مقالات وآراء

د . سامح مسلم يكتب : الصراع على السلطة في مصر دروس من الماضي وآفاق المستقبل

في تاريخ مصر السياسي المعاصر، تتكرر مشاهد الصراع على السلطة داخل أروقة الحكم، حيث لا تأتي التهديدات دائمًا من الخارج، بل غالبًا ما تنبع من داخل القصر الرئاسي نفسه. تُظهر تجارب الرؤساء السابقين كيف أن دوائر النفوذ المقربة يمكن أن تشكل تحديات جوهرية لاستقرار الحكم وتوجهاته.

الغرفة السوداء واللحظة “صفر”: كواليس التوريث في عهد مبارك

في العقد الأخير من حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، برزت ظاهرة “الغرفة السوداء”، وهي مجموعة غير رسمية تضم شخصيات نافذة من بينها سوزان مبارك، وجمال مبارك، وأحمد عز، ومفيد شهاب، وعماد الدين أديب، وآخرون. كانت هذه الغرفة تدير سيناريوهين رئيسيين: الأول، نقل السلطة إلى جمال مبارك في حياة والده؛ والثاني، التعامل مع “اللحظة صفر” في حال غياب الرئيس المفاجئ. 

واجه السيناريو الأول عقبات عدة، أبرزها تحفظ المؤسسة العسكرية وعدم حماس مبارك نفسه لفكرة التوريث. أما السيناريو الثاني، فقد تضمن خططًا لتعديل الدستور وتحديد آليات انتقال السلطة، بما يضمن وصول جمال مبارك إلى سدة الحكم. إلا أن هذه المخططات أغفلت احتمال اندلاع ثورة شعبية، وهو ما حدث بالفعل في يناير 2011، عندما قرر الشعب المصري اختيار مصيره بعيدًا عن ترتيبات “الغرفة السوداء”. 

الاستفادة من خبرات الدكتور أيمن نور في التحول الديمقراطي

تجربة الدكتور أيمن نور، كمعارض بارز ومرشح رئاسي سابق، تقدم دروسًا قيمة في مسيرة التحول الديمقراطي:


1. تعزيز التعددية السياسية: تأسيس أحزاب مستقلة وقوية يُثري الحياة السياسية ويعزز ثقافة الحوار والتنافس البناء.
2. إصلاح النظام الانتخابي: ضمان نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية يتيح فرصًا متكافئة لجميع القوى السياسية للمشاركة.
3. حماية حقوق الإنسان: إصلاح المنظومة القانونية لضمان الحريات الأساسية وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني كشريك أساسي في التنمية.
4. إعادة هيكلة العلاقة بين المدنيين والعسكريين: ضمان حيادية الجيش وابتعاده عن التدخل في الشأن السياسي، مع الحفاظ على دوره في حماية البلاد.
5. تعزيز الثقافة الديمقراطية: إطلاق حملات توعية بأهمية المشاركة السياسية ودعم الإعلام المستقل لنشر الوعي وتعزيز الشفافية.
6. إطلاق حوار وطني شامل: يضم جميع القوى السياسية والاجتماعية للتوافق على رؤية مشتركة لمستقبل البلاد وتحقيق المصالحة الوطنية.

خاتمة: نحو مستقبل ديمقراطي لمصر

تُظهر تجارب الماضي أن الترتيبات الداخلية والصراعات على السلطة داخل القصر الرئاسي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي. لذا، فإن بناء نظام ديمقراطي حديث يتطلب الاستفادة من خبرات الشخصيات الوطنية، مثل الدكتور أيمن نور، والعمل على تعزيز المؤسسات الديمقراطية، وضمان الحريات، وإشراك جميع فئات المجتمع في صنع القرار، بعيدًا عن هيمنة الحكم العسكري.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى