ملفات وتقارير

لبنان على حافة الكارثة: أزمة نازحين تتفاقم بلا حلول فعالة

تحت ضغوط غير مسبوقة وتداعيات قاسية ناجمة عن القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف، تجد الحكومة اللبنانية نفسها في موقف لا تحسد عليه بعد أن باتت أعداد النازحين تتجاوز 1,2 مليون شخص في وقت قياسي، معظمهم تهجروا خلال الأسبوعين الماضيين فقط.

والمشهد العام في لبنان بات قاتماً ومخيفاً، مع عدم قدرة مؤسسات الدولة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية للمواطنين الذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين نسمة.

رئيس لجنة الطوارئ الحكومية، وزير البيئة ناصر ياسين، أعلن عن اقتراحات مثيرة تتعلق بإقامة بيوت جاهزة لإيواء النازحين، ولكن هذه الخطوة لا تنم إلا عن حالة من اليأس والتخبط.

وياسين أشار إلى أن العمل جارٍ على وضع خطط لمراكز إيواء، مضيفاً أن الحكومة تستند إلى خرائط تتعلق بمواقع محتملة لبناء هذه البيوت، ولكن الأمر لا يزال في مرحلة التفكير، والأمر برمته يتوقف على معايير متنوعة تشمل البنية التحتية والاعتبارات الاجتماعية والأمنية.

القلق من العواقب الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأزمة لا يزال يتصاعد، إذ تعاني البلاد من انهيار اقتصادي متواصل منذ خمس سنوات، مما جعلها عاجزة تماماً عن تقديم أي دعم حقيقي للمحتاجين.

بينما تتحدث الحكومة عن مقترحات للتعاون مع دول عربية صديقة للمساهمة في بناء هذه القرى المؤقتة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الخطط في معالجة أزمة نزوح بهذا الحجم؟

التحديات كبيرة والمعطيات متشابكة، فبالإضافة إلى الأعداد الضخمة من النازحين، تزداد الضغوط على مراكز الإيواء،

حيث تشير الإحصائيات إلى أن نحو نصف النازحين يقيمون في مراكز إيواء تفتقر إلى الخدمات الأساسية في بيروت ومحافظة جبل لبنان. وقد بلغت المراكز المستغلة 807 من أصل 1000 مركز، مما يعكس حجم الكارثة الإنسانية.

الأمر يبدو ككابوس يتجدد كل يوم، إذ يُجبر العديد من النازحين على الإقامة مع أقاربهم أو استئجار شقق في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة. بينما يجد البعض الآخر أنفسهم مضطرين للنوم في الأماكن العامة، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.

ما يزيد من تعقيد الوضع هو الفشل الحكومي في إدارة الأزمات، حيث تظهر تصريحات المسؤولين كأنها مجرد محاولات لتهدئة القلق العام بدلاً من اتخاذ خطوات فعلية وحاسمة.

الأسئلة تتزايد حول مدى جدوى هذه الخطط، خاصة في ظل غياب رؤية واضحة لإعادة الإعمار، التي تبدو وكأنها مهمة تفوق قدرة الحكومة على تنفيذها في الوقت الراهن.

تتجه الأنظار نحو المجتمع الدولي، فهل سيتحرك العالم لدعم لبنان في محنته؟ الدول العربية التي قد تبدو مستعدة لتقديم العون ليست ملزمة بتحمل عبء إنساني بهذا الحجم،

في وقت تعاني فيه العديد من هذه الدول من أزمات داخلية خاصة بها. الوقت يمر والنازحون يزداد عددهم، مما يضع الحكومة اللبنانية في موقف حرج يتطلب تحركاً سريعاً.

لبنان اليوم على شفير كارثة إنسانية وصحية. النزوح الجماعي وغياب البنية التحتية المناسبة للجوء يجعلان من أي محاولة للإنقاذ أمراً صعباً.

هل ستتحمل الحكومة مسؤولياتها في ظل هذه الأوضاع الصعبة؟ الأمل في استعادة الاستقرار يبدو بعيداً، وكأن الأفق مسدود.

حالة من الإحباط تسود بين المواطنين الذين يعانون من تدهور الأوضاع، حيث تزداد الأصوات المنادية بضرورة التحرك العاجل على كافة الأصعدة.

هل ستنجح هذه الحكومة في تفادي الكارثة قبل فوات الأوان، أم ستبقى في دائرة الفشل التي تعاني منها منذ سنوات؟

والأيام المقبلة ستظهر حجم الكارثة ومصداقية الوعود، ولكن في الوقت الراهن، يبقى النازحون بلا مأوى والبلاد غارقة في فوضى عارمة، ولا حلول تلوح في الأفق.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى