إغلاق مفاجئ لـ 300 فرع بلبن في مصر والسعودية يثير تساؤلات عن الأسباب الخفية

أغلق المسؤولون عدداً من فروع سلسلة مطاعم بلبن الشهيرة في مصر والسعودية بشكل متسارع خلال الأسابيع الماضية مما أثار جدلاً واسعاً حول الأسباب الكامنة وراء هذا القرار المفاجئ
بدأت القصة بإغلاق فروع بلبن في المملكة العربية السعودية مطلع مارس الماضي بعد تلقي بلاغات رسمية عن حالات تسمم تم تسجيلها في العاصمة الرياض وعدد من المدن الأخرى وهو ما دفع السلطات إلى سحب التطبيق الإلكتروني للسلسلة من منصات التوصيل المعروفة دون إعلان مسبق أو إنذار رسمي من الجهة المالكة للسلسلة
استمر الزخم حول هذه الخطوة لتتسع دائرة التأثير مع إغلاق الفرع الجديد في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية خلال شهر يناير الماضي عقب تجمهر أعداد كبيرة من الزبائن أمام المحل في انتظار استلام وجباتهم مما أدى إلى تدخل الجهات الأمنية وإغلاق الفرع بسبب الفوضى المرورية الناتجة عن الزحام الشديد
تواصلت الأحداث سريعاً ليشهد السوق المصري إغلاقاً لعدد كبير من فروع السلسلة في القاهرة وعدد من المحافظات الأخرى خلال الأيام القليلة الماضية بعد تسجيل بلاغات صحية عن حالات تسمم في مناطق مختلفة وهو ما دفع الجهات الرقابية لاتخاذ إجراءات فورية بإغلاق الفروع المخالفة وإجراء عمليات تفتيش مكثفة داخل مقار السلسلة المنتشرة في أنحاء الجمهورية
أوضحت الجهات المختصة أن قرار الإغلاق استند إلى نتائج حملات التفتيش المفاجئة التي أظهرت وجود مخالفات تتعلق بعدم استكمال التراخيص الصحية وعدم استيفاء اشتراطات السلامة الغذائية وهو ما اعتبرته السلطات دافعاً كافياً لتعليق النشاط لحين تصحيح الأوضاع ومراجعة الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بعمل السلسلة
أنكرت إدارة الشركة وجود علاقة بين حالات التسمم والإغلاق مشيرة في بيان مختصر إلى أن ما جرى لا يعدو كونه إجراءً إدارياً داخلياً لا يمس سلامة المنتجات أو جودتها كما أكدت أن منتجاتها تخضع لمعايير صارمة في التصنيع والتوزيع بالتعاون مع جهات متخصصة معتمدة على مستوى الوطن العربي
أثار توقيت الإغلاق المتزامن في عدة دول علامات استفهام كبيرة بين المتابعين خاصة وأن سلسلة بلبن التي انطلقت قبل أربعة أعوام فقط نجحت في افتتاح أكثر من 300 فرع في مصر والسعودية والمغرب واستقطبت آلاف العملاء يومياً حتى باتت من أبرز علامات الحلويات الشرقية واللبن الزبادي المصنعة محلياً في المنطقة
لفت عدد من المراقبين الاقتصاديين إلى أن سرعة الانتشار التي حققتها بلبن خلال فترة قصيرة قد تكون أحد العوامل التي دفعت البعض إلى محاولة الحد من توسعها سواء من خلال تضييقات إدارية أو حملات منظمة على مستوى مختلف البلدان
زعم البعض أن خلفية الأزمة تحمل طابعاً اقتصادياً خالصاً نتيجة رفض الشركة عروض شراكة مقدمة من أطراف مؤثرة في القطاع الغذائي الأمر الذي قد يكون قد أدى إلى ممارسات ضاغطة دفعت نحو إيقاف النشاط مؤقتاً بغرض إعادة تقييم المعادلة التجارية للسلسلة داخل الأسواق العربية
استرجع مراقبون اقتصاديون وقائع مشابهة طالت رجال أعمال بارزين في السنوات الأخيرة من بينهم مؤسس شركة شهيرة لمنتجات الألبان الذي اعتقل في عام 2020 قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقاً بعد ثبوت براءته وهو ما تم ربطه حينها برفضه عرضاً للشراكة مع جهات داخلية
أشار مراقبون إلى أن النجاح السريع الذي حققته السلسلة خلال فترة قصيرة أوجد حالة من التنافس غير المتوازن مع شركات كبرى تعمل في السوق منذ عقود مما دفع تلك الكيانات لتكثيف الضغوط بهدف إبطاء نمو المشروع الصاعد الذي أثبت قدرته على استقطاب حصة سوقية كبيرة دون دعم حكومي مباشر
أوضح مختصون في مجال الأغذية أن سلسلة بلبن اعتمدت منذ انطلاقتها على مكونات محلية وطرق تصنيع تقليدية محدثة لتقديم منتجات تلبي رغبات المستهلك العربي مع الحفاظ على مستوى أسعار مناسب مقارنة بالمنافسين وهو ما مكنها من حجز موقع متقدم في السوق خلال فترة قصيرة
أكد عاملون في مجال التسويق الغذائي أن انتشار الفروع في أكثر من 17 مدينة مصرية ساهم في تعزيز الحضور التجاري للسلسلة خاصة في مناطق الطبقة المتوسطة التي تمثل الشريحة الأوسع استهلاكاً للمنتجات سريعة التحضير والمخصصة للحلويات والألبان
قال خبراء إن السلسلة استطاعت خلال العام الماضي فقط افتتاح ما يزيد عن 120 فرعاً في أنحاء متفرقة من مصر والسعودية والمغرب بإجمالي استثمارات تجاوزت 250 مليون جنيه مصري وهو رقم اعتبره كثيرون مؤشراً على النمو الكبير الذي حققته الشركة خلال فترة وجيزة
أفاد متابعون للقطاع بأن ما يحدث الآن قد يكون بداية لمرحلة إعادة هيكلة داخلية تجريها الشركة لضمان مطابقة المعايير التنظيمية والتشغيلية الجديدة التي تفرضها الأسواق المختلفة لا سيما بعد تزايد التشريعات الرقابية المتعلقة بسلامة الغذاء في دول المنطقة
نفى مراقبون أن تكون حالات التسمم المعلنة كافية لتبرير إغلاق كل هذا العدد من الفروع دفعة واحدة خاصة وأن الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات غالباً ما تقتصر على إغلاق مؤقت للفروع المتأثرة فقط دون أن يمتد التأثير إلى الشبكة بالكامل
أردف آخرون أن حجم الأزمة الحالي لا يمكن فصله عن التغيرات التي طرأت على البيئة الاقتصادية الإقليمية في الآونة الأخيرة حيث بات من الملاحظ أن الشركات المتوسطة والصغيرة تعاني من ضغوط متزايدة في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع مستويات السيولة
استدرك خبراء في مجال إدارة الأعمال أن استمرار التوسع دون وجود نظام دعم مالي وتنظيمي مستدام قد يؤدي إلى انهيار مفاجئ خاصة في حالة الشركات العائلية أو تلك التي لم تدخل في شراكات استراتيجية مع كيانات مصرفية أو استثمارية كبيرة
اختتم مراقبون ملاحظاتهم بالتأكيد على أهمية التحقيق في جميع الملابسات المحيطة بإغلاق سلسلة بلبن وتقديم نتائج واضحة وشفافة للرأي العام لضمان عدم تكرار ما جرى مع مشروعات مشابهة قد تكون في طور النمو والتوسع خلال الفترات القادمة
نوه خبراء قانونيون بأهمية تأمين الحماية القانونية للمشروعات الناشئة التي تقدم نموذجاً ناجحاً في قطاع الغذاء والتجزئة لضمان عدم تأثرها بأي عوامل خارجية قد تعيق نموها بشكل قانوني ومنهجي
بهذا، يظل إغلاق سلسلة بلبن حدثاً يثير الكثير من التساؤلات المفتوحة التي تتطلب إجابات دقيقة من الجهات المعنية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها المنطقة حالياً والتي تتطلب تشجيع المشاريع التي أثبتت جدارتها في السوق العربي