ملفات وتقارير

شادي طلعت يكتب : مصر لن تحارب والسيسي لن يُغتال



أدهش كلما سمعت إدعاء بعض الجهلاء أن  مصر مقبلة على حرب مع  أمريكا أو  إسرائيل،

ويزداد العَجبُ كلما وجدت من يصدق هذا الهراء.

فمصر منذ معاهدة السلام مع دولة إسرائيل قد آثرت الإبتعاد عن أي شيء يضر بمصالحها، وفي عهد الرئيس  السادات خرجت رويداً رويداً من حاضة القومية العربية، حتى عادت في عهد الرئيس  مبارك إلى حاضنة جامعة الدول العربية،

ولكن ما كانت عودة الرئيس مبارك عن قناعة منه بأن مصر جزء من العرب، بقدر ما كان الأمر حسن تدبير سياسي جعله يكتسب درجات عليا في البيت الأبيض، خاصة وأن القادة العرب قد سلموا له راية القيادة بعد إحتلال الرئيس صدام حسين للكويت

فأصبح مبارك قائد العرب بلا منازع، حتى وإن لم يعلن ذلك بشكل مباشر، بيد أنه كان في كل موضع يتقدم صفوف كل القادة العرب.

وحتى بعد عودة مصر للجامعة العربية، إلا أنها لم تأخذ أي موقف من خلال الجيش للرد على إسرائيل أو أمريكا، لأنها تعلم أن العدوان على إسرائيل سيغضب أمريكا، وما كانت مصر في عهد مبارك، إلا منافسة لإسرائيل للحصول على حذوة أكبر في البيت الأبيض.



خلاصة القول أن القومية العربية قد إنتهت بموت الرئيس  جمال عبد الناصر ولم تقم لها قائمة منذ رحيله، حتى في حياة  صدام حسين أو حافظ الأسد أو معمر القذافي فبدلاً من أن يتحدوا، كانوا يتنافرون ويتقاتلون، ولم يتبقى من تلك القومية سوى بعض الأفراد هنا وهناك من مدعين القومية، وأغلبهم في الأصل يبحث عن موضع يتبوأ من خلاله مال أو سلطة.



وليس بعد ما حدث مع الفلسطينيين بعد يوم 7 أكتوبر الأسود من قتل وتتنكيل أدل على أن مصر لم ولن تحارب أبداً.

إنها شعارات يطلقها البعض لغرض ما ليس إلا، فالتاريخ يذكر من الحكايات والروايات الثابتة، أن أحد أهم أسباب إخماد الثورات هو إقحام تلك الدولة في حرب ما، ويا حبذا إن كانت تلك حرب طويلة، ففيها حصانة للسلطان بغض النظر عن ثمنها، وأياً ما كانت خسائرها البشرية أو المعنوية.

والسؤال الآن لماذا تُقبل أمريكا أو إسرائيل على حرب مع مصر في حين أنها الآن باتت خارج كُل الحسابات الدولية للأسباب التالية :

أولاً/ فقدت مصر مكانتها كوسيط رئيس بين الفلسطينيين وأمريكا وإسرائيل.

ثانياً/ ليس تسليح الجيش المصري بالقدرة التي تنافس أي من أمريكا أو إسرائيل، وإن كان الأخذ بالقول أن الفلسطينيون لا يزالون يناورن، فذلك لأنهم أهل لحرب الشوارع، وليسوا بجيش نظامي، فالجيش النظامي يَسهل أن ينسف خلال أيام، في ظل التطور التكنولوجي والعسكري، ولا تقوم له قائمة بعد ذلك، وبخاصة وأنت تتحدث عن مواجهة دولة هي التي كانت ولا تزال من تمدك بالسلاح.

ثالثاً/ ليس لمصر الآن أي مواقف دولية مؤثرة سواء على المستوى العربي أو الأفريقي أو الشرق أوسطي، فقد آثر الرئيس/ السيسي أن يشرع في بناء البنية التحتية للدولة مقدماً إياها على كل شيء، غير مكترث بأي مصلحة أخرى إلا الإصلاح الإقتصادي للبلاد.

وبالتالي :


مصر الآن بعيدة عن أي تأثير دولي، وتسير في ركب الإصلاح الإقتصادي المعتمد على البنية التحتية، والتي ستضيع حتماً إن دخلت مصر في حرب مع أمريكا أو إسرائيل.

وأما عما يشاع من القول، بأن أمريكا أو إسرائيل يتوقعان إغتيال الرئيس/ عبدالفتاح السيسي، وأن نهايته ستكون كنهاية الرئيس/ السادات ..

فالحال الذي ذكرناه على مصر كدولة، هو نفس الحال كذلك ينطبق على الرئيس/ السيسي كفرد.

فما الداعي إذاً لإغتياله، وما عن ذكر السادات في معرض الحديث، إلا قول هراء، فلا يوجد أي وجه تشابه فيما بين الرئيس/ السيسي، والرئيس/ السادات.

كما ان الظروف مختلفة فيما بين عصر كل من الرجلين، فهذا بطل الحرب والسلام، وهذا ساعي لتحقيق إصلاح إقتصادي على المدى الطويل، غير طامح لأن يكون ضمن قادة غيروا التاريخ كما كان السادات.

فما الداعي إذاً لقتله أو إغتياله، أو حتى إزاحته عن الحكم بقوة.

في النهاية :
ليست مصر في القرن الحادي والعشرين، كمصر في القرن العشرين، ولا تُجَرُ الدول للحروب إلا بسبب الأطماع، وليس لمصر طمع بأي أحد دولة كانت أو دويلة.

وعلى الله قصد السبيل

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى