مصر تُهدر كنزًا زراعيًا تاريخيًا.. الكتان بين الإهمال والتصدير الخام

تُعد زراعة الكتان في مصر من أقدم الزراعات التي عرفها الإنسان، إذ يعود استخدامها إلى أكثر من 6 آلاف عام، حين اعتمد المصري القديم على الكتان في التحنيط، وصناعة الورق، والنسيج، والملابس، وحتى الدهانات والعلاجات الطبية. ورغم الأهمية الاستراتيجية لهذا المحصول، إلا أن الكتان المصري يواجه اليوم إهمالًا واسع النطاق، وغيابًا واضحًا في السياسات الزراعية والصناعية المستدامة.
مصر تحتل المركز السادس عالميًا في إنتاج الكتان، وتعد قرية “شبرا ملس” التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، واحدة من أبرز مراكز إنتاج الكتان في العالم، حيث تُنتج وحدها نحو 9% من الإنتاج العالمي، و90% من الإنتاج المحلي، بمساحة تتجاوز 112 ألف فدان. ومع ذلك، يُصدَّر نحو 95% من الكتان المصري كمادة خام، دون الاستفادة الصناعية الكاملة من مكوناته.
في هذا السياق، وجّه الإعلامي وليد الهواري، خلال برنامجه “أهل البلد” على قناة “الشرق”، انتقادات لاذعة للسياسات الزراعية والصناعية في مصر، معتبرًا أن الدولة تُهدر ثروة قومية متجددة. وأوضح أن “كل جزء في نبات الكتان يمكن الاستفادة منه”، مشيرًا إلى أن بذور الكتان تُستخدم في إنتاج واحد من أغلى الزيوت عالميًا، بالإضافة إلى دخولها في صناعة مستحضرات التجميل والأدوية، خاصة تلك المتعلقة بمكافحة السرطان.
الهواري لفت إلى أن الفدان الواحد من الكتان يمكن أن يحقق دخلًا يتجاوز 50 ألف جنيه، في حين أن تكلفة زراعته لا تتعدى 10 آلاف جنيه، ما يجعله محصولًا مربحًا للفلاح المصري، إذا توفرت له بنية تحتية ملائمة، ومصانع تحويل محلية، ودعم حكومي جاد.
وتحدث الهواري عن حرائق سنوية تتكرر في شوادر الكتان، بسبب جفافه الشديد وسرعة اشتعاله، ما يؤدي إلى خسائر تُقدّر بعشرات الملايين سنويًا في مناطق مثل زفتى والحمول وبيلا، وسط غياب واضح لإجراءات الحماية أو التخزين الآمن.
وفي ختام حديثه، تساءل الهواري: “لماذا لا تتحرك الدولة لإنقاذ صناعة الكتان؟ ولماذا نُصرّ على تصدير الخير خامًا دون تصنيع، بينما العالم يستفيد من منتج نحن أول من اكتشفه؟”