ملفات وتقارير

الليمون يصل 120 جنيهًا للكيلو وسط جنون الأسواق وغياب الرقابة الحكومية

أكدت حالة من الذهول سيطرت على الشارع المصري، بعدما تخطى سعر الليمون حاجز 120 جنيهًا للكيلو الواحد، لتُشعل أزمة غير مسبوقة من الغضب الشعبي، وتساؤلات مستمرة حول من المتسبب الحقيقي، بينما تتفاقم المخاوف من امتداد جنون الأسعار لسلع أخرى أساسية.

أزمة صادمة تفجر جدلًا واسعًا في الشارع المصري

أوضح “هشام جاد” – موظف حكومي من القاهرة – أن ما يحدث ليس مجرد ارتفاع عابر، بل “كارثة اقتصادية صغيرة تكشف مدى هشاشة السوق”، مشيرًا إلى أنه فوجئ عندما طلب من زوجته شراء نصف كيلو من الليمون، فوجد أن السعر وصل إلى 65 جنيهًا،

وعندما ذهب بنفسه إلى السوق صُدم بوجود كيلو يتجاوز 120 جنيهًا. وأكد أنه “لم يعد شراء الليمون متاحًا لكل بيت كما كان سابقًا”، بل أصبح “رمزًا للطبقية الغذائية”.

تجار الجملة يكشفون أسرار الانفجار السعري

أكد “محمود الطوخي” – تاجر جملة بسوق العبور – أن السبب الجوهري وراء هذا الارتفاع الحاد لا يعود إلى نقص الإنتاج كما يظن البعض، بل إلى “توقيت الحصاد”،

موضحًا أن الموسم الجديد لم يبدأ فعليًا بعد، ومعظم المحصول ما زال على الأشجار. وقال: “كل سنة بنعدي بنفس الأزمة لكن السنة دي الطلب زايد قبل رمضان، والعرض قليل، والسعر طار”.

الطلب يتغلب على العقل: الأسواق تنهار أمام الجشع

أشار “أحمد كمال” – بائع تجزئة بمنطقة شبرا – إلى أن الطلب ارتفع بشكل جنوني مع اقتراب رمضان، خاصة أن الأسر المصرية تعتبر الليمون عنصرًا لا غنى عنه في أغلب الأكلات الرمضانية، وأضاف: “من أول ما الناس شمت ريحة رمضان، الأسعار بدأت تتحرك، وبقينا نشتري الليمون بالغرام حرفيًا”.

“الميمز” لا تكفي: السخرية من الأسعار تعكس قلقًا حقيقيًا

نوهت “سارة شوقي” – طالبة جامعية – إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مليئة بالسخرية من أسعار الليمون،

لكنها ترى أن هذه “الكوميديا المرة” تخفي وراءها ألمًا حقيقيًا، قائلة: “بنعمل ميمز وضحك، بس في البيت بنحسبها بقرش القرش، والليمون بقى للناس اللي معاها كاش”.

الليمون .. سلعة أساسية تتحول إلى رفاهية

أوضح الدكتور عماد عوض أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن الارتفاع الجنوني في أسعار الليمون يعكس أزمة أكبر في إدارة المعروض من السلع الزراعية الموسمية،

قائلًا: “لدينا فجوة هيكلية في التخطيط، والاعتماد على مواسم الحصاد بشكل عشوائي، وعدم وجود مخزون استراتيجي من المحاصيل السريعة التلف مثل الليمون، يؤدي إلى قفزات سعرية مدمرة”.

المشكلة أكبر من مجرد ليمون

أكد حسين درويش فلاح، أن هناك ضعفًا شديدًا في التنسيق بين وزارة الزراعة والمزارعين بشأن توقيتات الحصاد وتسويق المحصول.

وقال: “الليمون مش ناقص، بس السوق بيسحب أكتر من المعروض، وده بيخلق بيئة خصبة للمضاربة والمغالاة من كبار التجار”.

المستهلكون في مرمى النيران: ارتفاعات متلاحقة تثير القلق

أشار علاء لطفي موظف بأحد البنوك، إلى أن جنون أسعار الليمون مجرد مقدمة، موضحًا أن التجار استغلوا الأزمة ليصعدوا أسعار باقي الخضراوات والفاكهة بحجة “نفس الظروف”. وأضاف: “كيلو الطماطم بقى بـ20 جنيه، والخيار بـ18.. الليمون كان الشرارة”.

اختفاء تدريجي من المطابخ الشعبية

أوضحت أم خالد ربة منزل، أن الوضع أصبح لا يُحتمل، مؤكدة: “كنت بشتري كيلو ليمون وأخزن، دلوقتي بشتري ثلاث حبات بس بـ20 جنيه، وبحط نص لمونة في الطبيخ وبس، مفيش رفاهية”. وأضافت: “السلطة من غير ليمون؟ ده كأنه أكل من غير ملح”.

الاقتصاد المنزلي أمام تحدٍ جديد

أكدت الدكتورة نجلاء بسيوني خبيرة تغذية واقتصاد منزلي، أن الأزمة لا تتعلق فقط بالليمون كمكون غذائي، بل بانعكاساته الصحية على الفئات الفقيرة،

موضحة: “الليمون مصدر مهم لفيتامين C، وغيابه من الغذاء اليومي قد يزيد من حالات الأنيميا ونزلات البرد، خاصة لدى الأطفال”.

مخاوف من استمرار الأزمة حتى عيد الأضحى

أشار محمود السيسي تاجر بأسواق إمبابة، إلى أن الهدوء قد لا يأتي قبل نهاية يونيو، حيث يبدأ المحصول الصيفي في النزول للأسواق.

وأضاف: “توقعاتي الشخصية إن الأسعار ممكن تنزل لـ20 جنيه للكيلو مع دخول عيد الأضحى، بس لو المحصول اتأخر، الناس هتفضل تعاني”.

توقعات بانخفاض يصل إلى 80% خلال شهرين

أوضح الدكتور أشرف جلال باحث اقتصادي، أن السوق يعمل وفق قاعدة العرض والطلب، مؤكدًا أن الانفراجة قادمة لا محالة.

وأضاف: “بمجرد نزول المحصول الجديد، هنشوف الأسعار تنهار بنسبة لا تقل عن 80%، بس لحد ده، السوق هيفضل يسخن، والمواطن هو الضحية”.

هل فشلت الدولة في السيطرة على الأسواق؟

أشار محمد عبد المقصود ناشط مجتمعي، إلى أن الأزمة الحالية تثبت فشل أدوات الرقابة الحكومية في التعامل مع سلع موسمية، قائلًا: “الدولة لا تتدخل إلا بعد انفجار الأزمة، ودايمًا بيفضل المواطن في وجه المدفع”.

مطالبات بتدخل حكومي عاجل

أكدت الدكتورة ياسمين خطاب خبيرة في شؤون المستهلك، أن الحل في يد الحكومة من خلال إطلاق حملات شراء وتخزين استراتيجي للمنتجات الموسمية،

وأضافت: “يجب دعم التعاونيات الزراعية، وإنشاء أسواق موازية لكسر احتكار كبار التجار، لأن المواطن البسيط مش لازم يدفع فاتورة كل خلل”.

أشعل الليمون أزمة لم تكن في الحسبان، كشف بها هشاشة السوق، وغياب التدخلات الفعالة، وسط صرخات المواطن التي لم تُقابل بتحرك جاد بعد. وبين وعود بالانفراج وصبر الناس، يظل السؤال: من يحاسب من باع “الليمونة” بـ120 جنيهًا؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى