الكنائس تحتفل بأحد الشعانين وسط أجواء مهيبة وأغصان الزيتون والنخيل

تُحيي الكنائس هذا اليوم بتزيين أروقتها بالأغصان الخضراء وترديد الترانيم وسط أجواء تعبق بروحانية خاصة تعكس بهجة الإيمان وعمق التأمل في مناسبة دينية ذات طابع مميز تُعد من أبرز محطات الأسبوع الأخير من الصوم الكبير
تستقبل الطقوس هذا الحدث المقدس بتنظيم دورة الشعانين حيث يحمل المشاركون السعف ويتنقلون به داخل الكنيسة مرورًا باثني عشر موقعًا تمثل رموزًا للقديسين والملائكة والعذراء في صورة رمزية لوحدة السماء والأرض وتجسيدًا للكنيسة الواحدة التي تضم المؤمنين المنتصرين في السماء والمجاهدين على الأرض
تُخصص القراءات في هذا اليوم لأربعة فصول من الأناجيل الأربعة التي تناولت حادثة دخول السيد المسيح إلى أورشليم وهو ما يعكس شمول الرسالة السماوية التي توجه الدعوة إلى العالم بأسره شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا تأكيدًا على أن كل القلوب مدعوة لاستقبال رسالة الخلاص
تنفذ الكنيسة في هذا اليوم صلاة الجناز العام بعد الانتهاء من التناول في طقس يحمل معاني روحية عميقة حيث تمتنع الكنائس طوال أسبوع الآلام عن إقامة جنازات فردية وتكتفي برش ماء الجناز على الجميع في تعبير جماعي عن الاتحاد في الألم والمشاركة في مسيرة الصليب
تشهد الكنائس خلال هذا اليوم احتفالًا بذكرى دخول السيد المسيح إلى أورشليم حين استُقبل بالسعف وأغصان الزيتون وهتف له الناس بعبارة “أوصنا في الأعالي” وهي لحظة تتجسد فيها روح التواضع الملكي وتُعلن بداية الطريق نحو الفداء
تُنظم الكنائس هذا الطقس الفريد مرة واحدة سنويًا إذ لا تتكرر رمزيته ولا تفاصيله في بقية أيام السنة مما يمنحه خصوصية طقسية وروحية بالغة الأهمية في حياة المؤمنين
تُبرز طقوس هذا اليوم حضورًا روحيًا كثيفًا حيث تختلط مشاعر البهجة بالخضوع ويستعد المشاركون لدخول أقدس أسابيع العام الطقسي وهو أسبوع الآلام الذي يبدأ مباشرة عقب أحد الشعانين ويستمر حتى عيد القيامة
تُؤدى الصلوات في هذا اليوم بنظام دقيق ووفق تسلسل زمني وروحي يعكس تقاليد عريقة راسخة في الطقس القبطي الأرثوذكسي حيث تحمل كل فقرة وكل حركة معاني لاهوتية تتجاوز الطقوس الشكلية إلى مشاركة وجدانية في قصة الفداء
تُعبر طقوس أحد الشعانين عن ارتباط عميق بين التاريخ المقدس والحياة الروحية اليومية إذ لا يُعد مجرد ذكرى بل ممارسة حية تُجدد إيمان المشاركين وتُرسخ معاني التواضع والمحبة
تُختتم الاحتفالات بتهيئة القلوب لأسبوع الآلام الذي يُعد المحطة الأخيرة في رحلة الصوم الكبير حيث ينتقل التركيز من الابتهاج إلى التأمل في آلام السيد المسيح تمهيدًا للاحتفال بقيامته المجيدة
تُجدد الكنائس من خلال هذا الطقس دعوة كل فرد للعودة إلى المعاني الإيمانية الحقيقية وتجديد العلاقة الروحية بما تحمله المناسبة من رموز الخلاص والسلام