
طِفْلٌ يَكْتُبُ فَوْقَ جِدَارٍ. طِفْلٌ نَبَتَتْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ النَّارِيَّةُ كَتَبَ بَعْضَ الأَحْجَارِ. وَبَعْضَ الأشْجَارِ.
تقترن بزبينا بالطفولة ، لا شيء سواها، ربما الشيخوخة المبكرة تدفعك نحو الارتكان الى البدايات هرباً من عبث الحاضر و انسداد افق المستقبل .
غير ذلك ، يضاهي الحلم كل المشاعر الإنسانية الاخرى بين آمال او احباطات ، فرح او حزن ، إنكسارات بقدر الانجازات او اكثر ، إنه القدر الذي يدفعك نحو الجذور إذا ما افلت الطموحات و صار الواقع شديد الإيلام في خوالج الروح .
بزبينا كما احلم بها ، بعيدا عن صخب الصراعات الجوهرية او الاختلافات التافهة، هي عندي حبة توت بري على الطريق الزراعية او قطرة مياه من ساقية وادي الدير، ودروب متعرجة الى البساتين وصولا حتى فردوس الاحراج .
هي اطفال مثل وجه رواد البريء والوعد باللعب مع الاولاد سنجمعهم في الساحة وأيّ لعبة لا فرق، المهم ان يجتمعون، او هي رغبة بالتخلي عن اثقال العمر والانصراف الى اللهو لمجرد اللهو، طالما ان في القضايا الكبرى ليست هامشية بل لا تعنيني، الاشجار التي طلبتها من وزير الزراعة لن اراها، بل ارغب ان يلعب احفادي بينها، فعيون لونا تختزل القلب وما فيه وارغب ان تجول في ارجاء بزبينا .
الطرقات مهمة وأساسية لكنها ليست كدروب البساتين، فوسط هذا الضجيج اشتاق الى يد ابي تمسكني صوب بنت عمه “كوكوب”، وكذلك رائحة تبغ جدي وهو يسترخي عند الحفة قرب الساقية، ولعل الاشتياق الابرز الى شباك طالما نسجت كل احلامي في هذه الدنيا صعودا نحو السماء .
بزبينا كما احلم بها، نكتة عابرة في إذن ايوب رفيق الطفولة بغض النظر عن رهبة الجبة، أو ثأر طفولي قديم من مخايل ( ابو الفضل ) عن تعنيف لا اعرف سبيلا الانتقام منه سوى المضاربة عليه بغداء مفاجىء.
بزبينا هي الروح، التي قد لا تجدها او تغنم فيها في اي مكان، لن تجدها في قصور و صروح قد تعبر فيها او إليها، ولا في منابر تعتليها او مكاسب تحصل عليها، حارات بزبينا ضيقة لكنها جميلة كمتاهة تعبرها لتستعيد ما سقط منك في غفلة من عمر كنت تحسبه مديدا .
تنهمر دموعك ضحكا، إذا تحدثت عن انعكاسات الذكاء الاصطناعي فيسأل احد الحاضرين ( يا عمي .. والذكاء البشري المعدوم )، حبة فستق من ريم او باترسيا لا فرق، المهم ان رائحة العم نجيب تعبق في ثنايا الذاكرة .
الزمن يتجمد في بزبينا، بكل ما فيها، كتلة من مشاعر انسانية متناقضة، فيها الحقد و الحب، البغض كما التسامح، القناعة كما الطموح، لكن الاهم انك تنسى المستقبل، افلت من يدك وبات في عهدة الاجيال المقبلة.
لكن المرفوض تماما في هذه عجالة، استمر لكن المرفوض تماما في هذه عجالة، استمرار نهج الإرعن وسلطة الاحمق، واقع بزبينا بعد 9 سنوات عجاف يدفع نحو الغضب، وبالمناسبة الغضب شعور انساني نبيل طالما اشعل حروب وثورات، كونه السبب الاول والمباشر الذي يدفع نحو التمرد.
رغم التزامي المهني بعدم التنمر، لكن اجد نفسي مضطرا ان اصف واقع الحال بالمثل الصيني ” عند الغروب يظن الاقزام انفسهم عمالقة ” ، فالخيبات على كثرتها ليست قدرا محتوما، حيث تكفي كلمات اغنية روسية قديمة تقول ” وحده الربيع يكسر صقيع الشتاء ” .
ربيع بزبينا إقترب .