العالم العربيملفات وتقارير

الذكرى الثانية للحرب في السودان: تغيّرات حاسمة وسط تحوّل جذري في موازين القوى

الجيش السوداني يفرض سيطرته ويستعد لتوسيع نطاق العمليات في عام الحرب الثالث

تستعد الساحة السودانية لدخول مرحلة جديدة وحاسمة مع إعلان الجيش السوداني وحلفائه عن تحركات عسكرية واسعة، بعد عامين من القتال المستمر الذي خلّف دمارًا واسعًا. ومع حلول النصف الثاني من عام 2024، تغيّرت موازين القوى بشكل ملحوظ لصالح القوات المسلحة، لتزداد التوقعات بمزيدٍ من التصعيد خلال العام الثالث على التوالي.

تشير التطورات الأخيرة إلى سيطرة الجيش السوداني وحلفائه على معظم المواقع التي كانت خاضعة لقوات الدعم السريع في الخرطوم، وسنار، والجزيرة، ما شكّل ضربة قوية لطموحات الخصوم. وبينما تتواصل أصوات المدافع والرصاص في ساحات القتال، تؤكد الجهات العسكرية عدم وجود مجال لأي هدنة إنسانية أو تفاوض يلوح في الأفق، إذ يزداد الإصرار على الحسم العسكري.

في ظل هذه التحوّلات، بات المشهد في السودان مهيّأً لتصعيد واسع النطاق، خاصة بعد إعلان قيادات الجيش عن التحضير لعمليات عسكرية تستهدف ولايات دارفور وكردفان، الأمر الذي يفتح الباب أمام مرحلة أكثر سخونة في المعارك الدائرة، ويعزز توجه الجيش نحو استعادة السيطرة الكاملة على البلاد.

على صعيد متصل، يتابع الخبراء العسكريون الوضع عن كثب وسط توقعات بأن يشهد العام الثالث من الحرب مواجهة أكثر ضراوة، فيما يواصل الشعب السوداني معاناته نتيجة التأثيرات الإنسانية والاقتصادية العميقة التي خلّفتها المعارك المستمرة منذ منتصف أبريل/نيسان 2023.

تصريحات من الميدان

عبّر رئيس حركة تحرير السودان، مصطفى تمبور، الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش، عن ثقته في التحولات الأخيرة قائلًا: “لقد انتهجت القوات المسلحة السودانية سياسة حربية دقيقة جدًا، بدءًا من الدفاع وصولًا إلى الهجوم الكاسح الذي فرض تراجعًا واضحًا لقوات الدعم السريع في الخرطوم وسنجة والجزيرة وشمال كردفان والفاشر.”

وأضاف تمبور: “تشهد المرحلة الحالية تلاحمًا قويًا بين مختلف القوات المقاتلة مع الجيش، ما يعزز فرص تحقيق الاستقرار ويؤكد قدرة السودان على استعادة وحدته وأمنه في القريب العاجل.”.

ويضيف “الآن الموقف العملياتي على الأرض يشهد تقدما ملحوظا للجيش الوطني وهزائم متتالية للمليشيا وقريبا ستعود كامل الأراضي السودانية إلى حضن الوطن”.

Sudan's army chief Abdel Fattah al-Burhan raises his fist after disembarking from a helicopter, in the capital Khartoum, Sudan March 26, 2025. Sudan Sovereign Council/Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يلوح بيده لدى وصوله العاصمة الخرطوم (رويترز)

الجيش السوداني يعزز تفوقه العسكري ويقترب من حسم الصراع في دارفور

يواصل الجيش السوداني إحكام سيطرته على مزيد من المواقع الحيوية، في وقت تتضاءل فيه قدرات الدعم السريع على مواجهة تقدم القوات النظامية. ويأتي هذا التصعيد وسط تأكيدات بقرب حسم المعركة في العاصمة والتوجه نحو تحرير كامل إقليم دارفور.

تؤكد مصادر عسكرية مطلعة أن الجيش السوداني يضع خططا عسكرية للتعامل مع أي محاولة هجوم بري على الولاية الشمالية، في حين تبدو هجمات الطائرات المسيّرة التي تنفذها قوات الدعم السريع محدودة الجدوى في التأثير على مسار العمليات. ووسط هذه التطورات، تتصاعد التوقعات بتغيير المعادلة الميدانية لصالح الجيش بشكل متسارع.

في أعقاب السيطرة بالعاصمة، ستتوجه القوات النظامية إلى مدينة الفاشر لتكون نقطة انطلاق تهدف إلى استعادة بقية مناطق دارفور وتطهيرها من أي جيوب معادية، تمهيدًا لدخول المرحلة الأمنية الثالثة التي ستشهد حسم التفلتات الإجرامية وإطلاق مبادرات المصالحة الاجتماعية للحد من أي محاولة للالتفاف عبر استغلال الانقسامات القبلية.

تأتي هذه التحركات المدروسة فيما تشير تقارير إلى تنامي عدم الرضا في صفوف مجتمعات وحواضن الدعم السريع، الأمر الذي قد يحد من قدرتها على تغذية صفوفها بمقاتلين جدد، مما يسرّع في تفكيك منظومتها القتالية.

وفي هذا السياق، صرّح يوسف عمارة أبو سن، عضو لجنة إسناد قوات درع السودان المسندة للجيش:
“المشهد العسكري يتّجه نحو مزيد من كسب الأرض لصالح الجيش السوداني، فيما تضيق الحلقة على الدعم السريع. وبعد حسم العمليات في العاصمة، سننتقل إلى الفاشر لتحرير بقية إقليم دارفور، ثم ننتقل إلى المرحلة الأمنية التي ستشهد استئصال جيوب التفلتات الإجرامية. كما يبقى خيار المصالحة الاجتماعية واردًا بقوة لإحباط أي تعبئة قبلية.” >

الجيش يؤكد حسم المعركة ويعزز دوره المركزي في المرحلة الانتقالية

في خطوة تعكس التحولات البارزة في المشهد السياسي السوداني، شدّد المستشار السياسي لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي حاتم السر على أنّ الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش تؤكد اقترابه من إنهاء الحرب، مع تزايد الدعوات الشعبية لإنهاء الصراع عبر حسمٍ كامل وسحق المليشيا.

شهدت الأيام الأخيرة تطورات عسكرية وميدانية عزّزت موقف الجيش، وأظهر الشارع السوداني دعماً واسعاً لقيادة المؤسسة العسكرية خلال المرحلة الحالية. في ظلّ هذا الزخم الشعبي والسياسي، تلوح في الأفق ملامح انتقالية عنوانها الرئيس تقوية دور القوات المسلحة، مع ترقبٍ لحوار سوداني-سوداني شامل يضمن استقرار البلاد واستمرار العملية الديمقراطية.

يشير المراقبون إلى أنّ الحسم العسكري قد بات وشيكاً، فيما تتجه القوى المدنية إلى بلورة رؤية جديدة من خلال حوار وطني يضم كافة الأطراف، بمن فيهم الذين أيدوا المليشيا، لضمان شمولية الحل واستدامته.

التفاصيل

  1. اقتراب نهاية الحرب
    وصف السر التطورات الأخيرة بأنّها وضعت حدّاً للخطر المحدق بالسودان، مؤكداً أنّ حسم المعركة عسكرياً صار أمراً واقعاً، وأنّ التفاوض لن يأتي قبل بلوغ الجيش هدفه الإستراتيجي المتمثل في تصفية القوة الصلبة للمليشيا.
  2. تعزيز دور الجيش في الفترة الانتقالية
    شدّد السر على أنّ الحرب أحدثت تغييراً جذرياً في المشهد السياسي، حيث بات الجيش رقماً لا يمكن تجاوزه في أي عملية سياسية مقبلة، ما يعني أن عودته الكاملة للثكنات قد تتأجل إلى ما بعد الانتخابات واختيار حكومة منتخبة.
  3. حوار سوداني شامل
    توقّع السر أن تتوجه البلاد نحو حوار سوداني-سوداني حقيقي، تشارك فيه القوى المدنية والسياسية لاستعادة دورها المحوري، مع التأكيد على ضرورة عدم إقصاء أي طرف، بما في ذلك القوى التي أيدت المليشيا، ضماناً لنجاح المرحلة الانتقالية ووضع أسسٍ متينة لتحقيق الاستقرار.

تصريحات ذات صلة

المستشار السياسي لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي حاتم السر:
“هناك إصرار شعبي يدعو لإنهاء هذه الحرب بشيء واحد، وهو النصر الكامل وسحق المليشيا والقضاء عليها. لا يتوقع الجيش الدخول في عملية تفاوضية جادة قبل تصفية القوة الصلبة للمليشيا ووضع سيناريو واضح للتعامل مع بقاياها.”

حول أهمية دور الجيش:
“الحرب رسّخت حقيقة أن المؤسسة العسكرية أصبحت حجر الزاوية في العملية الانتقالية المقبلة، ومن غير الممكن إخراجها من المشهد قبل إجراء انتخابات حرة ونزيهة.”

    الجيش السوداني يحرز تقدماً ملحوظاً وسط تحدياتٍ معقّدة

    أحرز الجيش السوداني خلال الفترة الأخيرة سلسلة انتصارات مهمة في عددٍ من جبهات القتال الحيوية، وذلك بالرغم من حجم التحديات الأمنية والعسكرية الكبيرة التي تواجه البلاد. ويفتح هذا التقدم الباب أمام سيناريوهات متعددة قد تغيّر مسار الأزمة الراهنة، فيما يبقى التوصل إلى هدنة شاملة أو حلول سياسية نهائية رهن التطورات على أرض الواقع.

    شهدت ولايات الخرطوم والجزيرة استعادة مدنٍ محورية، ما عزّز من ثقة الجيش في قدرته على احتواء عناصر “المليشيا” في مناطق النيل الأبيض ونهر النيل وشرق البلاد. وعلى الرغم من هذا التقدم، ما تزال قوات الدعم السريع تحتفظ بمواضع نفوذ في إقليم دارفور، الأمر الذي يؤكد أن الطريق نحو نهاية الصراع لا يزال طويلًا.

    وفي ظل هذا المشهد، تتعالى الأصوات الداعية إلى إيجاد حلول دبلوماسية وسياسية مستدامة، حيث تظل السيناريوهات مفتوحة أمام احتمالات تصعيد جديد، أو تدخل دولي يهدف إلى وقف تدهور الأوضاع، أو تسويات وطنية تنهي التمرد وتعيد الاستقرار إلى البلاد.

    “بدا واضحًا أن كفّة التفوق تميل ببطء وثبات لصالح الجيش، إلا أن قوات الدعم السريع لا تزال تحتفظ بموطئ قدم واسع في دارفور، ما يجعل الحرب أبعد من أن تكون شارفت على نهايتها.”
    ــ جمال الشهيد، خبير في الشؤون العسكرية

    “رغم التفوّق العسكري الكبير، إلا أن مؤشرات الحسم لا تزال بعيدة، فالمليشيا تتلقى دعما خارجيا، وتراهن على إطالة أمد الحرب، لتبقى السيناريوهات مفتوحة بين تصعيد كارثي، أو تدخل دولي متأخر، أو حسم وطني يُنهي التمرد.”
    ــ جمال الشهيد، خبير في الشؤون العسكرية

    ميزان القوى في السودان يتجه نحو تحول جذري بعد عامين من النزاع المدمر

    في خضم التطورات العسكرية والسياسية المتسارعة في السودان، يشهد المشهد الداخلي تحولات عميقة قد تعيد رسم مستقبل البلاد ومؤسساتها. وبعد عامين من صراع مدمّر، بدأ ميزان القوى يميل لصالح الجيش السوداني، مدفوعًا باستعادته للعاصمة الخرطوم والقصر الرئاسي، واكتسابه دعمًا شعبيًا من شرائح واسعة تشعر أن الصراع أصبح صراع وجود ومصير.

    يري المراقبون أن هذا الدعم الشعبي قد لا يستمر من دون مساءلة حقيقية، إذ سيُطرح سؤال جوهري: كيف سمح الجيش بتأسيس ميليشيا موازية له، ولماذا لم يتمكن من منع تمددها رغم استحواذه على الحصة الأكبر من ميزانية الدولة لسنوات طويلة؟ الإجابة على هذه التساؤلات المرتقبة قد تفضي إلى تفاعلات كبيرة داخل المؤسسة العسكرية، وربما تمهد لإعادة تشكيلها على أسس جديدة تعالج مكامن الضعف وتستجيب لتطلعات الشارع.

    في المقابل، لا تزال قوات الدعم السريع تبدي مقاومة شديدة في أجزاء واسعة من البلاد، لا سيما في شمال دارفور، ويعزز ذلك استخدامها للطائرات المسيّرة الحديثة التي جعلتها تمتلك قوة ضاربة بعيدة المدى، مثيرةً تهديدًا كبيرًا للمواقع الإستراتيجية والعسكرية الآمنة سابقًا. هذا المشهد قد يعيد رسم خريطة التوازن العسكري من جديد ويخلق واقعًا مختلفًا يصعب التكهن بنتائجه.

    وعلى صعيد القوى السياسية، يرى محللون أن حالة الإنهاك العام ستضيف مزيدًا من الضعف على المشهد السياسي الذي كان يعاني أصلًا من انقسامات حادة. ونظرًا لعدم قدرتها على توحيد صفوفها خلال الأزمة، يُتوقع أن تتفاقم الخلافات في الفترة المقبلة مع صعود تشكيلات شبابية جديدة ومتفاعلة تنحدر من إرث ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019.

    اقتباس من علاء الدين بشير، صحفي ومحلل سياسي
    “بعد عامين من الحرب المدمّرة، بات الجيش قريبًا من الإمساك بزمام الأمور، إلا أنّ السند الشعبي ليس شيكًا على بياض، وسيتحوّل قريبًا إلى مساءلة حقيقية لدور المؤسسة العسكرية في نشأة المليشيا وكيفية السيطرة عليها.”

    اقتباس من علاء الدين بشير، موجه للمرحلة المقبلة
    “لا تزال قوات الدعم السريع تملك مقومات تهديد جدي ومؤثر، وستؤدي محاولاتها للمقاومة إلى إعادة تشكيل توازنات القوى على الأرض، في ظل حالة الإنهاك التي تطال الجميع.”

    المزيد

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    زر الذهاب إلى الأعلى