حقوق وحريات

ارتفاع وفيات السجون المصرية إلى 11 معتقلًا وسط تجاهل صحي متكرر وممنهج

أوضح عدد من المعتقلين في سجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية ما يتعرضون له من انتهاكات متكررة وأوضاع متدهورة داخل الزنازين وبين جدران السجن التي تحولت من أماكن احتجاز إلى ساحات للتنكيل والمعاناة القاسية وفق ما ورد في رسائلهم الأخيرة التي تسلمها ذووهم

أكد المعتقلون خضوعهم لعمليات تجريد قسري من ملابسهم ومقتنياتهم الشخصية على يد عناصر من إدارة السجن الذين أقدموا على تنفيذ هذه الإجراءات بشكل جماعي في أوقات متفاوتة خلال الأسبوع الماضي ضمن ما وصفوه بسياسات التنكيل المتعمد

أشار المعتقلون إلى تعرضهم للسحل من قبل أفراد الأمن بالإضافة إلى تعرض بعضهم للضرب المبرح داخل الزنازين قبل أن يتم نقل عدد منهم إلى غرف التأديب التي يُعرف عنها أنها تفتقر إلى أدنى مستويات النظافة والتهوية وتتميز بظروف احتجاز شديدة القسوة

استنكر المعتقلون ما يحدث من تجاوزات وصفوها بالممنهجة وأفادوا بأن إدارة السجن لم تكتف بعمليات القمع بل صعّدت من إجراءاتها من خلال عزل بعض المحتجزين داخل زنازين انفرادية لا تتوافر فيها الإضاءة الكافية أو دورات مياه صالحة للاستخدام مما يزيد من معاناة المحتجزين المرضى وكبار السن

أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان – مركز حقوقي مستقل – معني بتوثيق الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز وفاة المعتقل السياسي ياسر خشاب داخل سجن وادي النطرون الجديد بعد تدهور حالته الصحية بشكل حاد إثر إصابته المزمنة بمرض القلب وفشله في تلقي العلاج الملائم داخل السجن رغم مطالبات استمرت لأكثر من عامين

ذكر المركز الحقوقي أن ياسر خشاب البالغ من العمر خمسين عامًا كان يعاني من مرض في القلب يستدعي إجراء جراحة قلب مفتوح منذ أكثر من أربع وعشرين شهرًا غير أن إدارة السجن لم تستجب لتوصيات الأطباء بضرورة نقله إلى أحد المستشفيات المتخصصة وأصرت على بقائه في عنبر السجن رغم خطورة حالته

لفت المركز إلى أن مسؤولي السجن قد برروا رفض نقل المعتقل إلى مستشفى القصر العيني بوجود مركز طبي داخل مجمع السجون إلا أن هذا المرفق لم يكن مجهزًا لإجراء عمليات القلب المفتوح أو التعامل مع الحالات الحرجة الأمر الذي أدى إلى تفاقم حالة المعتقل وانتهى بوفاته

أكد المركز الحقوقي في بيان رسمي له أن إدارة السجن اعترفت في خطوة غير معتادة بتقصير الأطباء العاملين داخل المؤسسة العقابية وبامتناع بعضهم عن أداء واجباتهم المهنية تجاه المرضى والمصابين رغم تزايد عدد الحالات الحرجة في أوساط المعتقلين ولا سيما من يعانون من أمراض مزمنة مثل الكبد والقلب والسكري

أضاف البيان أن حالة ياسر خشاب شهدت تدهورًا حادًا في الأسبوع الأخير قبل وفاته وهو ما دفع إدارة السجن إلى نقله بصورة متأخرة إلى مستشفى القصر العيني لكنه فارق الحياة قبل بدء أي خطوات علاجية فعلية بعد أن وصلت حالته إلى مرحلة متقدمة من التدهور

استعرض التقرير الحقوقي قائمة الوفيات التي وقعت داخل السجون خلال شهر أبريل فقط مؤكدًا أن عدد الوفيات قد بلغ أربع حالات وفاة خلال أسبوعين فقط وهو ما يعكس خطورة الوضع الإنساني داخل مراكز الاحتجاز في البلاد ويدق ناقوس الخطر بشأن أوضاع الرعاية الصحية في تلك المؤسسات

أردف التقرير أن المعتقل محمد حسن هلال توفي داخل سجن بدر 3 فيما توفي المعتقل عبد الفتاح محمد عبيدو داخل سجن جمصة كما فارق المعتقل محمد عبد الرازق الحياة في سجن دمنهور العمومي وكلها حالات موثقة وتؤكد على غياب الحد الأدنى من الرعاية الطبية والمتابعة الصحية داخل السجون

أفاد التقرير أن عدد الوفيات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المختلفة منذ بداية عام 2025 وحتى منتصف أبريل قد ارتفع إلى 11 حالة وفاة جميعها جرت في ظل ظروف صحية متدهورة وتجاهل تام لمطالب العلاج والنقل إلى المستشفيات المتخصصة رغم تكرار الشكاوى المرسلة من السجناء أنفسهم وذويهم

استكمل المركز الحقوقي عرضه للأوضاع من خلال الإشارة إلى أن إدارة بعض السجون تتعامل مع المطالب الطبية بوصفها نوعًا من الترف أو الضغط السياسي وليس حقًا أصيلًا للسجناء وهو ما يؤدي إلى تصاعد معدلات الوفاة خاصة بين كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة

استطرد التقرير في تسليط الضوء على غياب رقابة فعلية على أداء الأطقم الطبية داخل السجون محذرًا من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى مضاعفة عدد الوفيات في الشهور المقبلة خاصة مع دخول فصل الصيف وما يصاحبه من ارتفاع في درجات الحرارة وزيادة احتمالات تفشي الأمراض داخل الزنازين المغلقة

نوه التقرير إلى أن العديد من السجون المصرية ما تزال تفتقر إلى التهوية الجيدة أو وسائل التبريد ما يزيد من الضغط على الحالات المرضية ويعجل بوفاة من يعانون من مشكلات صحية حادة كما أن تكرار الشكاوى حول انتشار الحشرات داخل الزنازين لم يقابله أي تحرك فعلي لتحسين الأوضاع

استدرك المركز في ختام تقريره محذرًا من أن حالات الوفاة الأخيرة ليست حالات فردية أو عرضية بل تمثل نمطًا متصاعدًا يجب التعامل معه كأزمة حقوقية وإنسانية تستوجب تدخلات عاجلة من الجهات المعنية لوقف النزيف المستمر في أرواح المعتقلين داخل السجون المصرية

بلغ عدد الحالات التي توفيت داخل السجون منذ بداية شهر يناير وحتى منتصف أبريل من عام 2025 أحد عشر معتقلًا توزعوا على عدد من السجون المعروفة منها وادي النطرون وبرج العرب ودمنهور وجمصة وبدر 3 وهو ما يعني وفاة معتقل واحد كل عشرة أيام تقريبًا وهو معدل ينذر بالخطر إذا استمرت الأوضاع الحالية على ما هي عليه دون إصلاحات عاجلة

صرح التقرير بأن الانتهاكات لا تقتصر على الإهمال الطبي فحسب بل تمتد إلى ممارسات تعسفية أخرى تشمل العزل الانفرادي والتجويع والمنع من التريض والزيارة وهو ما يُفاقم من الحالة النفسية والجسدية للسجناء ويزيد من احتمالات انهيارهم الصحي

زعم التقرير أن استمرار هذه السياسة العقابية تجاه السجناء المرضى خاصة السياسيين منهم يمثل إخلالًا خطيرًا بالاتفاقيات الدولية التي تضمن الحد الأدنى من الحقوق للمحتجزين وتمنع كافة أشكال التعذيب والمعاملة المهينة وغير الإنسانية

تابع التقرير مطالبته بضرورة فتح تحقيقات شفافة في ظروف وفاة كل معتقل على حدة والكشف عن السجلات الطبية للمصابين والمرضى داخل السجون المصرية تمهيدًا لتحسين الظروف داخل أماكن الاحتجاز وضمان حصول كل معتقل على حقه الكامل في الرعاية والعلاج والمتابعة

أوضح التقرير أن الاحتجاز لا يعني إنهاء الحقوق بل يستوجب حماية الحق في الحياة والرعاية الصحية والتغذية والنظافة والكرامة الإنسانية وفق القوانين الوطنية والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة المصرية

هل تُصبح السجون مقابر مغلقة للمعتقلين مع كل تدهور صحي وغياب علاج مناسب؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى