أحكام بالسجن تتراوح بين 13 و66 عامًا في قضية “المساس بأمن الدولة” في تونس

أصدرت محكمة تونسية اليوم حكمًا بالسجن يتراوح بين 13 و66 عامًا بحق المتهمين في قضية “التآمر على أمن الدولة”، وذلك في إطار جهود البلاد لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الوطني.
في فجر يوم السبت، نقلت وكالة الأنباء التونسية عن المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أن المحكمة قد أصدرت هذه الأحكام بعد النظر في الأدلة والشهادات التي قدمت خلال المحاكمة. وأكد المصدر أن الأحكام ستخضع للاستئناف وفقًا للقوانين المعمول بها في تونس.
ويأتي هذا القرار في وقت حساس بالنسبة لتونس، التي تشهد تحديات أمنية تتطلب حكومات قوية وسياسات فعالة لمواجهة خطر الإرهاب والمساس بأمن الدولة. وتشير الحكومة التونسية إلى أن هذه الأحكام تمثل جزءًا من التزامها العميق بحماية المواطنين وتعزيز الاستقرار في البلاد.
وقال المساعد الأول لوكيل الجمهورية: “نحن ملتزمون بحماية الوطن ونبذل كل جهد ممكن لضمان سلامة المجتمع التونسي. هذه الأحكام تعكس عزم النظام القضائي على محاسبة المتورطين في أي أعمال تآمرية”.
ومن أبرز المتهمين في القضية، البالغ عددهم إجمالا 40 شخصا، القيادي بحزب “حركة النهضة” نور الدين البحيري، والسياسي ورئيس الديوان الرئاسي الأسبق رضا بلحاج، وأمين عام “الحزب الجمهوري” عصام الشابي، والوزير الأسبق غازي الشوّاشي، إضافة إلى أسماء أخرى محسوبة على “جبهة الخلاص الوطني” التي تضم شخصيات معارضة بارزة.
وأضاف المصدر القضائي أن “الحكم في حق المتهمين المحالين بحالة فرار هو النفاذ العاجل، بمعنى أن الأحكام الصادرة ضد المتهمين الهاربين (غير الحاضرين أثناء المحاكمة) ستُطبق فور القبض عليهم”.
وتابع أن “الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الارهاب أصدرت في ساعة متأخرة من الليل حكما في حق المتهمين في هذه القضية التي شملت الابحاث فيها عدة متهمين، منهم من هم بحالة إيقاف و آخرون بحالة فرار”.
ووفق المصدر ذاته، فإن “التهم تعلقت بارتكاب المتهمين لجرائم أهمها التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وتكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية و الانضمام اليه، وارتكاب الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة او حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح، واثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي المرتبطة بجرائم ارهابية والاضرار بالأمن الغذائي والبيئة”.
والجمعة، انطلقت بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة الجلسة الثالثة للقضية المعروفة إعلاميا بـ”التآمر على أمن الدولة”، وسط غياب المتهمين عن الجلسة، واحتجاج عائلاتهم أمام مبنى المحكمة.
وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023، عندما تم إيقاف عدد من السياسيين المعارضين والمحامين وناشطي المجتمع المدني، ووجهت لهم تهم تشمل، “محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة”، و”التخابر مع جهات أجنبية”، و”التحريض على الفوضى أو العصيان”.
وتقول أطياف من المعارضة ومنظمات حقوقية أن القضية ذات “طابع سياسي”، و”تُستخدم لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المنتقدة للرئيس قيس سعيّد”.
لكن السلطات أكدت في مناسبات عدة أن جميع الموقوفين في البلاد يُحاكمون بتهم جنائية تتعلق بأمن الدولة، مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الفساد”، ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية.
ويتهم الرئيس سعيد، سياسيين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، بينما تقول المعارضة إنه يستخدم القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية.
وفي 25 يوليو/ تموز 2021، بدأ سعيد، فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2012).