عيد شم النسيم وتاريخ تطوره عبر العصور

أكد المؤرخون أن عيد شم النسيم يعد من أقدم الأعياد التي شهدتها الحضارة المصرية، حيث ترسخت تقاليده منذ العصور الفرعونية وتعددت مع مرور الوقت.
ويتأصل هذا العيد في الاحتفال بتجدد الحياة والطبيعة، ويجمع بين مظاهر الفرح والطعام والطقوس التي تعكس عمق التراث المصري المتجدد.
أكد الباحثون في مجال التاريخ المصري القديم أن عيد شم النسيم يعود إلى جذوره في مصر الفرعونية، حيث بدأ الاحتفال به في العام 2700 قبل الميلاد، وكان يسمى في البداية بـ “شموش”، وهو مصطلح هيروغليفي يُعني “بعث الحياة”.
أشار الباحثون إلى أن الفراعنة اعتقدوا أن بداية الخلق والعالم بدأت في هذا اليوم. ومن ثم تطورت تسميته وأصبح يُطلق عليه “شم النسيم”، في إشارة إلى بداية فصل الربيع واعتدال الطقس.
انتقال العيد إلى اليهود والمسيحيين
أوضح المؤرخون أن عيد شم النسيم انتقل من الفراعنة إلى العديد من الثقافات الأخرى، بدايةً من اليهود الذين أطلقوا عليه اسم “عيد الفصح”، حيث ارتبط هذا اليوم بخروجهم من مصر في زمن النبي موسى عليه السلام.
لاحقًا، أصبح هذا العيد جزءًا من التقاليد المسيحية في الشرق، حيث أطلق عليه الأقباط اسم “عيد القيامة”، وهو يعكس معتقداتهم حول صلب المسيح وقيامته. وعلى مر العصور، أصبح هذا اليوم عيدًا رسميًا في العديد من الدول العربية.
التأثير الفارسي على عيد شم النسيم
أشار الباحثون إلى أن عيد شم النسيم يُعرف أيضاً باسم “النيروز”، وهي كلمة فارسية تعني “اليوم الجديد”.
يُعد النيروز من الأعياد الفارسية التي استمرت لمدة خمسة أيام، حيث يُعتقد أن الملك الفارسي جمشيد هو أول من أقر هذا العيد.
وعلى الرغم من أن النيروز كان يختلف عن شم النسيم في بعض جوانبه، إلا أن كلاً منهما كان يُحتفل به في نفس توقيت بداية الربيع.
مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم
أكدت المصادر التاريخية أن المصريين القدماء كانوا يحتفلون بعيد شم النسيم من خلال الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والحقول، حيث كانوا يستقبلون شروق الشمس ويقضون اليوم في بهجة وسرور.
كان المصريون يحملون معهم الطعام والشراب، وتزين الفتيات بعقود من الزهور، لاسيما الياسمين، بينما كان الأطفال يحملون سعف النخيل المزين بالألوان.
وأشار الباحثون إلى أن الاحتفالات كانت تتخللها حفلات رقص جماعي على أنغام الموسيقى، فضلاً عن المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية.
الطعام التقليدي في عيد شم النسيم
أوضح المؤرخون أن الأطعمة التقليدية في عيد شم النسيم تتنوع، حيث يحرص المحتفلون على تناول البيض الملون والفسيخ (سمك الرنجة) والبصل والخس والملانة (الحمص الأخضر).
وقد أشاروا إلى أن الفراعنة كانوا يعتبرون البيض رمزًا للحياة، وكانوا يزينونه بنقوش وأماني، ويعلقونه على الأشجار لتحقيق آمالهم. كما لوّن الأقباط البيض باللون الأحمر تخليدًا لذكرى صلب السيد المسيح، وفقًا لمعتقداتهم.
ارتباط عيد شم النسيم بالدين
أكد علماء التاريخ أن عيد شم النسيم كان في البداية عيدًا مرتبطًا بالزراعة والحصاد، لكن مع مرور الوقت أصبح له طابع ديني في بعض الثقافات.
أشار الباحثون إلى أن هذا العيد ذكر في القرآن الكريم، حيث ربط بعض العلماء بينه وبين “يوم الزينة” الوارد في سورة طه، وهو اليوم الذي شهد نصر سيدنا موسى عليه السلام على فرعون.
تأثيرات العصور المختلفة على موعد الاحتفال
أوضح المؤرخون أن عيد شم النسيم كان يعتمد في تحديد موعده على التقويم المصري القديم، الذي كان يعتمد على الشمس، بينما أصبح موعده في العصور اللاحقة مرتبطًا بالتقويم القمري.
ونتيجة لاستخدام التقويمات المختلفة، اختلف موعد الاحتفال بعيد شم النسيم من عام لآخر. كما ذكر الباحثون أن الأقباط قد غيروا موعد الاحتفال بهذا العيد، حيث حددوه ليكون في اليوم التالي لعيد القيامة، وهو ما أصبح يعرف بـ “اثنين الفصح”.
شم النسيم في العصر الحديث
أشار البعض إلى أن الاحتفال بعيد شم النسيم استمر على مر العصور، حيث تم دمج التقاليد الفرعونية مع العادات المسيحية لتشكل احتفالًا قوميًا ودينيًا في آن واحد.
وأكد الباحثون أن هذا العيد قد شهد العديد من التغييرات على مر العصور، إلا أن ارتباطه بالربيع والطبيعة والموسم الزراعي قد بقي ثابتًا عبر الزمن.
أشار الباحثون إلى أن عيد شم النسيم يظل رمزًا للتجديد والتواصل بين الأجيال، حيث يعكس امتزاج التقاليد الفرعونية مع التعديلات الدينية عبر العصور.
ويستمر هذا العيد في إشاعة الفرح بين المصريين، مما يجعله جزءًا من هوية الشعب وثقافته التي تزداد أصالتها مع مرور الزمن.