يسابق البرلمان لإقرار قانون الإيجار القديم لإنهاء الجمود وتنفيذ الحكم الدستوري

أعلن البرلمان تكثيف جهوده لمراجعة قانون الإيجارات القديمة قبل انتهاء دور الانعقاد في يوليو 2025 حرصًا على تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية للوحدات السكنية مؤكدًا على ضرورة تحريك العلاقة القانونية بين المالك والمستأجر بما يحقق التوازن ويعيد الحقوق
أوضح المجلس أن التحرك العاجل بات ضرورة في ظل بقاء أقل من ثلاثة أشهر على نهاية الفصل التشريعي الحالي حيث طالب البرلمان الحكومة بتقديم مشروع القانون خلال هذه المهلة حتى يتسنى مناقشته في الجلسات العامة وإقراره بشكل نهائي قبل انتهاء دور الانعقاد في الصيف المقبل
أكد أعضاء المجلس أن الوضع القائم لم يعد مقبولًا وأن استمرار العلاقة الإيجارية بصيغتها القديمة يتعارض مع العدالة الاجتماعية وحقوق الملكية مشددين على أن صدور الحكم الدستوري يفرض تحركًا عاجلًا لتفادي اللجوء إلى القضاء من قبل الملاك لتحريك القيم الإيجارية بشكل فردي وفقًا لتقدير المحاكم
أشار نواب البرلمان إلى وجود توافق واسع داخل المجلس بشأن ضرورة إنهاء هذا الملف المتجمد منذ عقود وذلك عبر قانون جديد يعيد هيكلة العلاقة التعاقدية بشكل تدريجي وعادل للمستأجرين وللملاك على حد سواء ويعالج تراكمات عقارية أثرت على السوق العقارية بشكل عام
استعرض المجلس ثلاث سيناريوهات أساسية لمعالجة الأزمة خلال الفترة القادمة حيث يتصدرها تقديم الحكومة مشروع القانون في أسرع وقت وهو السيناريو المرجح بحسب ما ألمحت إليه المؤشرات الأولية لمناقشات المجلس مع الجهات المختصة
أوضح البرلمان أن السيناريو الثاني في حال عدم تقدم الحكومة بالمشروع سيتمثل في تقديم المجلس نفسه لمشروع قانون نيابي شامل يعرض للنقاش تحت قبة البرلمان ويخضع لكافة الإجراءات الدستورية تمهيدًا للتصويت عليه على أن تلتزم الحكومة بتنفيذه بعد صدوره وفقًا للآليات الدستورية
كشف نواب المجلس أن السيناريو الثالث والأخير قد يكون الأصعب من حيث النتائج حيث سيفتح الباب أمام أصحاب العقارات للجوء إلى المحاكم لتحريك القيمة الإيجارية كلٌ على حدة بناءً على حكم المحكمة الدستورية وهو ما سيؤدي إلى تكدس القضايا وتأخير العدالة ويخلق حالة من الاضطراب في العلاقات التعاقدية
نوه البرلمان إلى أن مشروع القانون الجديد سيضع في اعتباره الحفاظ على حقوق الطرفين عبر خطة زمنية متدرجة تهدف لتحرير العلاقة الإيجارية خلال مدة زمنية محددة تتيح التكيف مع المتغيرات الجديدة وتقلل من الآثار الاجتماعية والاقتصادية على الشرائح الأكثر تضررًا
أضاف النواب أن المقترحات الحالية تتراوح ما بين تحرير تدريجي خلال ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وهي الفترة التي سيتم فيها تعديل القيمة الإيجارية وفقًا لمعدلات تتماشى مع أوضاع السوق مع مراعاة توفير آليات لحماية محدودي الدخل ممن سيتأثرون من تطبيق القانون
اقترح عدد من النواب إنشاء صندوق دعم خاص يتولى تقديم مساعدات مباشرة للمستأجرين غير القادرين على الوفاء بالزيادات المحتملة في الإيجارات بحيث تضمن العدالة الاجتماعية ولا يتعرض المستفيدون من الإيجارات القديمة إلى التشرد أو الضغوط الاقتصادية المفاجئة
لفت المجلس إلى أهمية دراسة مقترح تمليك الوحدات السكنية للمستأجرين القادرين على الشراء وفق أسعار عادلة يتم الاتفاق عليها مع الملاك بما يساهم في إنهاء النزاع ويحول العلاقة من إيجارية إلى تمليكية دون إضرار بأحد الأطراف وهو ما سيسهم في إنعاش سوق العقارات وتحقيق الاستقرار
أوضح النواب أن المشروع المتوقع تقديمه سيعتمد على آلية تحديد القيمة الإيجارية بناءً على تقييم السوق العقاري وظروف الوحدة السكنية وموقعها ومساحتها ومدى جاهزيتها للسكن بما يضمن التوازن بين الحقوق ويمنع المغالاة أو الظلم لأي من الأطراف
أكد البرلمان أنه بصدد الانتهاء من مناقشة المبادئ العامة للقانون المنتظر في اللجان المختصة بحيث يتم استيفاء الدراسة الفنية والتشريعية قبل إحالة المشروع إلى الجلسات العامة وهو ما يضمن جاهزية القانون لإصداره خلال المهلة الدستورية المحددة
أفاد أعضاء المجلس أن عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجارات القديمة يبلغ ما يقارب مليونًا وربع مليون وحدة سكنية وأن ملايين المواطنين يتأثرون بهذا القانون سواء من الملاك أو المستأجرين مما يعكس الأهمية القصوى لسرعة إنجازه بما يحفظ استقرار الأسرة المصرية
أردف البرلمان أن القانون الجديد سيراعي التنوع الجغرافي والسكاني لمختلف المناطق المصرية حيث تختلف القدرة على تحمل التكاليف من محافظة لأخرى ما يتطلب إعداد جداول مرنة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لكل منطقة
استرسل النواب في عرض التحديات التي واجهت الحكومات المتعاقبة في هذا الملف وأشاروا إلى أن تأخير حسم هذه المسألة تسبب في تراكم مشاكل قانونية واجتماعية معقدة تحتاج إلى حلول تشريعية جذرية لا تعتمد فقط على المعالجة السطحية أو التجميل القانوني
زعم عدد من النواب أن هناك ضغطًا مجتمعيًا واسعًا يدفع نحو حسم هذا الملف خلال الدورة البرلمانية الحالية وذلك بعد الحكم القضائي الحاسم مما يجعل التباطؤ في إصدار القانون خطأ استراتيجيًا يصعب تداركه في المستقبل
استعرض البرلمان تقارير ميدانية توضح أن القيمة الإيجارية في بعض المناطق لا تتجاوز خمسة جنيهات شهريًا وهي قيمة لم تعد تتماشى مع أي من التكاليف الفعلية للصيانة أو الخدمات العامة أو حتى القيمة السوقية للوحدة السكنية
أعلن عدد من النواب عن نيتهم تنظيم جلسات استماع عامة يشارك فيها ممثلون عن الملاك والمستأجرين والخبراء العقاريين للتوصل إلى حلول توافقية تؤسس لبيئة تشريعية مستقرة وتقلل من حدة التصادم المجتمعي حول هذا الملف الحساس
أكد البرلمان في ختام اجتماعاته التشريعية أن قانون الإيجارات القديمة سيصدر خلال المهلة المحددة التزامًا بالدستور وتنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية وإحقاقًا للعدالة الاجتماعية وإنهاء حالة عدم التوازن التي دامت لعقود بين الطرفين
نبه المجلس إلى أن إصدار القانون لن يكون نهاية المطاف بل سيعقبه إنشاء جهاز رقابي لمتابعة التطبيق وضمان الالتزام بكافة بنوده إضافة إلى إطلاق حملات توعية للمواطنين لشرح تفاصيل القانون وطرق التعامل معه دون الالتباس أو الخوف
بهذا التحرك يسعى البرلمان إلى إغلاق أحد أطول الملفات تعقيدًا في تاريخ التشريع المصري في إطار من العدالة والشفافية والاستقرار معتمدًا على رؤية واضحة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء في ظل استحقاقات دستورية لا يمكن التغاضي عنها أو تأجيلها مجددًا