مقالات وآراء

يوسف عبداللطيف يكتب: وزراء مصر فشلوا في محاسبة أنفسهم .. الشعب سيدفع الثمن

لن يكون من الممكن الحديث عن السياسات المصرية الحالية دون التطرق إلى المسؤولين الذين يقفون خلف تلك السياسات.

وزير هنا وآخر هناك، يرفعون شعارات براقة بينما يواجه المواطن المصري في صمت الجحيم الذي يفرغ في جيوبه وفي مجتمعه.

فلنبدأ بالحديث عن وزير الصحة، وزير التربية والتعليم، ثم نتجه مباشرة إلى الوزير الذي أغرق البلاد في الديون، الدكتور محمد معيط، ولنوقف تلاعباته عند حدها.

ينبغي التطرق إلى شخصية وزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبدالغفار .. نعم، هو أحد الوزراء الذين ما زالوا يحاولون إخفاء عدم كفاءتهم وراء الكلمات المعسولة.

لا أستطيع أن أتخيل كيف للوزير أن يكون غير قادر على استقبال شكاوى المواطنين بل ويقوم بتوجيه اللوم لهم لمجرد أنهم عبروا عن استيائهم من حالة القطاع الصحي الذي يرأسه.

لم يكن هناك أي محاولة لتقديم الحلول أو حتى الرد على المواطنين بأسلوب لائق. بدلاً من ذلك، كان العنف اللفظي هو السمة المميزة لتعاملاته.

فما الذي ننتظره من وزير يرفض تحمل المسؤولية عن قطاعه؟ إذا كان الوزير نفسه لا يستطيع أن يتعامل مع مريض يشكو من وضعه الصحي، فكيف يمكنه أن يدير أكبر وأهم قطاع في الدولة؟

ثم يأتي حادث وزير التربية والتعليم، والذي وقع ضحيته أسامة بسيوني مدير الإدارة التعليمية في الباجور .. من جديد، لا يتورع الوزير عن إلقاء اللوم على أحد إلا نفسه.

كيف يبرر وزير التربية والتعليم التعنيف الذي تعرض له موظف حكومي؟ يبدو أن المسؤولين في هذا البلد قد أصبحوا يتعاملون مع البشر كأنهم مجرد أرقام وأشياء يمكن إهانتها أو إسكاتها. ربما كان يجب على الوزير أن يستبدل تعامله الخشن بكلمة طيبة. ولكن لا، للأسف، لم يتعلم ذلك بعد.

ورغم كل ذلك، فإن الكارثة الأكبر تكمن في الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق .. هذا الوزير الذي لطالما لعب بالأرقام وأغرق البلاد في بحر من الديون التي لا نهاية لها.

لم يكتفِ بإدارة موازنة مشكوك في صحتها، بل قام بتضليل الشعب المصري فيما يتعلق بحجم الديون والخطط الاقتصادية.

وقد كان حديثه عن الموازنة يشبه تلك الوعود التي يقدمها الإنسان الطيب، ولكنها في الحقيقة لا أكثر من وعود سرابية. لا ينبغي لنا أن ننسى أرقام الديون المتراكمة التي وصلنا إليها في عهد هذا الوزير.

كيف يمكن لوزير أن يبرر الديون التي تجاوزت 16 تريليون جنيه في وقت يعاني فيه المواطن من غلاء الأسعار والفقر؟ كيف يمكن لوزير أن يدير المال العام بهذه الطريقة دون أن يشعر بمسؤولية تجاه الشعب؟

ألم يكن حريًا به أن يتأكد من أن المواطن في النهاية هو من سيتحمل عواقب هذه الأرقام الكبيرة؟ ألا تكفيه أرقام الخسائر التي تكبدها المواطنون من المبادرات الوهمية والمشاريع غير المدروسة؟

لا يمكن أن تكون هذه الموازنة مجرد أرقام على ورق، بل هي انعكاس مباشر لواقع مرير يعيشه المواطن المصري.

هذه الموازنة لا تهدف إلا إلى الإبقاء على النظام القائم، وتحقيق مصالح فئة معينة من المجتمع على حساب الأغلبية. بينما يعاني المواطن البسيط، فإن المسؤولين يقتاتون على النتائج المبدئية لتلك الموازنات الفاشلة.

عندما يكون وزير المالية في قلب هذه الكوارث الاقتصادية، يصبح من الطبيعي أن يوجه المواطنون أصابع الاتهام إليه.

كيف يمكن لوزير أن يتسبب في تدهور الاقتصاد إلى هذا الحد؟ كيف يجرؤ على إخفاء الحقائق عن الشعب المصري الذي يعاني من الأعباء الاقتصادية اليومية؟ من غير المقبول أبدًا أن يظل في منصبه رغم كل تلك الفضائح.

بالطبع، لا يمكننا أن نغفل عن تأثير هذه المواقف على صورة الحكومة بأسرها .. المسؤولون يتركون آثارًا سلبية لا تُمحى في ذاكرة الناس.

لا أحد يمكنه أن ينسى كيف أهدر المال العام في المشاريع المجهولة، وكيف كانت كل خطة اقتصادية مجرد حبر على ورق.

لا بد أن يتساءل الجميع: ماذا جلبت هذه الحكومة من خير للشعب؟ كيف يمكن لها أن تستمر في الحكم بعد أن أساءت إلى المواطن في كل قرار؟

يجب أن يدرك الجميع أنه لن يبقى في سدة الحكم من لا يستطيع أن يحقق الحد الأدنى من العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

إن الواقع اليوم هو أن الحكومة تضم وزراء محترمين بذلوا جهودًا كبيرة في سبيل تحسين الأوضاع، وأداءهم كان على قدر من المسؤولية.

لكن في الوقت ذاته، هناك آخرون لا يمكن إنكار فشلهم الذريع في التعامل مع مشكلات حقيقية تواجه الشعب .. بل لا يتورعون عن تحميل الشعب أوزار فشلهم، ولا يجدون في ذلك عيبًا.

هؤلاء الوزراء الذين لا يرقون لمستوى تطلعات المواطنين، يجب أن يتم استبدالهم فورًا .. فلا يمكن لدولة أن تتقدم في ظل هذه السياسات الفاشلة.

إذا كانت الحكومة تسعى لتغيير حقيقي، فإن أول خطوة يجب أن تكون محاسبة كل من فشل في أداء واجبه، وتعيين أشخاص أكفاء قادرين على قيادة البلاد نحو التقدم والنمو.

يجب أن يكون هذا النداء لحظة يقظة .. فلا يجب أن نسمح لمسؤولي الحكومة بالتمادي في سياساتهم المدمرة.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى