تحركات جديدة لصفقة تبادل أسرى وسط وساطات دولية

تتزايد المؤشرات حول إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى جديدة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وسط أجواء متوترة وضبابية تفرضها الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أشهر، والدمار الهائل الذي طال آلاف المنازل، والمجازر اليومية التي لم تتوقف بحق المدنيين.
في هذا السياق، صرّح رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بأن هناك تحركات جدية لبلورة صفقة شاملة خلال الأيام القليلة المقبلة، تشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، وتبادلًا للأسرى والمحتجزين بين الجانبين.
اللافت هذه المرة، هو دخول الولايات المتحدة على خط التفاوض بشكل مباشر، إذ أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن تتواصل مع حركة حماس، وأن فرص التوصل لاتفاق أصبحت أقرب من أي وقت مضى، مشيرًا إلى أن الهدف هو استعادة الرهائن المحتجزين في غزة.
ورغم النبرة التفاؤلية التي تُخيّم على بعض التصريحات، إلا أن الواقع الفلسطيني لا يزال مشبعًا بالحذر، في ظل تجارب سابقة لم تكتمل، ومفاوضات انهارت بفعل المماطلة والتعنت الإسرائيلي المتكرر، والذي طالما استخدم ورقة الأسرى كورقة ضغط سياسي بعيدًا عن أي بعد إنساني.
وتأتي هذه التصريحات بعد شهور من الوساطات، خصوصًا من الجانب المصري والقطري، والتي اصطدمت في أكثر من محطة بجدار الرفض الإسرائيلي للمطالب الفلسطينية، والتي تتمثل في: وقف العدوان، انسحاب الاحتلال من المناطق الحدودية، وتوفير ضمانات حقيقية لحماية المدنيين في غزة.
الجديد هذه المرة، كما تشير مصادر دبلوماسية مطلعة، هو تغير نسبي في لهجة بعض المسؤولين داخل منظومة الاحتلال، إضافة إلى تقارير حول وجود ضغوط أمريكية متزايدة لإيجاد مخرج إنساني وسياسي للأزمة، بعد تصاعد الانتقادات الدولية للعدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وفيما لم تُكشف بعد تفاصيل الصفقة المحتملة، إلا أن التحركات الحالية تُعيد للأذهان تجارب سابقة من المفاوضات، التي انتهت إما بتهدئة مؤقتة، أو بجولة جديدة من التصعيد، ما يجعل الجميع في حالة ترقّب حذر لما قد تُفضي إليه هذه الجولة.
في المقابل، تؤكد المقاومة الفلسطينية أنها لا تزال تُمسك بزمام المبادرة، وتُفاوض من موقع القوة والثبات، مدعومة بصمود شعبي كبير رغم استمرار الغارات والدمار في القطاع. وتعتبر المقاومة أن ملف الأسرى هو حقّ وطني لا يقبل المساومة، ولا يمكن فصله عن باقي القضايا الجوهرية.
وتدور معظم التحركات الحالية على طاولة تفاوض شديدة التعقيد، تجمع أطرافًا متناقضة المصالح، وتُدار في أجواء مشحونة بالتوترات الميدانية والانتهاكات المتكررة، ما يجعل أي صفقة ممكنة، لكنها محفوفة بالمخاطر.
وبينما تواصل الولايات المتحدة جهودها غير المباشرة مع أطراف إقليمية، تُطرح تساؤلات عدة حول ما إذا كانت هذه التحركات ستفضي إلى هدنة طويلة الأمد تعيد ترتيب المشهد، أم أن الصفقة ستلحق بسابقاتها، وتسقط عند أول اختبار على صخرة الاحتلال الإسرائيلي المتغطرس.
في كل الأحوال، تبقى الأيام القادمة حاسمة في تحديد مصير آلاف العائلات التي تُعلّق آمالها على لحظة انفراج، تعيد بعضًا من الحياة لأرض تتنفس الصمود رغم الدمار.