الأمم المتحدة تعتبر أحكام قضية “التآمر” بتونس نكسة للعدالة وسيادة القانون

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق حيال الأحكام الصادرة في تونس بشأن قضية “التآمر على أمن الدولة”، مشيرةً إلى أن هذه الأحكام تمثل انتكاسة كبيرة للعدالة وسيادة القانون في البلاد.
في تصريح للمفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، تمت الإشارة إلى الأحكام القاسية التي صدرت بحق 37 شخصاً، والتي تراوحت بين 4 إلى 66 سنة سجناً. حيث نقلت المفوضية الأممية ذلك عبر موقعها الإلكتروني، متهمةً تونس بالاستمرار في انتهاك المعايير الدولية للعدالة.
وفي تفصيل أكثر، قالت الأمم المتحدة إن الأحكام التي أصدرتها الدائرة الجنائية المختصة في المحكمة الابتدائية تمثل خرقاً للحقوق الأساسية للمواطنين، وتناقض التصريحات السابقة للسلطات التونسية التي أكدت عدم وجود محتجزين سياسيين.
علق تورك قائلاً: “الأحكام الأخيرة القاسية والطويلة بالسجن ضد 37 شخصًا في تونس تُعدّ نكسة للعدالة وسيادة القانون، ويجب على السلطات مراجعة هذه الأحكام وضمان التزامها بحماية حقوق الإنسان”.
وسبق للسلطات التونسية أن قالت إن الموقوفين على ذمة هذه القضية يُحاكمون بتهم جنائية مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الفساد” ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية، لكنها لم تعلق على انتقادات المسؤول الأممي لإجراءات محاكمتهم.
وأضاف تورك أن “المحاكمة شابتها انتهاكات لحقوق المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية، مما يثير مخاوف جدية بشأن وجود دوافع سياسية”.
وتابع: “المحاكمة افتقرت إلى الشفافية، حيث لم تُعرض الأدلة علنا ولم يتم اختبارها عن طريق الاستجواب، ومُنع عدد من الصحفيين وممثلي المجتمع المدني والدبلوماسيين من حضور الجلسات العلنية. وقبل إصدار الأحكام، لم يُمنح المتهمون الذين حضروا شخصيا فرصة للتحدث، كما لم يُمنح محاموهم الوقت الكافي لتقديم مرافعاتهم”.
ودعا تورك إلى “ضمان تمتع جميع المتهمين بكامل حقوقهم في الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة أثناء عملية الاستئناف، وقال: “يجب إسقاط التهم إذا لم توجد أدلة كافية على ارتكاب أفعال غير قانونية”.
وقال: “كانت تونس نموذجا ومصدر إلهام للعديد من الدول في المنطقة بعد انتقالها السياسي في 2011، وآمل أن تعود إلى مسار الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان”.
وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023 عندما تم توقيف “سياسيين” معارضين ومحامين وناشطي مجتمع المدني ورجال أعمال، وجهت إليهم تهم تشمل “محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة”، و”التخابر مع جهات أجنبية”، و”التحريض على الفوضى أو العصيان”.
وتقول جهات معارضة ومنظمات حقوقية إن القضية ذات “طابع سياسي” و”تُستخدم لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المنتقدة للرئيس (قيس) سعيّد وخاصة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية”.
وفي 25 يوليو/ تموز 2021 فرض سعيد إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2012).