ثقافة وتاريخ

ممتاز نصار: أسطورة البرلمان المصري ورائد الدفاع عن العدالة

ممتاز نصار، أحد أعظم الشخصيات القانونية والبرلمانية في تاريخ مصر، يعتبر رمزًا للنزاهة والشجاعة في الدفاع عن العدالة.

وُلد ممتاز نصار في 9 نوفمبر 1912م في مركز البداري بمحافظة أسيوط، حيث نشأ في أسرة ذات تأثير كبير في المنطقة، ليُسطر بذلك مسيرة حافلة من التحديات التي واجهها بعزم لا يلين.

وبعد أن أنهى دراسته الثانوية، سافر إلى القاهرة لدراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا).

كان نصار من أبرز المدافعين عن استقلال القضاء، مُؤمنًا بقوة بالعدالة كأساس لسلامة أي مجتمع. استمد تأثيره من مواقفه القوية في البرلمان، حيث وقف في وجه محاولات تقييد حرية القضاء والمساس بالقيم الدستورية.

كانت حياته المهنية نموذجًا فريدًا في التفاني والانتماء لقضية وطنه، فكان صوتًا لا يهادن في السعي لتحقيق العدالة.

أكدت السجلات التاريخية أن المستشار ممتاز نصار يعد من أبرز الشخصيات التي شهدها تاريخ مصر البرلماني، حيث سطع نجمه في سماء المعارضة وأصبح رمزًا للعدالة والمقاومة.

المسار المهني: من المحاماة إلى القضاء

وأشارت السجلات التاريخية أن ممتاز نصار إلى أن طريقه المهني بدأ عندما قرر أن يختار مهنة المحاماة على الرغم من كونه من الأوائل الذين تم ترشيحهم للعمل في النيابة العامة.

استمر في عمله بالمحاماة لمدة ست سنوات، ثم انتقل للعمل في النيابة وتدرج فيها إلى أن وصل إلى وظيفة مستشار بمحكمة الاستئناف، ومن ثم مستشارًا في محكمة النقض.

وعُرف نصار بمواقفه القوية والمستقلة في الدفاع عن حقوق الشعب وحماية القضاء من التدخلات السياسية.

رئاسة نادي القضاة ورفض الاستقطاب السياسي

وكما أكدت السجلات التاريخية أن ممتاز نصار في عام 1947م انتُخب عضوًا في مجلس إدارة نادي القضاة ثم تم تعيينه سكرتيرًا للنادي في نفس العام، حيث أصبح رئيسًا له في عام 1963م.

ولكن، في عام 1969م، عندما طلب منه وزير العدل آنذاك الانضمام إلى الاتحاد الاشتراكي وتولي منصب أمانة القضاء في الحزب، رفض رفضًا قاطعًا مبررًا أن القضاء يجب أن يكون مستقلاً عن السلطة السياسية.

وكانت هذه المواقف سببًا رئيسيًا في ما يُعرف بـ “مذبحة القضاة” عام 1969م، حيث أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارًا بإحالة 208 قضاة إلى المعاش، وكان ممتاز نصار من أبرزهم.

الانتخابات البرلمانية ومواقف لا تُنسى

وأوضحت السجلات التاريخية أن ممتاز نصار قرر خوض غمار السياسة بعد أن أُجبر على ترك سلك القضاء.

ففي عام 1976م، ترشح لأول مرة لعضوية مجلس الشعب عن دائرة البداري، وتمكن من الفوز في الانتخابات، ليصبح أحد أقوى أصوات المعارضة.

وبالرغم من الظروف الصعبة، بما في ذلك حل البرلمان بسبب معارضته لاتفاقية كامب ديفيد، نجح نصار في العودة إلى المجلس في عام 1979م، ليُظهر بذلك شجاعة نادرة في مواجهة الحكومة والرئيس السادات.

قضية هضبة الأهرام: معركة العدالة

أكدت السجلات التاريخية أن نصار في عام 1979م، قدم استجوابًا تاريخيًا في البرلمان حول بيع أراضي هضبة الأهرام، وهو الاستجواب الذي قوبل بالرفض من قبل الحكومة.

رغم هذه المعارضة، نجح في الحصول على حكم قضائي بوقف عملية البيع، ما جعله يتلقى إشادة دولية من هيئة اليونسكو التي أرسلت خطابًا تقديريًا له لإنقاذ أهم آثار مصر من السرقة.

نضال مستمر: من الصحافة إلى الدفاع عن الحقوق

أشارت السجلات التاريخية أن ممتاز نصار ظل يكتب في جريدة “الأحرار” منذ نشأتها في عام 1977م وحتى وفاته في 14 أبريل 1987م، حيث كان دائمًا المدافع الأول عن العدالة واستقلال القضاء.

قدم العديد من المواقف الشجاعة، مثل معارضته لقانون العيب الذي أصدره السادات، معتبرًا إياه تعديًا على الحرية الشخصية والفصل بين السلطات.

الأسد الذي لا يُقهر

اختتمت حياة ممتاز نصار السياسية والقانونية بوفاته في 14 أبريل 1987م، لكن اسمه ظل محفورًا في ذاكرة الشعب المصري كأحد أبرز المدافعين عن حقوق الناس وحريتهم.

وُصف نصار دائمًا بأنه كان “الأسد” الذي كانت قوانين الانتخابات تتغير كل عام فقط لاستبعاده، لكنه ظل شامخًا لا يخشى أحدًا حتى رحيله.

ظل ممتاز نصار، رغم التحديات العديدة التي واجهها، أسطورة في تاريخ القضاء والبرلمان المصري. بقوة إرادته ونضاله الدائم، ترك بصمة لا تُمحى في الدفاع عن العدالة والقضاء المستقل. رحل عن الدنيا في 14 أبريل 1987، لكنه ما زال يمثل رمزًا للمواقف الشجاعة والنزاهة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى