الحرب في السودان تهدد حياة ملايين الأطفال وتضاعف الانتهاكات ضدهم

تسببت الحرب المستمرة في السودان منذ عامين في تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، إذ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال قد شهدت زيادة غير مسبوقة خلال هذه الفترة، حيث ارتفعت هذه الانتهاكات بنسبة تصل إلى 1000% مقارنة بالفترة السابقة.
تؤكد المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل في بيانها أن “عامين من الحرب والنزوح قد دمروا حياة ملايين الأطفال في مختلف أنحاء السودان”.
تشير المنظمة إلى أن الحرب لم تقتصر فقط على إحداث نزاعات مسلحة، بل امتدت تأثيراتها لتشمل انتهاكات صارخة لحقوق الأطفال، وهو ما أضاف أبعادًا إنسانية كارثية لهذه الأزمة المستمرة.
تلفت اليونيسف الانتباه إلى أن الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال شملت القتل، التشويه، الاختطاف، التجنيد القسري في صفوف المقاتلين، بالإضافة إلى العنف الجنسي.
كما تؤكد التقارير على أن هذه الانتهاكات ارتفعت بنسبة هائلة بلغت ألف في المئة منذ اندلاع الحرب. ووفقاً للإحصاءات التي حصلت عليها المنظمة، وُثقت حالات مروعة من قتل وإصابة الأطفال، حيث ارتفع عدد القتلى والمصابين من 150 حالة مؤكدة في عام 2022 إلى حوالي 2776 حالة في العامين الماضيين.
أشارت المنظمة إلى تزايد الهجمات على المنشآت التعليمية والصحية في السودان، حيث تضاعف عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات بشكل ملحوظ.
فقد سجلت اليونيسف في عام 2022 حوالي 33 هجومًا على هذه المنشآت، بينما بلغ العدد في العامين التاليين 181 هجومًا، ما يعكس تدهور الوضع الأمني في البلاد وتأثيره المباشر على الأطفال وأسرهم.
رغم تصاعد الأزمة، تضاعف أيضًا عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بشكل غير مسبوق. في بداية عام 2023 كان عدد الأطفال المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية حوالي 7.8 مليون طفل، بينما ارتفع هذا الرقم ليشمل أكثر من 15 مليون طفل في الوقت الحالي.
تصف كاثرين راسل الوضع في السودان بأنه الأسوأ من نوعه في العالم حاليًا، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية في هذا البلد لا تحظى بالاهتمام الكافي من المجتمع الدولي.
لفتت راسل إلى أن المأساة التي يمر بها الأطفال السودانيون تستدعي التدخل الفوري من المجتمع الدولي للتخفيف من معاناتهم، قائلة: “لا يمكننا أن نتخلى عن أطفال السودان”.
أوضحت المنظمة أن عدد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد سيزداد بشكل خطير في الأشهر القادمة، حيث يُتوقع أن يتأثر حوالي 462 ألف طفل بهذا الوضع بين شهري مايو وأكتوبر من العام الحالي.
تؤكد اليونيسف أن هذه الأزمة تمثل تهديدًا بالغ الخطورة على صحة الأطفال وحياتهم، وتستدعي استجابة عاجلة من المنظمات الإنسانية والدول المانحة.
على الرغم من الحروب والصراعات التي تعصف بالسودان، تواصل اليونيسف دعوتها للمجتمع الدولي للضغط من أجل إنهاء الحرب ووقف الانتهاكات المستمرة ضد الأطفال.
وفي هذا السياق، أضافت راسل: “إن أطفال السودان في خطر، ولا يمكن للعالم أن يتجاهل معاناتهم في هذه الظروف القاسية”.
من جهتها، تواصل الوكالات الإنسانية عملها في محاولة لتقديم المساعدات العاجلة للأطفال في السودان، حيث يواجه هؤلاء الأطفال تحديات كبيرة تتعلق بالوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية.
في ظل استمرار الصراع، تستمر الاحتياجات الإنسانية في الازدياد بشكل حاد، ويُتوقع أن تتفاقم هذه الأزمة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية من قبل المجتمع الدولي.
تسلط هذه الأزمة الضوء على الوضع الحرج الذي يعاني منه أطفال السودان، والذي يتطلب استجابة منسقة وعاجلة من جميع الأطراف المعنية.
في ظل تزايد الأعداد اليومية للأطفال المتضررين من هذه الحرب، يظل الأمل في تحسين الوضع وإنهاء الصراع بعيد المنال ما لم تُبذل جهود أكبر على المستوى العالمي.
بالتالي، تواصل اليونيسف مناشدتها للمجتمع الدولي للقيام بدوره في إنهاء هذه الحرب التي تسببت في مأساة إنسانية لم تشهدها البلاد من قبل.