مقالات وآراء

د. محمد عماد صابر يكتب: حصار المقاومة.. بين مؤامرة الإنهاء وصبر الثبات!

تتعرض حركة المقاومة الإسلامية حماس، ومن خلفها المشروع المقاوم الفلسطيني، لحملة ممنهجة ومتعددة الأوجه تهدف إلى حصارها سياسياً وأمنياً ومالياً، وشيطنتها إقليمياً ودولياً، في محاولة بائسة لإنهاء القضية الفلسطينية من جذورها. لقد اتخذت هذه الحملة صورًا متدرجة ومتزامنة شملت التطبيع، والتجريم القانوني، والحصار الاقتصادي، والتضييق الشعبي والإعلامي، بل حتى القطيعة الإنسانية.

أولاً: خارطة الحصار المتعدد الأبعاد.

  1. التطبيع مع الاحتلال: خنجر في خاصرة المقاومة.
    لقد مثّل قطار التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي نقطة تحول خطيرة في سياق دعم القضية الفلسطينية. من الإمارات إلى البحرين، ثم السودان والمغرب، أصبح التنسيق الأمني والتجاري والثقافي مع العدو أمرًا معلنًا، ما شكّل غطاءً سياسيًا للتضييق على حماس وشرعنة حصار غزة.
  2. شيطنة المقاومة واعتبارها “إرهاباً”.
    على المستوى الدولي، عملت قوى غربية– بتنسيق مع أطراف عربية– على تصنيف حماس منظمة إرهابية، بدءاً من أمريكا والاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى قرارات جديدة لبعض الدول مثل ألمانيا وأستراليا والمملكة المتحدة، مما أغلق الأبواب أمام أي دعم سياسي أو إنساني أو قانوني للمقاومة.
  3. إغلاق المكاتب وتقييد الحراك السياسي.
    في تطور خطير، أغلقت عدة دول عربية مكاتب حماس، كما حدث مؤخراً في الأردن ولبنان، وجرى التضييق على ممثليها ومنعهم من التحرك أو حتى الظهور الإعلامي. سوريا التي احتضنت المقاومة طويلاً، لم تعد اليوم تسمح لها بمساحة للحركة أو التعبير، تحت ضغط المحاور الجديدة التي تتقاطع مصالحها مع بقاء الاحتلال.
  4. استهداف الداعمين والمتعاطفين.
    لم يكتف النظام الدولي والعربي المعادي للمقاومة بحصار الحركة، بل بات يلاحق كل من يدعمها أو يتعاطف معها، عبر الاعتقال أو الفصل من الوظائف أو تجميد الأرصدة، كما حدث في الضفة الغربية وأماكن أخرى من الشتات الفلسطيني.
  5. محاصرة غزة وتجويع الشعب
    الضربة الأشد تتمثل في سياسة العقاب الجماعي التي تمارس ضد غزة، من خلال منع دخول المساعدات، ووقف الرواتب، وحرمان الموظفين والأسر من أبسط حقوقهم المعيشية،
    تدمير كل مقرات الانوروا.
    وقف الدعم الأمريكي والدولي لها كذلك. في محاولة خبيثة لدفع الشعب للانقلاب على المقاومة وتحميلها ثمن الحصار.
  6. الضغط عبر أدوات السلطة الفلسطينية.
    لعبت السلطة الفلسطينية، وخاصة تحت قيادة رئيسها الحالي، دوراً وظيفياً خطيراً في الضغط على غزة، من خلال التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتحرك الدبلوماسي لعزل حماس دولياً، بل والعمل على إفشال أي محاولات للمصالحة أو توحيد الصف الوطني.

ثانياً: ولكن المقاومة باقية ما بقي الليل والنهار
رغم هذه الحملة الشرسة، فإن المقاومة لم تضعف، ولم تستسلم، بل أثبتت خلال معارك “سيف القدس” و”طوفان الأقصى” أنها تتطور عسكرياً، وتتمدد شعبياً، وتزداد رسوخاً في الوعي الجمعي للأمة.
إن رجال حماس وإخوانهم في فصائل المقاومة هم “خير أهل الأرض في الرباط”، لا تلين لهم قناة، ولا تنكسر لهم إرادة، وقد اختارهم الله ليكونوا في ثغر فلسطين، وهم على موعد مع وعد الله: “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.”

ثالثاً: واجب الأمة: تحرك شعبي شامل لعزل الاحتلال
في مواجهة هذا الحصار الممنهج، لم يعد من المقبول أن تقف الشعوب موقف المتفرج. إن الواجب الشرعي والإنساني يُحتّم على الأمة أن تتحرك بجدية وعلى كل المستويات:
شعبياً: عبر المظاهرات، والوقفات، ومقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال.
قانونياً: بمحاكمة مجرمي الحرب في المحاكم الدولية، وتجريم التطبيع في دساتير الدول.
اقتصادياً: من خلال فرض العقوبات الشعبية، وسحب الاستثمارات، ورفض كل أشكال التعاون مع الاحتلال.
ثقافياً وعلمياً: عبر طرد إسرائيل من الفضاءات الأكاديمية، ومقاطعة المؤتمرات التي تشارك فيها، ومناهضة روايتها في الإعلام.
برلمانياً: عبر تشكيل جبهات دولية نيابية لعزل إسرائيل، وفضح جرائمها.

خاتمة: النصر صبر ساعة
إن الحصار مهما اشتد، فلن يُطفئ نور المقاومة. وإن التضييق مهما تعاظم، فلن يُبدد إرادة التحرر. نحن أمة حية، ونثق أن “نصر الله قريب”، وأن ما بعد الحصار إلا الفرج، وما بعد الليل إلا الفجر.
فلتتحرك الشعوب، ولتشتعل الإرادة، وليعلم المحتل وأعوانه أن المقاومة فكرة، والفكرة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى