كشف تفاصيل الهروب السري لبشار الأسد عبر طائرة غامضة وحقائب الدولارات

أكدت مصادر مطلعة أن عملية فرار بشار الأسد تمت على أربع مراحل دقيقة ومترابطة بدأت في السادس من ديسمبر الماضي عبر مطار دمشق الدولي باستخدام طائرة خاصة من طراز إمبراير ليغاسي 600 مسجلة في غامبيا وتحمل الرقم التعريفي سي 5 إس كيه واي
أوضحت المعلومات أن الطائرة نفذت أربع رحلات متتالية بين دمشق وأبوظبي خلال 48 ساعة قبل سقوط النظام حيث هبطت الرحلة الأولى في دمشق منتصف النهار ثم غادرت إلى مطار البطين وعادت مساء نفس اليوم لتنفذ الرحلة الثانية وبعدها استكملت باقي الرحلات خلال اليومين التاليين
نقلت الطائرة في رحلاتها حقائب سوداء غير معنونة تحتوي على مبلغ نقدي لا يقل عن 500 ألف دولار بالإضافة إلى أجهزة حواسيب محمولة ومحركات أقراص صلبة تحوي معلومات استخباراتية حساسة حول شبكة الأسد الاقتصادية المسماة بالمجموعة
لفتت التحقيقات إلى أن يسار إبراهيم المستشار الاقتصادي للأسد قاد هذه العملية بتنسيق مباشر مع جهات سيادية وكان له دور محوري في ترتيب خروج الوثائق والأموال والأشخاص المقربين من القصر الجمهوري باستخدام الطائرة المؤجرة بموجب عقد إيجار جاف دون طاقم أو صيانة أو تأمين
أشار ضابط سابق في المخابرات الجوية إلى أن العملية بدأت عند اقتراب طائرة إمبراير الصغيرة من مطار دمشق في السادس من ديسمبر حيث تولى عناصر المخابرات الجوية بحراسة قاعة الشرف الخاصة بكبار الزوار مع انتشار أكثر من اثني عشر عنصرا يرتدون الزي العسكري الخاص بالجهاز الأمني المعروف بشدة بطشه
أعلن أحد الضباط السابقين أن سيارات مدنية معتمة النوافذ اقتربت من المطار وتبين لاحقًا أنها تابعة للحرس الجمهوري الذي تولى تأمين خروج الشخصيات والحقائب حيث شارك عدد من أقارب الأسد وموظفين بالقصر في أول رحلتين غادرتا دمشق
أضاف المصدر أن الرحلة الثانية من دمشق شحنت أيضا لوحات فنية ومنحوتات صغيرة كانت بحوزة العائلة وأوضح أن كل رحلة تضمنت عددًا من الأفراد المقربين من النظام السابق بالإضافة إلى حمولات نقدية وممتلكات شخصية وثائقية
نوهت البيانات أن الطائرة كانت تتجه في كل مرة إلى مطار البطين المعروف بحماية خصوصية كبار الزوار وكان يغادر منها مباشرة في اليوم التالي عائدًا إلى دمشق ثم تعود محملة من جديد دون أي تفتيش معلن أو إجراءات اعتيادية
استدرك ضابط مخابرات أن الرحلة الأخيرة غادرت دمشق صباح الثامن من ديسمبر بعد وصول مقاتلي المعارضة إلى العاصمة حيث توجه الأسد مباشرة إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وهي القاعدة الروسية الأكثر تحصينًا قرب الساحل السوري
أشارت صور التقطتها الأقمار الصناعية عند الساعة 09:11 صباحًا إلى وجود الطائرة على مدرج قاعدة حميميم وهو ما تطابق مع بيانات تتبع الطيران التي أوضحت أن طائرة إمبراير كانت الوحيدة التي تحركت من سوريا وإليها في الفترة الممتدة من السادس إلى الثامن من ديسمبر
زعم أحد عناصر شبكة الأعمال التابعة للأسد أن أحمد خليل خليل أحد أبرز مساعدي يسار إبراهيم كان على متن الرحلة المغادرة من حميميم حاملا 500 ألف دولار نقدا إضافة إلى وثائق تجارية واستراتيجية تتعلق بالإمبراطورية الاقتصادية الخاصة بالنظام السابق
أجاب ذات المصدر أن خليل وصل إلى القاعدة الروسية في سيارة مدرعة تابعة لسفارة الإمارات ما يؤكد وجود تنسيق مسبق مع أطراف دولية لإتمام العملية وتأمين الغطاء الدبلوماسي اللازم لعبوره الآمن خارج البلاد
بيّنت الوثائق أن الطائرة نفذت رحلاتها الأربع في فترات متقاربة جدًا بين مطاري دمشق والبطين وحدث انقطاع في تتبعها لمدة ست ساعات عند مرورها فوق حمص حيث عاودت الظهور بعدها متجهة إلى الإمارات وهو ما يرجح أنها هبطت في قاعدة حميميم خلال تلك الفترة قبل أن تقلع مجددًا
صرح ضابط سابق في هيئة النقل الجوي السوري أن الطائرة المستأجرة من نوع إمبراير لم تكن تابعة لأي شركة نقل معروفة بل جرى تشغيلها عبر شبكة شركات مرتبطة بكيانات اقتصادية مسجلة في ثلاث قارات جميعها تتبع لمجموعة الأسد
أكدت وثائق إلكترونية حديثة أن شركة البرج للاستثمار التي يمتلك يسار إبراهيم نصف أسهمها هي الجهة التي نسقت إدخال الأموال وتهريب الممتلكات الخاصة إلى الإمارات باستخدام الحماية الدبلوماسية والتحركات الجوية غير المعلنة
قال خبير بشؤون الاقتصاد السوري إن العملية تمت باستخدام أساليب متقدمة من التمويه والتنسيق من داخل جهاز الدولة مما سمح بنقل الأموال والوثائق دون اعتراض أو تدخل وأن النظام اعتمد على واجهات اقتصادية وشركات وسيطة خارجية لإتمام هذه العمليات في سرية تامة
كشف شخص من داخل شبكة أعمال الأسد أن الأجهزة التي تم تحميلها على الطائرة تحتوي على ملفات تمثل البنية الكاملة للشبكة الاقتصادية وتشمل سجلات مالية ومحاضر اجتماعات واتفاقيات شراكة داخلية وخارجية وتحويلات نقدية إلى بنوك أجنبية وشركات واجهة في أوروبا وآسيا
نقل ضابط أمني سابق أن مسؤول أمن المطار غدير علي وجه أوامر مباشرة للموظفين بالتنسيق مع عناصر المخابرات الجوية الذين تولوا عملية الإشراف الكامل على الطائرة وحمولتها في كل مرة دون المرور بالإجراءات النظامية المعتادة
لفت أحد المسؤولين إلى أن الرحلات حملت مجموعة محددة من الأفراد ضمت موظفين بارزين في القصر الجمهوري وشبابا من عائلة الأسد وأشخاصا تولوا قيادة ملفات مالية واستثمارية حساسة خلال الأعوام الأخيرة من حكم النظام
تابع المصدر أن الرحلة الأخيرة التي نفذتها الطائرة يوم الثامن من ديسمبر كانت الأهم من حيث الحمولة الاستراتيجية حيث شحنت كل البيانات النهائية المتعلقة بشبكة المجموعة وتفاصيل ممتلكات الأسد وعائلته في الخارج
استرسل مطلعون في تأكيد أن العملية جرت في ظل تصعيد عسكري حاد حيث اقتربت فصائل المعارضة المسلحة من العاصمة دمشق ما دفع النظام إلى تسريع إجراءات الإخلاء وسط فوضى أمنية وخوف من سقوط مفاجئ للمقرات الحكومية
صرح خبير أمني بأن مشاركة عناصر المخابرات الجوية والحرس الجمهوري في العملية تعني بالضرورة أن التنسيق تم من أعلى المستويات وأن الأسد كان مطلعا وموجها لها خطوة بخطوة بدعم واضح من بعض الحلفاء في الخارج
وضح ضابط مطلع أن أجهزة الكمبيوتر التي تم تهريبها ضمن الرحلات الأربع كانت تحتوي على تفاصيل كاملة عن الحسابات البنكية الخارجية والشركات القابضة المملوكة لعائلة الأسد والشركاء الاقتصاديين في قطاعي الاتصالات والطاقة
رجّح محلل أن وجود طائرة واحدة فقط خاصة حلقت بين السادس والثامن من ديسمبر يشير إلى أن النظام اعتمد على عملية واحدة متكاملة للخروج وليس على عمليات متعددة وهو ما يعكس خطورة الموقف آنذاك وخوفا من أي عرقلة قد تفسد الهروب
استخلص تقرير تقني أن محركات الأقراص الصلبة التي خرجت مع الطائرة كانت مشفرة ومحمية ببرمجيات أمنية عالية المستوى وهو ما يعكس حساسية المحتوى وخطورة المعلومات المتعلقة بالمجموعة الاقتصادية التي كانت تدير موارد سوريا لسنوات
ختمت المصادر بالإشارة إلى أن يسار إبراهيم وصل إلى أبوظبي في الحادي عشر من ديسمبر بعد نجاح العملية بشكل كامل وبدأ منذ ذلك اليوم إدارة الشبكة من الخارج بمساعدة مساعده أحمد خليل خليل وهو ما يعني استمرار تأثير النظام السابق خارج الحدود