
بمناسبة الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات، أقولها بصدق وخوف على وطني: قبل أن نبلغ نقطة اللاعودة، لا بد من رحيل الدكتور مصطفى مدبولي. فحكومته، للأسف، لا ترقى إلى مستوى القيادة السياسية.
القيادة السياسية تسير بخطى متسارعة، بحكمة بالغة، يشهد لها العدو قبل الصديق. ويكفي ما حققته من نجاح باهر في إدارة الملفات الخارجية الشائكة بكل احترافية.
أما إدارة الشأن الداخلي، فتمتلئ بالإحباط وتكرار الفشل. فرجاءً، ليرحمنا السيد رئيس الوزراء، مع كامل الاحترام لشخصه الكريم. فلو كان سياسيًا محنكًا ذا بصيرة، لما التفّت حوله شبكات الفساد في مختلف الوزارات. ويكفينا ما تم الكشف عنه من بؤر فساد في وزارات مثل الزراعة، والصحة، والمالية، والثقافة، وما خفي كان أعظم.
لقد ترعرع الفساد وازدهر في أروقة الجهاز الإداري تحت قيادته، وكأننا نعيش في “المدينة الفاضلة”، بينما نحن في بلد قامت فيه ثورتان ضد الفساد، لا ضد فساد عابر، بل ضد منظومة متكاملة جعلت من الإدارة أداة لإدارة الفساد نفسه.
حتى المجالس التشريعية لم تسلم، فقد تسللت إليها لغة المال على حساب الكفاءة والنزاهة، ففشلت الحكومة، واندثرت الأحزاب، وأصبح الاقتصاد المصري في غرفة الإنعاش.
لقد آن الأوان أن تُعاد الأمور إلى نصابها، وأن تُسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية. فمصر بلد غني، ليس فقط بمواردها الطبيعية من موقع جغرافي متميز، ومناخ معتدل، وبحار، وبحيرات، ونهر النيل، وآثار فريدة، بل أيضًا بثروتها البشرية الشابة وكفاءاتها في جميع المجالات.
لكن هذه الكفاءات تُهمّش لصالح الانتهازيين والوصوليين. والوضع الحالي يتطلب الابتعاد عن معايير الأهواء الشخصية، والثقة المطلقة التي لم نجنِ منها سوى الفشل والتراجع في كل القطاعات، وتغليب معايير الكفاءة والعدالة، ولو كان المستحق “ذي قُربى”، كما أمرنا الله عز وجل.