تصاعد خلافات حكومة الاحتلال حول غزة وسط تهديد بإقالة قادة الجيش

شهد مجلس وزراء الاحتلال الإسرائيلي تصاعدا حادا في حدة التوترات خلال الاجتماع الأخير الذي ناقش آلية توزيع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتسبب الاجتماع في إبراز انقسامات واسعة بين المسؤولين السياسيين والقيادات العسكرية حول طبيعة المهام المنوطة بالجيش الإسرائيلي في التعامل مع الأوضاع الميدانية المتدهورة في القطاع
أوضح وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس أن المساعدات الإنسانية المخصصة لغزة يجب أن تصل في مدة تتراوح بين عشرة إلى خمسة عشر يوما وطلب تسريع آليات التوصيل وتذليل العقبات اللوجستية التي تعيق إيصالها بشكل سريع ومنظم
رد رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير على تلك الطروحات بعدم استعداد الجيش لتولي مسؤولية توزيع المساعدات مما أثار حالة من الجدل الحاد بين الحاضرين داخل الاجتماع وأدى إلى تصاعد نبرة الخطاب بين الوزراء والقيادات العسكرية
هاجم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قائد هيئة الأركان الجنرال إيال زامير بسبب موقفه الرافض قائلا إن الجيش لا يملك حرية تقرير المهام بل يتوجب عليه تنفيذ ما تأمر به القيادة السياسية دون اعتراض أو نقاش
أشار سموتريتش إلى أن عدم قدرة الجيش على أداء المهام الموكلة إليه يستوجب استبداله بقيادة أخرى قادرة على التنفيذ مبينا أن الحكومة تمتلك السلطة لتحديد مهام المؤسسة العسكرية وتنظيم أعمالها بما يتماشى مع الخطط السياسية
طالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالتشدد في منع وصول المساعدات إلى حركة حماس وتحدث عن ضرورة إعادة ضبط آلية التوزيع بحيث يتم التأكد من عدم تسرب المساعدات إلى جهات معادية أو خارجة عن السيطرة حسب ما ورد في الاجتماع
أعلن وزير القضاء ياريف ليفين خلال النقاش ضرورة تركيز السكان المدنيين في قطاع غزة في مناطق محددة لحمايتهم ضمن خطط الحكومة لحصر الأضرار الجانبية عند تنفيذ العمليات العسكرية المتواصلة في مناطق مختلفة من القطاع
أشار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى أن استمرار الجدل دون التوصل إلى تفاهمات واضحة دفعه إلى إنهاء الجلسة وأعلن عن عقد اجتماع جديد للمجلس الوزاري المصغر المعروف بـ الكابينت في اليوم التالي لمواصلة النقاش واتخاذ قرارات حاسمة
طالب وزير الطاقة إيلي كوهين بتوسيع نطاق العمليات العسكرية داخل قطاع غزة من أجل فرض السيطرة الكاملة على مساحات أوسع وتضييق الخناق على الفصائل الفلسطينية المسلحة التي تواصل إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات الاحتلال
دعت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك إلى تنفيذ هجمات واسعة النطاق في شمال القطاع وجنوبه بغرض الضغط على المجموعات المسلحة وإضعافها تمهيدا لتحقيق أهداف الاحتلال في السيطرة الميدانية الشاملة وتأمين الحدود الجنوبية
أكدت جهات أمنية عليا داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية رفضها لمطالب التوسع الفوري في العمليات العسكرية ورأت أنه من الضروري الاستمرار في استنفاد جميع فرص إنجاح العمليات الحالية المعروفة بـ عملية الشجاعة والسيف قبل اتخاذ أي خطوة تصعيدية جديدة
لفتت القناة الثانية عشرة العبرية إلى أن الجيش الإسرائيلي يوصي في الوقت الراهن بمنح المساعي الدبلوماسية والمفاوضات غير المباشرة فرصة إضافية لتحقيق صفقة لتبادل الأسرى بالتوازي مع الاستعداد الكامل لتوسيع العمليات عند فشل الجهود السياسية
ذكرت تقارير إعلامية عبرية أن هناك ضغوطا أمريكية كبيرة تمارس على كل من مصر وحركة حماس من أجل القبول بالمقترح الذي طرحه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كجزء من صفقة شاملة تتضمن تسليم الأسرى وضبط الحدود وتنسيق المساعدات الإنسانية عبر جهات محايدة
أوضحت المصادر الأمنية أن المفاوضات الجارية بشأن صفقة الأسرى تمر بمرحلة دقيقة للغاية تستوجب المزيد من التروي وعدم اتخاذ قرارات ميدانية قد تعرقل مسارات التفاهم التي بدأت تتشكل خلال الأسابيع الأخيرة بوساطة أطراف دولية
استدرك عدد من المسؤولين في المؤسسة الأمنية أن تنفيذ ضربات واسعة النطاق قبل استنفاد المساعي السياسية سيؤدي إلى عرقلة الجهود الدولية ويعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر بالإضافة إلى زيادة التوترات مع الجهات الإقليمية الداعمة للمفاوضات
نوه مراقبون سياسيون إلى أن التصدعات داخل حكومة بنيامين نتنياهو تعكس حالة من التخبط في القرارات المتعلقة بغزة وعدم وجود رؤية موحدة بشأن أهداف العمليات الجارية ومصير المساعدات الإنسانية التي تشكل نقطة خلاف جوهرية بين مختلف الأطراف
أردف أحد المسؤولين السياسيين أن حالة الانقسام ظهرت بوضوح خلال الاجتماع الأخير حيث فشل المجتمعون في التوصل إلى أي اتفاق أو قرار بشأن التعامل مع الأوضاع الإنسانية ما يزيد من احتمالات التصعيد الميداني إذا لم تُحسم المواقف السياسية بسرعة
زعم مقربون من الوزراء المعارضين للتوسع العسكري أن الجيش يسعى لعدم التورط في مهام مدنية مثل توزيع المساعدات تجنبا لتحمل المسؤولية القانونية أو الوقوع في فخ التناقضات السياسية بين الوزراء الذين تختلف توجهاتهم بشأن إدارة الملف الغزاوي
لفت خبراء في الشؤون العسكرية إلى أن تلويح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بإقالة رئيس الأركان يعكس توترا خطيرا في العلاقة بين المؤسسة السياسية والعسكرية وقد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة على الأداء العام للجيش في المرحلة المقبلة
أعلن مسؤولون في قيادة الجيش أن تنفيذ المهام يجب أن يتم بناء على اعتبارات أمنية وميدانية دقيقة وليس استجابة للضغوط السياسية فقط وأشاروا إلى أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة لضمان تنفيذ أي خطة بكفاءة ودون فشل
أكد مراقبون أن المشهد السياسي في حكومة الاحتلال بات أكثر تعقيدا بعد هذا الاجتماع حيث تتزايد الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم ما يعكس تآكل الثقة بين مكوناته ويدفع نحو سيناريوهات أكثر اضطرابا في إدارة الصراع مع قطاع غزة
أوضح مطلعون على سير الأحداث أن وزراء مثل يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش وأوريت ستروك وإيلي كوهين يشكلون جبهة ضغط متزايدة داخل الحكومة لتوسيع العمل العسكري بينما تتخذ المؤسسة العسكرية موقفا أكثر حذرا خشية الوقوع في المستنقع الميداني
استرسل مراقبون في تحليل الموقف معتبرين أن الأيام القادمة قد تشهد مفاجآت سياسية إذا استمر هذا التباين العميق في وجهات النظر وخصوصا في ظل الضغوط الخارجية والمحلية المتزايدة على حكومة بنيامين نتنياهو المنقسمة داخليا والمهددة باضطرابات داخلية
نفى مسؤولون عسكريون أن يكون الجيش قد رفض تنفيذ المهام العسكرية المطلوبة وأوضحوا أن الاعتراض كان على المهام غير العسكرية التي يجب أن تتولاها الجهات المدنية والمنظمات المتخصصة لضمان نزاهة التوزيع وفعالية العمل الإنساني في القطاع المحاصر
أجاب أحد الضباط الكبار في جلسات مغلقة أن الجيش على استعداد تام لتنفيذ أي أوامر تصدر من القيادة السياسية بشرط أن تكون تلك الأوامر ضمن نطاق العمليات العسكرية وليس المهام الإدارية أو الإغاثية التي تتطلب ترتيبات لوجستية مختلفة تماما
صرح متابعون للوضع في غزة أن التوتر السياسي داخل الكابينت قد يؤدي إلى تعثر الجهود الإنسانية ويزيد من تعقيد المشهد في ظل التدهور الحاد في الأوضاع المعيشية داخل القطاع وانعدام الاستقرار نتيجة الحصار والعمليات المتواصلة
بهذا يشكل هذا الاجتماع الحاد في مجلس الوزراء الإسرائيلي مؤشرا خطيرا على عمق الأزمة السياسية التي تواجهها الحكومة ويعكس تضاربا متزايدا في آلية اتخاذ القرار بشأن القضايا المصيرية المتعلقة بقطاع غزة ومستقبل الصراع القائم