بين تمرير القوانين وتجاهل الشعب .. نواب أسيوط في مرمى الانتقادات

تحت قبة البرلمان المصري، تتعالى الأصوات أحيانًا معبرة عن هموم الشعب، بينما في أحيان أخرى تثير موافقات النواب على القوانين الشائكة تساؤلات حول مدى قدرتهم على تمثيل مصلحة المواطنين.
في قلب محافظة أسيوط، التي تعد واحدة من أكبر وأهم المحافظات المصرية، تشهد العديد من المواقف المثيرة للجدل من قبل نوابها الذين لم يقدموا على مدار السنوات الماضية أي خطوات جادة تدعم مصالح الشعب.
ورغم أن النواب في البرلمان يجب أن يكونوا صوتًا للشعب ودرعًا في وجه القوانين التي قد تمس حرياته وحقوقه، إلا أن الواقع السياسي يكشف عن تواطؤهم مع الحكومة في تمرير العديد من القوانين التي تقيّد حريات المواطنين.
العديد من المواطنين والمختصين في أسيوط يعبّرون عن خيبة أملهم تجاه نوابهم الذين لم يكن لهم دور حاسم في تحسين أوضاعهم حيث لم يقفوا إلى جانبهم ولم يدافعوا عن حقوقهم.
كما أن التاريخ السياسي للكثير منهم يثير القلق، خصوصًا بعد تمرير العديد من القوانين التي تصب في مصلحة السلطة، مما يزيد من معاناة المواطنين.
مواقف مشبوهة وموافقة على قوانين تقيّد الحريات
تتزايد الشكوك حول مواقف بعض نواب أسيوط بعد تأييدهم للقوانين التي تعيق حرية التعبير وتزيد من سيطرة الحكومة على مفاصل المجتمع.
فبينما يتطلع الشعب المصري إلى نوابهم ليتحدثوا نيابة عنهم ويقفوا ضد القوانين التي تؤثر سلبًا على الحريات العامة،
نجد أن بعض النواب من أسيوط لم يظهروا بمظهر المدافع عن المواطن، بل تماهوا مع رغبات الحكومة وأيدوا قوانين تعتبرها بعض الأطراف تهديدًا لحقوق الإنسان.
نواب أسيوط: موافقون دائمًا ضد مصالح الشعب
أكد أحمد عبدالله مواطن من أسيوط: نواب أسيوط للأسف لا يمثلوننا، وإنما يمثلون مصالحهم الشخصية. لا يوجد منهم من يعارض الحكومة أو يقف في وجه القوانين الظالمة التي تقيد حرياتنا. نريد نوابًا يمثلون صوت الشعب الحقيقي، لا من يخشون مناقشة أي قانون يتعارض مع مصالح السلطة.
وأضافت مها عبد الرحمن مواطنة من أسيوط: في كل مرة نسمع عن موافقة النواب على قوانين جديدة تزيد من الضغط على الفقراء وتحد من حرياتنا، نشعر أننا لا نملك من يمثلنا في البرلمان.
للأسف، كثير من النواب يتبعون مصالحهم الشخصية، ويخافون من معارضة الحكومة. إذا كانوا فعلاً مهتمين بالشعب، لكانوا قد عارضوا هذه القوانين.
وأوضح سعيد مصطفى مواطن من أسيوط: ننتظر من نوابنا أن يتخذوا مواقف قوية ضد التشريعات التي تضر بالناس، ولكن للأسف نجدهم يوافقون دائمًا على القوانين التي تحد من حرياتنا. أين هم من حقوق الشعب؟!
وأشارت فاطمة محمد مواطنة من أسيوط: كلما استمعنا لأخبار البرلمان، نرى أن نواب أسيوط إما غائبون أو موافقون على كل ما تطرحه الحكومة من قوانين تضر بنا. لا نعلم لماذا لا يجرؤون على معارضة الحكومة.
نواب أسيوط: تواطؤ مع الحكومة وخيانة لحقوق الشعب
أكد الدكتور يوسف محمود أستاذ السياسة بإحدي الجامعات للأسف، هناك تراجع في دور النواب كممثلين حقيقيين عن الشعب.
معظمهم يوافقون على القوانين التي تزيد من قبضة الحكومة على السلطة، مما يجعلهم في موضع ضعف أمام المواطنين. كان من الأفضل أن يتخذوا مواقف أكثر قوة ضد القوانين التي تضر بالحقوق والحريات.”
وأضاف الدكتور سامي الحاج أستاذ القانون الدستوري ما يحدث في البرلمان من موافقة على القوانين التي تقيّد الحريات هو نتيجة عدم قدرة بعض النواب على اتخاذ مواقف مستقلة. هؤلاء النواب يتجاهلون المصالح الحقيقية للشعب لصالح البقاء في السلطة، وهذا أمر كارثي.”
وأشارت الدكتورة منال فوزي ناشطة حقوقية: المواقف التي اتخذها نواب أسيوط في البرلمان، سواء بالتصويت لصالح القوانين التي تقيد الحريات أو من خلال صمتهم تجاه التعديلات المثيرة للجدل، تجعلنا نطرح تساؤلات حول مدى تأثيرهم الحقيقي على القضايا التي تهم المواطنين. في النهاية، هم جزء من النظام الذي يضيق الخناق على الشعب.
وأوضح الدكتور خالد الجبالي محلل سياسي بأن النواب في أسيوط، مثلهم مثل معظم النواب في البرلمان، يتبعون مصالح الحكومة أكثر من مصالح الشعب.
هناك قلة قليلة منهم من يعارضون بعض القوانين الشائكة، لكنهم في النهاية لا يمثلون أي تهديد حقيقي للسلطة التنفيذية. الشعب لا يرى أي تغيير حقيقي من هؤلاء النواب.
الاستياء الشعبي والمطالب
أكد محمد سعيد مواطن من أسيوط نحن بحاجة إلى نواب يقفون معنا وليس ضدنا. المواقف الأخيرة التي اتخذها نواب أسيوط في دعم القوانين التي تضر بالشعب أثارت استياءً كبيرًا.
المواطنون هنا يشعرون أنهم ليس لديهم ممثل حقيقي في البرلمان. من الواجب على النواب أن يعملوا من أجل الشعب وليس ضد مصالحه.”
وأضافت أمينة حسين مواطنة من أسيوط منذ سنوات، لم نر أي تغيير حقيقي في مستوى معيشة الناس هنا في أسيوط بسبب هؤلاء النواب.
الشعب يحتاج إلى من يمثلهم بصدق في البرلمان، ولكن ما يحدث الآن هو عكس ذلك. نواب أسيوط يكتفون بموافقة الحكومة على قوانين تضر بالمواطن، وهذا أمر محبط.”
وأشار يوسف عبد الفتاح خبير اقتصادي الاقتصاد المصري يحتاج إلى تحرك جاد من البرلمان لمواجهة التحديات التي يعاني منها الشعب.
لكن للأسف، هناك تواطؤ من النواب الذين يوافقون على تشريعات تزيد من الأعباء الاقتصادية. لو كان هؤلاء النواب يدركون حجم معاناة المواطنين في أسيوط وغيرها من المحافظات، لكانوا قد اتخذوا مواقف أكثر جرأة ضد هذه القوانين.
وأوضحت سها عبد الرحمن باحثة في حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة، كانت مواقف النواب في أسيوط محط انتقاد بسبب تواطئهم في العديد من القوانين التي تضر بالحريات العامة.
إذا كان النواب فعلاً يسعون لحماية حقوق الشعب، فكان من المفترض أن يعارضوا هذه التشريعات بدلًا من تأييدها. هذا يعكس ضعفًا في دورهم الرقابي على السلطة التنفيذية.”
فضائح تتعلق ببعض النواب
أثارت بعض الفضائح تساؤلات إضافية حول مصداقية بعض النواب، خاصة عندما ارتبط اسم بعضهم بقضايا فساد أو سلوكيات غير مهنية.
مثال على ذلك، نشوى رائف، النائبة عن دائرة أبنوب والفتح والبداري وساحل سليم، والتي تم ضبطها في يناير 2024 أثناء محاولتها الغش في امتحانات كلية الحقوق بجامعة جنوب الوادي.
هذا الحادث يعكس صورة سلبية عن الشخصية السياسية التي يفترض أن تمثل الشعب، إذ لا يتوقع المواطنون من نائب يشارك في هذه الأفعال أن يكون قدوة يحتذى بها أو يقف في صف الشعب في القضايا المهمة.
النائب مصطفى بدران: صوت غائب عن قضايا الشعب ومؤيد للسلطة التنفيذية
يعد النائب مصطفى بدران، عضو مجلس النواب عن محافظة أسيوط، أحد أبرز الوجوه التي أثارت الاستياء بين المواطنين خلال فترة عمله في البرلمان.
بدلاً من أن يكون صوتًا حقيقيًا للناس ويقف في وجه السياسات الحكومية التي تؤثر سلبًا على حياتهم، اختار بدران أن يكون من الداعمين الدائمين للقرارات الحكومية، حتى وإن كانت على حساب حقوق المواطنين.
يُتهم بدران بالموافقة على العديد من القوانين التي تكبل الحريات وتقيد حقوق المصريين، ما جعله في نظر الكثيرين جزءًا من المنظومة التي تساهم في زيادة معاناة الشعب.
في الوقت الذي كان يجب فيه على النائب أن يرفع شعار الدفاع عن الحقوق، نجد أنه كان يسير في ركب السلطة، مما جعله يفقد ثقة الكثير من أهالي أسيوط الذين كانوا يأملون في أن يكون لديهم ممثل يتبنى قضاياهم بصدق واهتمام.
مواقف شائكة من النواب البارزين
محمد حمدي دسوقي حزب مستقبل وطن (دائرة أول أسيوط): النواب مثل محمد حمدي دسوقي يتصرفون وكأنهم في موقع يخدم مصالح الحكومة ولا يهتمون بمصلحة الشعب.
على الرغم من أنهم يملكون القدرة على التأثير على العديد من القوانين، فإن مواقفهم تثير التساؤلات حول مواقفهم الحقيقية من قضايا الشعب.
حمادة زهير حزب مستقبل وطن، وهو عضو بارز في مجلس النواب عن محافظة أسيوط، كان يلتزم دائمًا بموافقة الحكومة في القضايا التي تخص حريات الشعب.
موقفه لم يتغير منذ سنوات، ويمثل ذلك نموذجًا للنواب الذين يرضخون لضغوط السلطة التنفيذية دون تقديم حلول حقيقية للمواطنين.”
في ضوء هذه المواقف المختلفة، يبدو أن نواب أسيوط، مثلهم مثل العديد من نواب البرلمان المصري، في حاجة إلى تغيير جذري في توجهاتهم وأولوياتهم.
فلا شك أن نواب أسيوط لم يقوموا بدورهم كما ينبغي في البرلمان. بدلاً من أن يكونوا حماة لحقوق الشعب، نجدهم يساندون السياسات التي تعزز سلطة الحكومة وتزيد من معاناة المواطنين.
إن صمتهم أو موافقتهم على القوانين التي تقيّد الحريات قد أثر سلبًا على مصداقيتهم لدى المواطنين. تحتاج أسيوط إلى نواب شجعان يتخذون مواقف قوية من أجل الشعب، لا أن يكونوا مجرد أدوات في يد السلطة التنفيذية.