الفنان محمد التاجي لـ”أخبار الغد”: السوشيال ميديا خطر على الفن والأخلاق والذوق العام

في زمن أصبحت فيه السوشيال ميديا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وتحولت منصات مثل “تيك توك” إلى ساحة مفتوحة لكل أنواع المحتوى، يظل السؤال الأهم: هل هذا التطور يخدم الثقافة والفن أم يهددهما؟
وفي حوار صريح وعفوي، عبّر الفنان القدير محمد التاجي عن انزعاجه من تحول “التريند” إلى هدف يُلهث خلفه البعض دون وعي، مؤكداً أن السوشيال ميديا أصبحت خطراً يهدد الذوق العام والفن والقيم الأخلاقية. وخلال اللقاء، تحدث التاجي عن رؤيته للواقع الفني والإعلامي الحالي، وتأثير الإنترنت على الأجيال الجديدة، موجهاً رسائل مهمة للأسرة والمجتمع.
حوار: انتصار أحمد
“بقينا في زمن التريند مش زمن الموهبة”
“الفلوس لحست دماغ الناس”
“التيك توك بيطلع ناس بلا قيمة.. وفيه اللي بيصور مراته عشان يتشهر”
“الناس بتنجذب للسطحي علشان تنسى همها”
شايف إزاي إن فيه ناس بتكسب آلاف وملايين من فيديوهات تافهة أو بدون أي قيمة حقيقية؟
هؤلاء ناس اتربوا على إن قيمة الإنسان تُقاس بما يملك من مال، وليس بما يقدمه للمجتمع أو ينهض به. حتى لو كانت هذه القيمة هي إنذار لمشكلة أو خطأ، فهذا لا يهمهم. هم فقط مهووسون بالمال، ويظنون أن المال هو من يصنع الإنسان، وليس العكس.
هل الشهرة بقت هدف في حد ذاتها حتى لو على حساب الأخلاق أو المضمون؟
هذا حقيقي. أهم حاجة عندهم الشهرة وإنهم يكونوا معروفين. في واحدة – مش عاوز أقول إنها “شعبية” لأن الشعبية مش عيب – لكن أسلوبها وكلامها غير محترم، ومع ذلك مشهورة جداً على السوشيال ميديا، وبيطلبوها في الخليج. ده شيء مخجل، ولا يشرف إن هذه السيدة تنتمي للمجتمع المصري.
إيه رأيك في مصطلح “التريند”؟ وهل فعلاً بقي أهم من الموهبة والمجهود؟
يخرب بيت التريند وسنينه! أنا كرهت الكلمة دي. التريند بيجيب لنا البلاوي، ويا ريت بمضمون محترم. أنا شخصياً بعاني من التريند، لأن أي لقاء صحفي أو تليفزيوني بيتاخد منه جزء فقط عشان يبقى تريند، وغالباً الجزء ده بيكون ضدي، فبتلاقى السوشيال ميديا كلها بتشتم فيا. آخر مرة حصل ده، كنت بتكلم عن مسلسل كله راقصات وبلطجية، فتم اقتطاع كلامي ونشره كأني بشتم في مسلسل معين معرفوش، وكل ده عشان التريند.
بنشوف أطفال في سن 6 و7 سنين عندهم حسابات تيك توك وبيقدموا محتوى مش مناسب لسنهم، شايف ده إزاي؟
الطفل ده ابنك وفلذة كبدك، إزاي تسيبه في منطقة ممكن تجره لأي مكان خطر؟ الطفل ده هيتعود على سلوكيات مش طبيعية. لازم يكون فيه كنترول ورقابة صارمة من الأهل. ويا ريت الدولة يكون عندها أدوات لحجب المحتوى غير اللائق. في دول بتحجب قنوات، فليه لأ؟ أنا مش عارف إذا كنت صح أو غلط، لكن نفسي أكون صح.
شايف إن الفلوس اللي بتيجي من المحتوى السطحي بتشجع الناس يقلدوا نفس النماذج؟
طبعاً. الفلوس لحست دماغهم. ممكن تلاقي راجل بيصور مراته في مشاهد لا تليق علشان الشهرة. بيقدموا حاجات الحيوانات تستحي منها، مش البشر بس. كل ده من أجل المال؟ يغور المال لو ده الثمن.
هل تعتقد إن هذه الظواهر بتأثر على الجيل الجديد في فهمه لمعنى “النجاح”؟
أكيد. الجيل الجديد شايف إن النجاح هو الشهرة والفلوس، مش القيمة أو الموهبة. زمان كنا بنسمع لعبد الوهاب وبليغ، وكان فيه لحن وكلام يخلينا نفكر. دلوقتي كله تكرار ونسخ. ده انحدار في الفن والأخلاق.
هل على الفنان دور في إنه يقدم محتوى توعوي أو ينتقد هذه الظواهر بشكل ذكي؟
أنا نفسي أقدم محتوى توعوي، لكن فين؟ في وسط الغث ده محدش هيشوف حاجة. علشان أعمل حاجة توعوية لازم مؤلف ومخرج ومنتج يؤمنوا بالفكرة. الفنان لوحده مش كفاية، هتكون حاجة خطابية مش درامية.
هل الشهرة الوهمية على السوشيال ميديا ممكن تخلق مشاكل نفسية حقيقية؟
طبعاً. هو مش بيقول “أنا عتريس”؟ ده مثال حي على شخص اتلخبط نفسيًا. الشهرة الوهمية بتخلي الشخص يعيش في عالم غير حقيقي.
شايف الفرق بين شخص “مؤثر” عنده ملايين المتابعين، وآخر “مفيد” بيقدم محتوى قيم؟
ما شفتش حد فعلاً مؤثر عنده ملايين وبيقدم حاجة إنسانية. يمكن فيه برامج بتسأل أسئلة بسيطة وتساعد الفقراء، لكن معرفش مصدر الفلوس. لو ده المقصود، فهو محتوى محترم، لكن نادر جداً.
ليه الناس بتنجذب أكتر للسطحي والتافه؟
الناس مش عايزة تفكر. الهموم والضغوط خلتهم يدوروا على التافه علشان يهربوا من الواقع.
ليه لازم أي حد عايز يبقى تريند، يبدأ يرقص أو يأكل نودلز؟
ما شفتش حد بيأكل نودلز، لكن شفت ناس بتصور زوجاتهم وهما بيرقصوا. واحدة منتقبة بترقص عشان التريند! دي مش شهرة، دي جنان. وبعدين لما يهاجموني يقولوا إني عريت نفسي في العتاولة! عريت نفسي إزاي؟ مش فاهم، بس أسيب اللي بيتكلم يتكلم.
حضرتك شايف إن الطفل اللي عنده 6 سنين وبيقول “فولو ولا هزعل”، ممكن يبقى وزير إعلام؟
ضحك وقال: أنا ما شفتوش. يعنى إيه فولو ولا هزعل؟ وعندنا وزير إعلام أصلاً؟ الكلمة دي اختفت من قاموسنا الإعلامي.
ليه بعض الأهالي شايفين إن أولادهم المنتج المفضل على السوشيال ميديا؟
فكرتيني بمشهد بنت عندها 8 سنين كانت بتمثل، ومامتها فرحانة بيها لأنها بتصرف على البيت. البنت بتهين أمها لأنها شايفة نفسها مصدر الدخل. ده خطر كبير، وبيفسد الطفولة.
في ناس بتصور أولادهم وتقول: “ابني بطل”.. هل ده تريند؟
لو بيلعب كورة في الشارع مش هيبقى تريند، إلا لو خبطته عربية، ساعتها هيبقى تريند!
تقول إيه للأهالي اللي سايبين أولادهم على التيك توك بدون رقابة؟
أقول لهم: خليك واثق، بس ما تجيش تعيط بعدين. لو سايب ابنك من غير رقابة، ما تلومش غير نفسك.