشير المحلل السياسي الباكستاني علي خان إلى أن “الهند لا تأخذ تهديدات باكستان على محمل الجد، لأنها تعلم أن باكستان لا تستطيع فعلاً شن حرب بسبب مشكلة المياه، وهو ما يجعل الضغط الباكستاني أقل فعالية”.

وأضاف خان: “تستمر الهند في محاولة السيطرة على منابع نهر السند، وهو أمر يتطلب من باكستان أن تكون أكثر تصعيدًا في مواقفها على المستوى الدولي”.

الخطر المائي: هل تصمت مصر إلى الأبد؟

أكدت الدكتورة منى فهمي، أستاذة الدراسات الدولية، أن “الصمت المصري يمكن أن يكون مدمرًا على المدى الطويل”.

وقالت: “مصر بحاجة إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع سد النهضة، ويجب أن تعيد النظر في سياسة التفاوض والمفاوضات التي قد لا تكون مجدية مع إثيوبيا بعد الآن”.

وأضافت فهمي: “التهديدات الإثيوبية باتت تزداد قوة، في حين أن مصر لا تزال مترددة في اتخاذ أي خطوات ملموسة”.

السيناريوهات المحتملة: كيف يمكن لمصر تجنب مصير باكستان في أزمة المياه؟

في ظل هذه التوترات المتصاعدة، تظل قضية المياه في كل من باكستان ومصر تمثل تحديًا كبيرًا أمام الحكومات والشعوب.

بينما تتعامل باكستان بجدية وحزم مع تهديدات الهند بشأن المياه، تواصل مصر سياستها الهادئة، ما يثير تساؤلات حول فعالية هذه الاستراتيجية في ظل الأخطار المحدقة بالموارد المائية للبلاد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى