حقوق وحرياتملفات وتقارير

تعذيب جسدي ونفسي متواصل للطبيب أبو صفية داخل الزنازين الإسرائيلية السرية

نقل محامون فلسطينيون تفاصيل مروعة عن رحلة عذاب الدكتور حسام أبو صفية داخل المعتقلات الإسرائيلية إذ أوضحوا أنه تعرّض لتعذيب جسدي ونفسي شديد منذ لحظة اعتقاله وحتى نقله إلى السجن بشكل دائم

أكدت إفادات موثوقة أنّ الدكتور حسام أبو صفية البالغ من العمر اثنين وخمسين عامًا يعاني من أوضاع صحية صعبة جدًا داخل المعتقل بعد أن تم اعتقاله في السابع والعشرين من ديسمبر من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة عقب اقتحام القوات الإسرائيلية للمستشفى واعتقال عدد من الطواقم الطبية العاملة هناك

أفادت تقارير مستقلة بأن القوات الإسرائيلية اقتادت الطبيب أبو صفية إلى معسكر سديه تيمان الذي أصبح مركزًا لاحتجاز فلسطينيي غزة بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر وتم احتجازه هناك لمدة أسبوعين تعرض خلالها إلى أربعة جلسات تحقيق طويلة استمرت كل واحدة منها من سبع إلى ثماني ساعات تم فيها استخدام أساليب متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي

نقلت مصادر محاميه أن الدكتور تم نقله بعد ذلك إلى سجن عوفر قرب رام الله حيث بقي محتجزًا داخل زنزانة صغيرة لا تتجاوز مساحتها مترين لمدة خمسة وعشرين يومًا وواصلت السلطات الإسرائيلية التحقيق معه حيث استمرت إحدى جلسات التحقيق المتواصلة لمدة ثلاثة عشر يومًا في ظروف وصفت بأنها قاسية جدًا وغير إنسانية

أشارت تقارير حقوقية إلى أن السلطات الإسرائيلية صنّفت الدكتور أبو صفية كمقاتل غير شرعي وفقًا لقانون صدر عام 2002 وتم تعديله بعد اندلاع الحرب الأخيرة وهو ما سمح باستمرار احتجازه دون محاكمة ودون معرفة تفاصيل قضيته حيث تم إبلاغ طاقم الدفاع بأن ملفه سري وتم رفض تسليمه للمحامين بشكل كامل

قالت المصادر القانونية إن هذا التصنيف يحرمه من كافة الضمانات القانونية والحقوق التي ينص عليها القانون الدولي في التعامل مع المعتقلين حيث لا يخضع لقواعد أسرى الحرب ولا يتمتع بحقوق الدفاع والزيارة بشكل طبيعي

أوضحت الإفادات أن الطبيب أبو صفية خسر أكثر من عشرين كيلو جرامًا من وزنه خلال شهرين فقط نتيجة ظروف الاحتجاز والتحقيق القاسي وأكدت أنه تعرض لكسر في أربعة من أضلاعه نتيجة الضرب ولم يتم تقديم العلاج اللازم له كما يعاني من مشاكل صحية متعددة تشمل اضطرابات في ضغط الدم وعدم انتظام في ضربات القلب إلى جانب ضعف البصر ومشكلات في العين

أضافت التقارير أن القيود المفروضة على الزيارات القانونية تحول دون نقل أي معلومة من الخارج إلى المعتقلين حيث يمنع المحامون من إخبار المعتقلين بأي تفاصيل عن مجريات الحرب أو حتى عن التاريخ واليوم وأماكن وجودهم كما أن المحامين لا يستطيعون تحديد عدد الزيارات ولا توقيتها مسبقًا

استرسلت الإفادات القانونية بالقول إن زيارة المحامية لموكلها لم تتجاوز سبعة عشر دقيقة فقط وكانت تحت مراقبة الحراس ولم يسمح خلالها بأي تواصل حر أو نقل للوثائق أو تبادل للحديث بشكل مباشر

أشارت شهادات حصلت عليها منظمات حقوقية دولية إلى أن ظروف الاحتجاز في مراكز التحقيق والسجون الإسرائيلية لا تفي بأي من المعايير الدولية إذ يجري استخدام أساليب تعذيب ممنهجة ضد المعتقلين الفلسطينيين من بينهم كوادر طبية وإنسانية ومواطنون عاديون دون توجيه اتهامات رسمية أو محاكمات عادلة

أكدت الوثائق الحقوقية أن الآلاف من الفلسطينيين تم اعتقالهم منذ السابع من أكتوبر 2023 وقدرت عددهم بما يقارب خمسة آلاف معتقل من قطاع غزة وحده تم الإفراج عن بعضهم في صفقات تبادل بينما لا يزال الباقون رهن الاعتقال من دون محاكمة أو معرفة محاميهم أماكن تواجدهم

لفتت التقارير إلى أن العديد من المعتقلين تم اتهامهم بالانتماء إلى منظمات مصنفة إسرائيلية كإرهابية أو تشكيل خطر على الأمن الإسرائيلي دون تقديم أدلة ملموسة أو منحهم الحق في الدفاع القانوني العادل

نوهت مصادر قانونية إلى أن السلطات الإسرائيلية تمارس ضغوطًا نفسية وجسدية على الطبيب أبو صفية لإجباره على الاعتراف بأعمال طبية نسبت إليه مثل إجراء عمليات لأفراد من حركة حماس أو لأسرى إسرائيليين وهو ما نفاه بشكل قاطع مؤكدًا التزامه بعمله الإنساني كطبيب أطفال وخضوعه الكامل لأخلاقيات المهنة دون انحياز لأي طرف

زعم المحامون أن الدكتور أبو صفية تعرض لمضايقات وإهانات متكررة خلال فترة احتجازه وتم استخدام التهديد المستمر في التحقيقات لدفعه إلى الإدلاء باعترافات قسرية عن أفعال لم يرتكبها وهو ما تسبب له بإجهاد نفسي وبدني شديد

استدركت التقارير أن الطبيب رغم المعاناة الشديدة التي يتعرض لها إلا أنه لا يزال يتمسك برباطة جأشه ورفضه التام للرضوخ للمطالب الإسرائيلية التي تعتبره طبيبًا مساندًا للمقاومة وهو ما يتناقض مع طبيعة عمله التي اقتصرت فقط على علاج الأطفال والمرضى خلال فترة الحرب

أجابت المصادر القانونية بأن الدكتور لا يعلم حتى اللحظة أي تفاصيل عن مصيره القانوني أو عن موعد محتمل للإفراج عنه إذ تظل وضعيته القانونية معلقة في ظل غياب أي إجراءات محكمة أو توجيه اتهامات رسمية تتيح له الدفاع عن نفسه

قالت جهات حقوقية إن حملة تضامنية دولية أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عنه من خلال وسوم تصدرت منصات متعددة من بينها الحرية للدكتور حسام أبو صفية وإنهاء الإبادة الجماعية بغزة بمشاركة منظمات وشخصيات دولية عاملة في القطاع الصحي

أشارت الحملة إلى أن استمرار احتجاز الكوادر الطبية تحت ظروف تعسفية وغير قانونية يشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تحمي العاملين في المجال الإنساني والطبي خلال النزاعات المسلحة

صرحت جهات معنية بحقوق الإنسان أن الاعتقال دون تهم واضحة يشكل انتهاكًا لحق الدفاع والعدالة وأن استمرار هذه الممارسات يؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين في غزة وحرمانهم من الكفاءات الطبية التي يحتاجونها بشدة في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية

أوضحت تقارير دولية أن هذا الاعتقال وغيره من الاعتقالات الجماعية التي حدثت في الشهور الماضية يجري بعيدًا عن الرقابة القانونية والإنسانية حيث تمنع السلطات الإسرائيلية دخول المراقبين الدوليين أو الهيئات المستقلة إلى أماكن الاحتجاز أو مراكز التحقيق مما يثير الشكوك حول حجم الانتهاكات المرتكبة داخل هذه المرافق

نفت مصادر متابعة للملف وجود أي محاكمة معلنة للدكتور أبو صفية كما نفت توفر أي معلومات حول التهم الرسمية الموجهة له مما يعزز من فرضية أن احتجازه ذو طابع سياسي أو انتقامي نتيجة مواقفه العلنية خلال الحرب ورفضه إخلاء المستشفى رغم التحذيرات الإسرائيلية المتكررة

أضافت الجهات المدافعة عن حقوق المعتقلين أن كثيرًا من حالات الاعتقال الأخيرة تمت بصورة غير قانونية ومن دون أدلة أو مبررات واضحة حيث تم اختطاف المعتقلين من منازلهم أو أماكن عملهم ونقلهم إلى مراكز اعتقال سرية يتم فيها احتجازهم لفترات طويلة دون السماح لمحاميهم بزيارتهم أو حتى معرفة أماكن تواجدهم

لفتت التقارير الختامية إلى أن استمرار الوضع الحالي يشكل تحديًا كبيرًا للقانون الدولي ويستدعي تحركًا عاجلًا من قبل المؤسسات الأممية لوقف هذه الانتهاكات التي باتت تمس كل فئات المجتمع الفلسطيني بمن فيهم الأطباء والمسعفون والمرضى

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى