برنامج “إية الحكاية” يناقش تحولات الاقتصاد العالمي وخطط ترامب الاستراتيجية

في ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية، يواصل برنامج “إية الحكاية” تسليط الضوء على أبرز القضايا السياسية والاقتصادية التي تشغل العالم.
في حلقة جديدة من برنامج “إية الحكاية”، تألقت الإعلامية دعاء حسن في حوار عميق ومثير مع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، على شاشة قناة الشرق الفضائية، تحت عنوان: “كيف غيّر ترامب قواعد اللعبة الاقتصادية؟“
تطرقت الحلقة إلى التحولات الجذرية في السياسة الاقتصادية العالمية التي أحدثها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب،
حيث ناقش الضيف تأثير السياسات الجمركية والتجارية التي تبناها ترامب، والنتائج المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل ما يُعرف بـ “الحرب الاقتصادية الباردة” بين الولايات المتحدة والصين.
تحوّل الصين من منافس اقتصادي إلى تهديد استراتيجي
أوضح الدكتور ذكر الله أن جائحة كورونا كانت جرس إنذار عالمي كشف هشاشة سلاسل الإمداد الغربية واعتمادها شبه الكامل على “المصنع الصيني”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة، بعد هذه الأزمة، بدأت تنظر إلى الصين ليس كمجرد منافس اقتصادي، بل كـ”تهديد استراتيجي” يجب مواجهته ضمن خطة طويلة الأمد لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي.
السياسات الأمريكية تتجاوز الأشخاص
وشدّد الضيف على أن السياسات الأمريكية الكبرى لا تتوقف على شخصية الرئيس، بل تُدار عبر مؤسسات راسخة.
وأكد أن ترامب كان بمثابة المُسرّع لهذه السياسات، بينما يتبناها خلفاؤه بطريقة أكثر هدوءًا وعمقًا، مشيرًا إلى أن ما يحدث هو إعادة رسم لخريطة الاقتصاد العالمي وليس مجرد قرارات عابرة.
تفكيك التحالفات الكبرى .. وصعود التحالفات الثنائية
تناولت الحلقة أيضًا التغيرات في شكل العلاقات الدولية، حيث بيّن الدكتور ذكر الله أن الولايات المتحدة تسير نحو تفكيك التحالفات الكبرى كالاتحاد الأوروبي، واستبدالها بتحالفات ثنائية أكثر مرونة، بناءً على معايير جغرافية وديموغرافية وإنتاجية.
وأشار إلى أن دولًا مثل تركيا والمغرب، أو حتى أوكرانيا، قد تدخل ضمن هذه التحالفات الجديدة بناءً على ما تمتلكه من موارد استراتيجية أو قدرات تصنيعية.
كما لفت الانتباه إلى أهمية “المعادن الأرضية النادرة” التي تسيطر الصين على الجزء الأكبر من إنتاجها، ما يزيد من أهمية إعادة التوزيع الجيوصناعي عالميًا.
تداعيات الحرب الاقتصادية على مصر
في الشق المحلي، أكدت الحلقة أن مصر قد تتأثر بشكل غير مباشر بالحرب الاقتصادية الدائرة، خاصة من ناحية الاستيراد وأسعار المنتجات، لكنها في الوقت ذاته تملك فرصة استراتيجية لإعادة تموضع صناعتها الوطنية.
وقال الدكتور ذكر الله إن مصر يمكنها الاستفادة من التحولات العالمية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في المناطق الصناعية التي يمكن استخدامها كمراكز تصنيعية بديلة للدول التي فُرضت عليها رسوم جمركية مرتفعة.
فرص حقيقية أمام الصناعة المصرية
الحلقة شددت على أن على الدولة المصرية اغتنام هذه الفرصة عبر تسهيل مناخ الاستثمار، وتفعيل أدوات مثل “الرخصة الذهبية” للتغلب على البيروقراطية التي تعرقل انطلاق المشاريع الصناعية،
وضرورة إعادة النظر في سياسات التدريب والتعليم الفني لدعم الكوادر القادرة على قيادة هذه المرحلة الصناعية الجديدة.
رسائل طمأنة للمواطن المصري
أوضح الدكتور ذكر الله أن التأثير المباشر للأزمة العالمية على المواطن المصري ما زال محدودًا بسبب ضعف حجم الصادرات المصرية للأسواق الأمريكية.
لكنه حذر من أن استمرار تراجع العملة المحلية نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية يمكن أن يؤثر على الأسعار، داعيًا إلى اتخاذ سياسات مالية ذكية لتحفيز القطاع الصناعي، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي.
فرصة داخل التحدي
اختُتمت الحلقة برسالة واضحة: ما يحدث من تحولات عالمية هو فرصة تاريخية لمصر لإعادة بناء قدراتها الصناعية والاقتصادية.
فبينما ينشغل العالم بصراعاته الكبرى، يمكن لدول نامية أن تُعيد التموضع في النظام العالمي الجديد، إن أحسنت قراءة المشهد، واستعدت له جيدًا.
تستمر التحديات في تشكيل ملامح النظام العالمي الجديد، ومعها تتزايد الأسئلة حول الدور الأمريكي المرتقب في حال عودة ترامب إلى سدة الحكم.
يفتح “إية الحكاية” نافذة على هذه التطورات، داعيًا المشاهدين لمتابعة المشهد عن كثب وفهم أعمق لما يحمله المستقبل من مفاجآت.