الإمارات تنشر رادارًا عسكريًا إسرائيليًا في الصومال لرصد التهديدات الصاروخية

كشفت مصادر مطلعة عن نشر دولة الإمارات لرادار عسكري إسرائيلي في الصومال، هدفه الرئيسي رصد أي إطلاق صواريخ من اليمن باتجاه تل أبيب. تأتي هذه الخطوة في إطار تعزيز القدرات الأمنية، ولكنها تثير تساؤلات حول الأبعاد السياسية والعسكرية والاستراتيجية لهذه المبادرة.
تشير المعلومات إلى أن النظام الراداري الجديد يهدف ليس فقط لرصد التهديدات الصاروخية، بل لتحقيق أهداف أخرى قد تكون غير أمنية، مما يفتح المجال لتفسيرات متعددة حول دوافع استخدام التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في منطقة القرن الأفريقي. ولذلك، فإن هذه الخطوة قد تضع الإمارات في موضع المراقبة الدولية وتؤثر على العلاقات مع جيرانها.
وقال مصدر مسؤول في أحد الوزارات الإماراتية: “إن نشر هذا الرادار يعد جزءًا من استراتيجيتنا لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات التي قد تؤثر على استقرار المنطقة. نحن ملتزمون بحماية مصالحنا الوطنية والإقليمية بطرق فعالة ومتقدمة”.
وذكرت مصادر من داخل ملفات غرفة العمليات الإقليمية التابعة لمكتب مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، أن النظام الإماراتي أنهى عملية سرية لنشر نظام رادار ELM-2084 الإسرائيلي في مطار بوصاصو، بمنطقة بونتلاند شمال شرقي الصومال.
وبحسب المصادر فإن هذا الرادار هو أحد مكونات منظومة القبة الحديدية، ويستخدم لرصد: الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، ونيران المدفعية الثقيلة.
وقد تم نشر هذا الرادار في منطقة بونتلاند كونها إقليم شبه مستقل عن الصومال المركزي وقد تم الاتفاق مع سلطاته المحلية بتمويل مباشر من أبوظبي وبواسطة محمد دحلان لتجاوز الحكومة في مقديشو.
ما يعني أن النظام الإماراتي يمارس هوايته في إحداث تفكيكًا للدولة الصومالية من الداخل مقابل التمركز العسكري.
وأكدت المصادر أن استخدام الرادار العسكري ليس مخصصا لحماية أبوظبي ولا له صلة بدول الخليج بل لتتبع ضربات جماعة أنصار الله “الحوثيين” الموجهة ضد إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن ما يعني أن أبوظبي تدير عملية مراقبة وحماية لحساب تل أبيب من أراضٍ إفريقية.
كما أكدت المصادر وجود مفاوضات إماراتية لافتتاح قاعدة إسرائيلية في أرض الصومال في مقابل وعد بدفع ملفات الاعتراف الدولي بالإقليم، أي أن الإمارات تُستخدم اليوم كوسيط مالي وسياسي لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في القرن الإفريقي.
كما أن منطقة أرض الصومال يتم النظر إليها باعتبارها هي أحد عناصر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الموعودة لتهجير سكان قطاع غزة.
وبحسب المصادر ذاتها فإن ما يجرى هندسة خريطة عسكرية لصالح إسرائيل، وتوسيع للنفوذ الإماراتي في إفريقيا، لكنها لم تدخل هذه المرة بمنطق الإعمار أو المساعدات أو التنمية، بل مباشرة ب اختراق سيادة الدول الإفريقية تحت عنوان “حماية الملاحة”.
وقبل أشهر أكدت وسائل إعلام إسرائيلية على تمويل دولة الإمارات التوسع العسكري الإسرائيلي إقليميا عبر بناء تدشين قاعدة عسكرية لتل أبيب في إقليم أرض الصومال.
ونشرت صحيفة هآرتس العبرية، تقريرا حمل عنوان “كل العيون تتجه نحو أرض الصومال: الدولة الأفريقية الصغيرة التي تشكل مفتاح حرب إسرائيل على الإرهاب الحوثي”.
وأكدت الصحيفة على توجه إسرائيل بدعم إماراتي لتدشين قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال لمواجهة الحوثيين في اليمن، وهو الأمر الذي يمثل خطرا استراتيجيا على مصر وعلى مستقبل الملاحة الدولية في قناة السويس.
وأجمعت تقارير عبرية وغربية على أن الاحتلال الذي يشن حرب إبادة دموية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، يدرس إنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال لوقف تحركات داعمة للفلسطينيين من قبل جماعة الحوثي اليمنية.
وكذلك مراقبة مضيق باب المندب في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، الذي يسيطر على جانبه الشرقي الحوثيون الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية فرط صوتية والطائرات المسيرة مستهدفين مواقع إسرائيلية بينها تل أبيب، مع بعد المسافة البالغة نحو ألفي كيلومتر.
وذكر موقع (عربي 21) الإخباري أن القاعدة العسكرية الإسرائيلية في أرض الصومال، ستأتي مقابل اعتراف تل أبيب بـ”هرجيسا” عاصمة لأرض الصومال غير المعترف بها دوليا.
وتشير التقارير إلى أن الإمارات، التي ترتبط بالنظام الحاكم في مصر بعلاقات سياسية واقتصادية واسعة منذ العام 2013، وتحتفظ بقاعدة عسكرية وتجارية في ميناء بربرة بأرض الصومال منذ العام 2017؛ تقوم بدور الوسيط بين إسرائيل وأرض الصومال، حول القاعدة المحتملة، وتشارك في تمويل إنشائها.
ومع الحديث عن القاعدة العسكرية الإسرائيلية قرب المدخل الجنوبي الغربي للبحر الأحمر في أرض الصومال، فإنه يشار إلى وجود محاولات إثيوبية حثيثة لتدشين قاعدة عسكرية لأديس أبابا على البحر الأحمر عبر أرض الصومال، أيضا، ما يثير المخاوف من تفاقم حجم المخاطر الجيوسياسية في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر على مصالح مصر.
وفي تحليل للكاتب الإسرائيلي نادان فيلدمان، نشره موقع “هآرتس” في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تحدث عن خطر هجمات الحوثي على إسرائيل، مشيرا إلى قطع طائرة مسيرة “بقيمة 20 ألف دولار” مسافة ألفي كيلومتر من اليمن وخداع أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة واستهداف تل أبيب، وقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين، في 19 تموز/ يوليو الماضي.
وقال إن الهجوم الحوثي الذي مثل “مفاجأة للدفاعات الإسرائيلية”، أجبر إسرائيل على أن “تجد حلولها الخاصة لهزيمة التهديد اليمني”، خاصة مع تكلفة إرسال طائراتها المقاتلة في غارات طويلة إلى اليمن، مشيرا إلى أن الحل في أرض الصومال “الدولة الصغيرة النائية، المحرومة من الاعتراف الدولي”، المحرومة من مساعدات صندوق النقد، والبنك الدولي.
وزعم الكاتب وجود تشابه بين إسرائيل وأرض الصومال، قائلا: “فكلاهما ديمقراطيتان صغيرتان ضعيفتان، تقعان في مناطق تعج بالأنظمة الاستبدادية والحروب القاتلة. كما تعاني كل منهما من مشاكل تتعلق بالسيادة في مواجهة المجتمع الدولي، وكل منهما لديها أعداء يسعون إلى تدميرها”.
وكان موقع “ميدل إيست مونيتور”، أول من أشار إلى التوجه الإسرائيلي نحو أرض الصومال، ففي 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كتب الباحث بمعهد الشرق الأوسط بجامعة “سكاريا” التركية، أحمد فيفا ريندي، عن تحركات سرية إسرائيلية لإنشاء قاعدة عسكرية هناك تسمح لها بمهاجمة وردع أهداف الحوثيين، في مقابل الاعتراف الرسمي بـ”هرجيسا” ودفع الاستثمارات المالية فيها.
وأوضح أن دولة الاحتلال سعت لإنشاء مناطق آمنة لأمنها بعمق استراتيجي، مثل قبرص في البحر المتوسط، ملمحا إلى أهمية أرض الصومال، لها “في مكافحة وكلاء إيران، وخاصة الحوثيين في اليمن”.
ونقل الموقع المهتم بملف الصراع العربي الإسرائيلي، عن مصادر دبلوماسية أن الإمارات تتوسط بين الجانبين، وأكد أن أبوظبي لم تقنع أرض الصومال بالسماح ببناء القاعدة العسكرية فحسب، بل أكدت لها أنها ستمولها أيضا.
وتجتمع أبوظبي، وتل أبيب، على عداء جماعة الحوثي في اليمن، ففي الوقت الذي تربطهما علاقات تطبيع منذ العام 2020، وعلاقات تجارية واتفاقيات اقتصادية، فإن الحوثي الذي يشكل تهديدا للكيان المحتل منذ إعلانه في 14 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إغلاق مضيق باب المندب؛ يمثل كذلك تهديدا للوجود الإماراتي في جنوب اليمن.
وبحسب صحيفة معاريف العبرية، فإنه في 29 تموز/ يوليو الماضي، اتفقت الإمارات مع إسرائيل على إنشاء منشأة عسكرية واستخباراتية مشتركة في جزيرة عبد الكوري، بأرخبيل سقطرى اليمني بخليج عدن، والذي تسولي عليه الإمارات منذ 30 نيسان/ أبريل 2018.
كما أن الحضور الإماراتي القوي في أرض الصومال الجاري منذ العام 2017، ولمدة 7 سنوات، امتد إلى ميناء بربرة ومطار المدينة الهامة على ساحل خليج عدن إذ تستخدمها القوات الإماراتية كقاعدة لنشاطها العسكري في اليمن مقابل استثمار إماراتي بقيمة 440 مليون دولار في الميناء.
وأرض الصومال، تقع على خليج عدن بساحل يبلغ طوله 460 ميلا، قرب مدخل مضيق باب المندب، ويبلغ عدد سكانها 6.2 مليون نسمة، وتحكمها “عشيرة عيسى”، وانفصلت عن مقديشيو عام 1991، وعجزت على مدار 33 عاما في الحصول على الاعتراف الدولي، إلا من علاقات غير رسمية وتجارية مع تايوان، وإسرائيل، والإمارات، وإثيوبيا.
ويظل لموقع الإقليم أهمية جيوسياسية كبيرة حيث تسعى دول مثل الإمارات، وإثيوبيا، وإسرائيل، للحصول على موطئ قدم بالإقليم الذي يمثل أهمية كبيرة لمصر والسعودية والسودان وجيبوتي، بجانب أن القوتين العظميين في العالم، أمريكا والصين، تعتبرانه نقطة جذب هامة وموقعا مميزا لإنشاء قواعد عسكرية وفرصة لاستضافة قواعد بحرية خاصة مع قربه من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يمر منه 12 بالمئة من حجم التجارة العالمية سنويا، تمثل نحو 790 مليار يورو، تقريبا.