حقوق وحرياتملفات وتقارير

رفض لقاء عالم فضاء مصري شهير داخل القنصلية يعطل إجراءات دفن والدته بأمريكا

أوضح مقطع فيديو متداول علي مواقع التواصل الاجتماعي تعرض عالم الفضاء المصري الدكتور عصام حجي إلى أزمة إنسانية وإدارية مؤلمة أثناء محاولته إنجاز إجراء قانوني بسيط يتعلق بوفاة والدته في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يقيم ويعمل منذ سنوات طويلة في إحدى أبرز المؤسسات العلمية العالمية

أكد الدكتور عصام حجي البالغ من العمر خمسين عامًا والذي يشغل حاليًا منصبًا علميًا في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أنه توجّه قبل أيام إلى مقر القنصلية المصرية بمدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة في محاولة لاستخراج توكيل عام يمكنه من إنهاء إجراءات دفن والدته المتوفاة والتي وافتها المنية منذ فترة قصيرة داخل الأراضي الأمريكية

أوضح أنه بمجرد وصوله إلى القنصلية واجه عقبة تتعلق بانتهاء صلاحية جواز سفره المصري وكذلك بطاقة الرقم القومي وهو ما حال دون استكمال الإجراءات الإدارية المطلوبة رغم بساطتها وقانونيتها بحسب وصفه

أشار إلى أن موظف الاستقبال في القنصلية اقترح عليه مقابلة القنصل المصري كحل لتجاوز هذه المشكلة المؤقتة إلا أن القنصل رفض اللقاء بشكل قاطع حسب ما نقله الموظف عن المسؤول داخل القنصلية وطلب منه تقديم طلبه بشكل رسمي عبر البريد الإلكتروني فقط دون أي نقاش أو استثناء للحالة الطارئة التي يمر بها

لفت إلى أن هذا الإجراء فاقم من حالته النفسية المتدهورة أصلاً بسبب فقدان والدته وحاجته العاجلة لإنهاء ما يتطلبه دفنها قانونيًا واحترامًا لكرامتها في رحلتها الأخيرة مضيفًا أن هذه المعاملة غير المتعاونة فاجأته وشكلت له صدمة كونه لم يطلب أكثر من تسهيل إجراء بسيط يمكن لأي سفارة أو قنصلية تنفيذه في مثل هذه الظروف

زعم أن ما تعرّض له لم يكن حدثًا فرديًا بل هو نموذج لما يتعرض له آلاف المصريين المقيمين في الخارج من صعوبات حقيقية في إنجاز معاملاتهم الرسمية المتعلقة بالأوراق الثبوتية والتوكيلات وغيرها من المعاملات التي تكفلها القوانين والدساتير الوطنية والدولية

أضاف أن المادة الثانية والستين من الدستور المصري الصادر عام 2014 تضمن بشكل واضح لا يقبل اللبس حق المواطنين في التنقل واستخراج الوثائق الرسمية من دون تعقيدات أو إجراءات تعسفية غير مبررة وهذا ما لم يتم احترامه في حالته رغم وضوح الظرف الإنساني الطارئ

أردف أن بعض القنصليات في الخارج تضع عراقيل غير قانونية أمام المواطنين المصريين المقيمين في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص مما يصعّب عليهم إتمام المعاملات الأساسية في حياتهم اليومية مثل استخراج الأوراق الشخصية أو التعامل مع المكاتب الحكومية المصرية عبر الإنترنت

استرسل في شرح أنه رغم مكانته العلمية البارزة التي يعرفها الكثيرون والتي بدأت منذ أن كان معيدًا في كلية العلوم بجامعة القاهرة ثم انتقل بعدها للعمل باحثًا في المركز القومي للبحوث بفرنسا قبل أن يصبح مدرسًا بجامعة القاهرة ثم أستاذًا مساعدًا في جامعة باريس إلا أنه قوبل بعدم تعاون غير مبرر من القنصلية في وقت شديد الحساسية بالنسبة له على المستوى الإنساني

أوضح أن مسيرته العلمية طويلة ومعروفة إذ عمل لاحقًا في مركز الفضاء الفرنسي ثم أصبح أحد العلماء العاملين في وكالة ناسا الأمريكية كما أنه شغل منصب المستشار العلمي لرئاسة الجمهورية في مصر خلال عام 2013 إلا أن كل ذلك لم يشفع له في موقف إنساني بحت يتطلب أبسط درجات التعاون

نوه إلى أن الموقف لم يتطلب استثناءات غير قانونية أو إجراءات معقدة بل مجرد إنجاز ورقي سريع يحترم ظرف الوفاة ويعكس صورة إيجابية عن كيفية تعامل القنصليات المصرية مع مواطنيها في المهجر خاصة أولئك الذين ساهموا في رفع اسم البلاد علميًا في المحافل الدولية

أشار إلى أن الإجراءات الصارمة غير المبررة داخل بعض السفارات تؤدي إلى تراجع ثقة الجاليات المصرية في مؤسسات بلادهم بالخارج كما أن استمرار هذا النهج الإداري قد يؤدي إلى عزوف عدد كبير من المصريين المغتربين عن التواصل مع السفارات والقنصليات ما يخلق فجوة حقيقية بينهم وبين بلدهم الأم

صرح أن استمرارية هذا التعامل الروتيني الجامد لا يتماشى مع احتياجات المصريين المقيمين في الخارج الذين يواجهون تحديات يومية في بلاد الاغتراب ويحتاجون إلى دعم ومساندة فعلية من المؤسسات الرسمية التي تمثلهم

لفت إلى أن التعامل الجاف والبيروقراطي الذي حدث معه يسلّط الضوء على الحاجة الملحة لمراجعة أداء البعثات الدبلوماسية والقنصلية المصرية في الخارج وتدريب طواقمها على التعامل الإنساني أولاً قبل التقيد بالنصوص الإجرائية

أعلن أن الواقعة لم تكن لها أي أبعاد سياسية كما حاول البعض تصويرها بل هي حالة إنسانية تمر بها أسر كثيرة في الغربة وتتطلب قدرًا من التفاهم والمساندة وليس المزيد من البيروقراطية التي تضعف من ارتباطهم بوطنهم الأم

استدرك أن الجالية المصرية في أمريكا وحدها تتعدى المليون شخص بحسب إحصائيات غير رسمية ما يعكس حجم التحدي الواقع على عاتق القنصليات والسفارات المصرية ويفرض عليها واجب التحسين والتطوير المستمر لخدماتها بما يراعي حاجات الناس الفعلية لا مجرد الالتزام الحرفي بالقوانين

نفى أن يكون قد طلب معاملة تفضيلية مشددًا على أن مطلبه لم يتجاوز حدود القانون المصري بل كان فقط طلبًا لتسريع إجراء دفن والدته المتوفاة وهو ما يفرضه واجب الإنسانية قبل أي اعتبارات أخرى

أجاب على بعض التساؤلات التي طُرحت حول ما إذا كان قد سعى لحلول بديلة فأوضح أنه حاول بالفعل التواصل مع القنصلية عبر البريد الإلكتروني كما طُلب منه لكنه لم يتلقَّ أي رد خلال الساعات التي كانت حاسمة في ترتيب إجراءات الدفن ودفن والدته في الوقت المحدد

أكد أن التجربة التي مر بها ستظل مؤلمة للغاية خاصة أنها جاءت في لحظة فقدان شديدة الحساسية لا يمكن تعويضها وناشد المعنيين بضرورة مراجعة سلوك القنصليات في الخارج واتخاذ خطوات عملية لتحسين الأداء والخدمات المقدمة للمواطنين المصريين المقيمين في الخارج

ختم حديثه بالإشارة إلى أن احترام كرامة المواطنين في المهجر يبدأ من تفاصيل صغيرة لكنها تحمل أثرًا كبيرًا على نفوسهم وتعكس مدى التزام مؤسسات الدولة برعاية مواطنيها بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية أو أوضاعهم الشخصية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى