محاكمة 40 معارضاً في تونس تشكل نقطة تحول في مسار الديمقراطية التونسية

أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس في 19 أبريل أحكامًا قاسية بحق نحو 40 معارضًا سياسيًا، تراوحت العقوبات بين 13 و66 عامًا.
شملت الأحكام قيادات بارزة من المعارضة التونسية، بينهم نشطاء سياسيون ومدنيون وصحفيون ورجال أعمال.
اعتُبرت هذه الأحكام خطوة قاسية في سياق ما وصفته صحيفة لوموند الفرنسية بـ”الاستبداد المطلق” الذي يعيشه البلد، بعد نحو 3 سنوات من تراجع المسار الديمقراطي.
وصف العديد من المحللين هذا الحكم بـ “القاسي” واعتبروه محاولة لتجريم العمل السياسي المعارض وترويع المناهضين لسياسات الرئيس قيس سعيّد
أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه المحاكمة جزء من حملة أوسع تشهدها تونس ضد المعارضين السياسيين، إذ اعتُبرت “محاكمات تفتقر إلى أبسط شروط العدالة”.
وأوضحت أن المحكوم عليهم لم يرتكبوا سوى التفكير في بديل انتخابي ضمن إطار قانوني، إلا أن هذه القضية اعتُبرت محاولة لتجريم العمل السياسي المعارض والتضييق على حرية التعبير.
لفتت الصحيفة إلى أن هذه الأحكام تعد إهانة لسمعة تونس التي كانت في يوم من الأيام مصدر أمل للديمقراطيين في العالم العربي، خاصة بعد حصولها على جائزة نوبل للسلام في 2015.
ووصفت الصحيفة تلك الأحكام بأنها وصمة عار في صورة البلاد، معتبرة أن الرئيس قيس سعيّد هو من قام ببناء الرواية الملفقة بشأن التآمر على أمن الدولة.
أضافت الصحيفة أن أساتذة كليات الحقوق في تونس عبروا عن رفضهم القاطع لمحاكمة المعارضين، مؤكدين في بيان مشترك أن الرئيس قيس سعيّد استخدم القضاء كأداة لتجريم المعارضة وتقييد حرية التعبير.
وقد استنكر أكثر من 50 أستاذًا جامعيًا في بيان مشترك استخدام القضاء كأداة لتكميم الأفواه وتقييد حرية التعبير.
كما شددت الصحيفة على أن هذه الإجراءات تأتي في وقت كان فيه الرئيس سعيّد يستحوذ على السلطة بعد ما وصف بالانقلاب في يوليو 2021، والذي أحدث تحولًا جذريًا في الحياة السياسية التونسية.
وأوضحت لوموند أن الاتحاد الأوروبي لا يزال حذرًا في التعامل مع الوضع في تونس، حيث عبّر كل من فرنسا وألمانيا عن قلقهما بعد صدور الأحكام.
تساءلت الصحيفة عن جدوى هذا الحذر الأوروبي، في وقت تواصل فيه سياسة سعيّد إضعاف الدولة التونسية بشكل يهدد استقرارها.
أشار مراقبون إلى أن بعض المحكوم عليهم لم يفعلوا سوى التفكير في بديل انتخابي للرئيس سعيّد في إطار قانوني، محذرين من أن المحاكمة تهدف إلى تصفية أي معارضة سياسية لنظام الحكم الحالي.
أوضحوا أن هؤلاء المعارضين كانوا قلقين من مستقبل الديمقراطية التونسية، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في يوليو 2021، والتي كانت بمثابة انقلاب سياسي قاده الرئيس سعيّد للاستحواذ على كامل السلطة.
تابع آخرون أن التطورات في تونس تمثل تراجعاً حاداً عن مكاسب ربيع 2011، مشيرين إلى الهجمات المستمرة على التعددية الحزبية وحرية التعبير.
بينما بدا أن ردود الفعل الأوروبية على هذه التطورات كانت ضعيفة، حيث عبرت كل من فرنسا وألمانيا عن “قلقهما” من هذه الأحكام، لكن الحذر الأوروبي لا يبدو كافياً في مواجهة تحديات كبيرة قد تضر باستقرار تونس.