الجيش يهيمن على قطاع القمح في مصر من خلال جهاز مستقبل مصر

في خطوة جديدة تؤكد على تعزيز دور الجيش في الاقتصاد المصري، أدرجت وزارة التموين جهاز “مستقبل مصر” التابع للقوات الجوية كجهة معتمدة لاستلام القمح المحلي من الفلاحين لأول مرة في تاريخ البلاد، وهو ما يعكس التوسع الكبير في دور الجيش في قطاع الأمن الغذائي.
أكدت مصادر مطلعة أن قرار إدراج جهاز “مستقبل مصر” في قائمة الجهات المعتمدة لاستلام القمح المحلي، جاء بعد أشهر قليلة من تكليفه بمهمة استيراد القمح، بدلاً من هيئة السلع التموينية التي كانت مسؤولة عن هذه المهمة الحيوية لعقود طويلة.
يشار إلى أن هذا القرار يعني أن الجهاز أصبح يسيطر بشكل شبه كامل على كافة عمليات استيراد وتوريد القمح في البلاد، مما يتيح له التحكم في كامل سلسلة إنتاج وتوزيع القمح بداية من استصلاح الأراضي وحتى تسليم القمح في صوامع التخزين.
أعلنت مصادر متخصصة في تجارة القمح أن جهاز “مستقبل مصر” قد أبرم اتفاقات مع موظفين سابقين في وزارة التموين وشركة مطاحن جنوب القاهرة، والذين كانوا يتعاونون في عمليات توريد القمح إلى الحكومة لعدة سنوات مضت.
بعد انتقالهم للعمل في الجهاز، أصبحت العمليات أكثر سلاسة وكفاءة، مع الحرص على ضمان استلام القمح المحلي وتخزينه في الصوامع التي تم تدشينها حديثاً.
وتعد هذه الصوامع الجديدة التي تم الانتهاء من إنشائها في الشهر الماضي، هي الأكبر على الإطلاق، حيث تبلغ سعتها الاستيعابية نصف مليون طن.
تسعى الحكومة خلال الموسم الحالي إلى جمع أكثر من 5 ملايين طن من القمح المحلي من الفلاحين، وهو ما يعكس عزمها على زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، الذي يعد أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري.
ووفقاً للبيانات المتوفرة، تنتج الأراضي المصرية حوالي 9 ملايين طن من القمح سنويًا، ومن المتوقع أن يتم جمع نحو 5 ملايين طن محليًا في هذا الموسم، مع محاولة تصدير الكمية المتبقية لسد احتياجات الأسواق الدولية.
نوهت وزارة الزراعة إلى أن جهاز “مستقبل مصر” أصبح شريكًا استراتيجيًا في ملف الأمن الغذائي، حيث يتعاون بشكل وثيق مع الجمعيات العامة والاتحادات التعاونية الزراعية لتسهيل عمليات تسويق القمح المحلي وتشجيع المزارعين على توريده إلى الدولة. في الاجتماع الأخير للوزارة، تم التأكيد على دور الجهاز الفعال في تعزيز جهود الدولة لتحقيق الأمن الغذائي.
لم تتوقف التحركات العسكرية عند هذا الحد، بل يستمر جهاز “مستقبل مصر” في لعب دور محوري في إعادة تنظيم الاقتصاد الزراعي في مصر، حيث يتوسع في أعمال استصلاح الأراضي وإدارة البحيرات، مما يساهم في زيادة الإنتاج الزراعي بشكل عام.
يسعى الجهاز إلى تكامل كافة هذه الجهود لضمان استدامة الأمن الغذائي في البلاد وتعزيز القدرة الإنتاجية الوطنية.
أكدت التقارير أيضًا أن جهاز “مستقبل مصر” قد بدأ في تحقيق أهدافه بشكل تدريجي، حيث يساهم في زيادة كمية القمح المحلي التي يتم توريدها إلى الحكومة سنويًا، بما يساعد في تقليل الاعتماد على الاستيراد.
من المتوقع أن تساهم هذه الخطوات في تعزيز قدرة مصر على مواجهة أي أزمات غذائية مستقبلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب.
يتوقع الخبراء أن يؤدي التوسع في دور جهاز “مستقبل مصر” في قطاع القمح إلى تحسين فعالية نظام الدعم الحكومي للخبز، الذي يحتاج إلى أكثر من 8 ملايين طن من القمح سنويًا.
في ظل هذا التوسع، تهدف الحكومة إلى تقليل الفجوة بين الإنتاج المحلي والاحتياجات الوطنية، وبالتالي تقليص الاعتماد على الاستيراد الذي جعل مصر من بين أكبر مستوردي القمح في العالم.
أضافت المصادر أن هناك متابعة دقيقة لجميع خطوات التوريد المحلي للقمح من قبل الجهات الحكومية المختصة، وذلك لضمان وصول القمح إلى المواطنين بأسعار مدعمة وجودة عالية.
كما أشار البعض إلى أن التوسع في دور الجيش في قطاع القمح قد يساهم في تقليل الفاقد أثناء عمليات النقل والتخزين، مما يحسن الكفاءة الاقتصادية في هذا القطاع الحيوي.
وبينما يسعى جهاز “مستقبل مصر” إلى تعزيز تواجده في هذا القطاع الاستراتيجي، يتوقع أن يواصل مساعيه لتطوير القدرات التخزينية وتعزيز البنية التحتية المخصصة لتخزين الحبوب.
تتسم هذه الخطوات بأهمية كبيرة في ظل تحديات المناخ العالمي والأزمات الاقتصادية التي تؤثر في أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي يستدعي ضرورة تعزيز المخزون الاستراتيجي من القمح لضمان تلبية احتياجات السوق المصري لفترات طويلة.
استمر جهاز “مستقبل مصر” في عمله وفقًا لاستراتيجية تهدف إلى تحسين الإنتاجية الزراعية وتقليل تكاليف الإنتاج، بما ينعكس إيجابًا على أسعار السلع الأساسية في السوق المحلي.
بفضل السياسات المدروسة، من المتوقع أن تساهم هذه التحركات في تحسين أوضاع المزارعين ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام.
صرح مسؤولون أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من التوسع في التعاون بين جهاز “مستقبل مصر” وبقية الأجهزة الحكومية لتطوير منظومة القمح، بما يتماشى مع توجهات الدولة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الزراعية.
يهدف هذا التوجه إلى بناء قاعدة قوية من الإنتاج المحلي المستدام، الذي يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد ويوفر فرصًا جديدة للعمل وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
وبهذه التحركات، لا شك أن جهاز “مستقبل مصر” قد أصبح لاعبًا رئيسيًا في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، ما يعكس توجه الدولة نحو تعزيز سيطرتها على القطاعات الحيوية، والعمل على تحسين الكفاءة في إدارة الموارد الغذائية وتوفيرها للمواطنين بشكل مستدام.