مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: نزع سلاح المقاومة.. شرط الاحتلال لتحقيق خرافات الشرق الأوسط الجديد!

في مشهد مكرر من فصول الاستعمار الحديث، يطل علينا الاحتلال الإسرائيلي مدعومًا بالهيمنة الأمريكية والتخاذل العربي، ليضع شرطًا فجًا أمام شعب فلسطين الصامد: نزع سلاح المقاومة. وكأنّ الضحية مطالبة بالتخلي عن حقها المشروع في الدفاع عن وجودها، بينما يستمر الجلاد في ممارساته القمعية والعدوانية.

إن مطالبة الاحتلال بنزع سلاح المقاومة ليست مجرد مطلب عسكري، بل هي خطوة مدروسة ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتفكيك بنيتها النضالية، في إطار مشروع أوسع يسمى “الشرق الأوسط الجديد”. هذا المشروع الذي بشّرت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وتسعى من خلاله إلى إعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني، ويفتح الأبواب أمام تطبيع شامل، وانخراط تام للأنظمة في فلك الاحتلال.

وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه بعض الأنظمة العربية – وعلى رأسها النظام المصري – في الضغط على المقاومة ومحاولة إخضاعها. فقد تحوّل معبر رفح، الذي يُفترض أن يكون شريان الحياة لغزة، إلى أداة ابتزاز سياسي، يُفتح ويُغلق حسب الإملاءات والصفقات، وتُمنع المساعدات ويُجوع الشعب الفلسطيني لإرغام المقاومة على الرضوخ. وهذا السلوك يتقاطع تمامًا مع هدف الاحتلال في نزع سلاح المقاومة وإضعاف إرادتها، ويمنح تل أبيب غطاءً عربيًا لتحقيق ما عجزت عنه عسكريًا.

ويُعد سلاح المقاومة، في هذه المعادلة، العائق الأكبر أمام هذا المشروع. فوجود مقاومة مسلحة وواعية يعني أن الوعي الشعبي العربي والإسلامي لا يزال حيًا، وأن هناك من يرفض الانصياع للمشاريع الاستعمارية والتصفوية. ولذلك، فإن شرط نزع السلاح ليس سوى محاولة لقتل الروح قبل الجسد، وتفكيك إرادة التحرر قبل أن تُستكمل فصول النكبة الكبرى.

ورغم كل ما يُسخَّر من إعلام وأموال وضغوط سياسية لتشويه صورة المقاومة، إلا أن وعي الشعوب يزداد، وإدراكها لحقيقة الصراع يتعمق. ففلسطين ليست فقط قطعة أرض محتلة، بل رمز للكرامة والعقيدة، والمسجد الأقصى ليس مجرد معلم ديني، بل قلب الصراع الروحي والتاريخي الذي تحاول الصهيونية، بشقّيها اليهودي والمسيحي، الاستيلاء عليه، لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم، تمهيدًا لنزول “مسيحهم” وتحقيق خرافاتهم الدينية.

لكن ما يغيب عن أذهانهم أن فلسطين ليست للبيع، والمقاومة ليست بندًا في مفاوضات عبثية، ولا يمكن تصفيتها بإملاءات من العواصم الغربية أو بتواطؤ بعض العرب. فالمقاومة اليوم أكثر وعيًا، وأصلب إرادة، وأشدّ تجذرًا في الأرض والوعي. ولن يسمح المقاومون بتحقيق خرافاتهم، لأنهم يدركون أن الإسلام هو الدين الوحيد القادر على تقديم نظام متكامل للحياة، ورفض الظلم، ومحاربة العدوان.

خاتمة: إن فلسطين لأهلها، والأقصى للمسلمين، والمقاومة قدر لا بد منه في مواجهة هذا المشروع الاحتلالي الاستعماري. وعلى كل أحرار الأمة أن يدركوا أن دعم المقاومة اليوم هو دفاع عن مستقبل المنطقة، وعن كرامة الإنسان، وعن حقه في العيش بحرية وعدالة. نزع سلاح المقاومة يعني تسليم مفاتيح الأمة لأعدائها، والمقاومة تعني بقاء جذوة النور في ظلام التخلي والخذلان.


رئيس المنتدى المصرى برلمانيون لأجل الحرية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى