مقالات وآراء

مجدي حسن يكتب : حياة تتآكل وأحلام تتبخر في ظل الغلاء

في الوقت الذي تتصدر فيه عناوين الصحف الحكومية تصريحات من قبيل: “الاقتصاد المصري يشهد تحسنًا غير مسبوق”، و”جهود الدولة في تحقيق التنمية المستدامة تلقى إشادة دولية”، يعيش المواطن المصري على أرض الواقع صدمةً متكررة، عنوانها الأبرز: غلاء غير مسبوق.

أسبوع الغلاء

خلال يومين فقط، اتخذت الحكومة قرارات فجّرت موجة جديدة من السخط الشعبي، بعدما أعلنت لجنة تسعير المنتجات البترولية عن رفع أسعار البنزين والسولار بمقدار جنيهين للتر، رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا. ولم تمر 24 ساعة حتى جاءت الصدمة الثانية: رفع سعر أنبوبة البوتاجاز المنزلية إلى 200 جنيه بدلاً من 150.

وفي مشهد يتكرر منذ سنوات، لم تتأخر النتائج: أعلنت شعبة المخابز ارتفاع أسعار الخبز السياحي بنسبة تصل إلى 40%، فيما حلق الذهب عيار 21 إلى 4700 جنيه للغرام الواحد، في وقت لم ترتفع فيه دخول المواطنين أو قدرتهم الشرائية، بل انخفضت مع انهيار قيمة الجنيه.

دروس في السعادة

تزامنًا مع هذه القرارات، خرج مفتي الجمهورية ليرشد المواطنين إلى السعادة الحقيقية، قائلاً: “السعادة لا تأتي من كثرة المال، بل من رضا القلب وراحة النفس”. وكأن المطلوب من المواطن الجائع أن يتأمل في المعاني الروحية بدلًا من البحث عن رغيف خبز أو أنبوبة غاز.

رسائل متناقضة

وبينما يكافح المواطن لتدبير أساسيات حياته، يخرج علينا بيان حكومي يقول: “منظمة التعاون الاقتصادي تشيد بجهود مصر في تحسين الحوكمة والنمو المستدام”. أما محافظ البنك المركزي، فطمأن الجميع بقوله إن “الاقتصاد الكلي يشهد استقرارًا وتحسنًا كبيرًا”.

ولكن، إذا كان الاقتصاد في تحسن، فمن الذي يدفع ثمن هذا “التحسن”؟ ولماذا يشعر المواطن أن جيبه هو الضحية الوحيدة في كل إصلاح؟

خلاصة المشهد

ما يحدث اليوم ليس مجرد أرقام في نشرات إخبارية، بل هو حياة تتآكل وأحلام تتبخر في ظل غلاءٍ لا يرحم، وحكومة تكتفي بإرسال رسائل الطمأنة عبر المؤتمرات والشاشات.

إن المواطن لم يعد يطلب أكثر من العدالة والرحمة، لا الرفاهية ولا الترف. فهل تسمع الدولة صوته، أم أن صوته أصبح خارج نطاق التغطية؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى