شباك نورمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب: تعليقًا على مقال توماس فريدمان.. “رأيت المستقبل.. ولم يكن في أمريكا”.


المقالات الهامة لا تكتب لتُقرأ وحسب، بل لتُفهم.


ومقال فريدمان الأخير ليس مجرد تأمل في صعود الصين، بل رسالة مضمونة الوصول إلى من لا يزال يرى واشنطن مركزًا لجاذبيةٍ عالميةٍ فقدت بريقها. فالعالم أصبح أكبر من أمريكا،


في مقالٍ كتبه بدهشة تشبه صدمة الاعتراف، يُقرّ فريدمان – وهو أحد أكثر أصوات أمريكا اتزانًا – بأنه لم ير المستقبل في وادي السيليكون، بل رآه في مدينة “شنتشن”، التي تسير بخطى الذكاء الاصطناعي نحو هيمنة ناعمة على كل ما كان يُسمى يومًا بالقوة الأمريكية.


ما لم يقله فريدمان – لكنه حضر في ثنايا السطور – أن أميركا التي قادت العالم بعد الحرب العالمية، لم تعد قادرة على قيادة نفسها. وأن التراجع ليس عارضًا، بل نتيجة لعقود من الاستنزاف الأخلاقي والمالي والعسكري في حروب عبثية، وانقسام داخلي بلغ مستوى الانفجار الصامت.


نحن كعرب، مدعوون لا لقراءة المقال، بل لقراءته في مرآتنا. فليس المطلوب أن نتأمل أفول أمريكا، بل أن نتأمل موقعنا في عالمٍ يتغيّر من حولنا بسرعة لا تترك فرصةً للمترددين أو التابعين.
إن مستقبلنا لا يُصنع في عواصم القرار الكبرى، بل في عواصمنا.
المعادلة اليوم باتت أكثر وضوحًا:
من لا يملك قراره، لن يملك موقعه. ومن لا يملك مشروعه، سيُستخدم في مشاريع الآخرين.
المقال لم يكن فقط درسًا لأمريكا، بل جرس إنذار للعرب: لا تنتظروا من الغرب أن يمنحكم أدوارًا في المشهد القادم… فالأدوار تُنتزع، لا تُمنح. والمستقبل، لا يُكتب للحياديين.
إن من يقرأ ما بين سطور فريدمان، يُدرك أن الصين لم تنتصر لأنها قلدت الغرب، بل لأنها بنت نموذجها الخاص. وهذا ما نحتاجه: نموذجٌ عربيٌ حرٌ مستقل، لا يعيد تدوير الهزيمة، ولا يوصم بالحياد في معارك المصير.

  • في تقديري أن هناك 4 نقاط مفتاحية هي أهم ما ورد على لسان فريدمان في فقرات المقال الأصلي:

  • “لقد عدت للتو من زيارة إلى الصين، حيث رأيت بعض ملامح المستقبل. ولأكون صريحًا، لم تكن هذه الملامح في أمريكا.”
  • “مدينة شنتشن باتت تجسيدًا لما سيكون عليه العالم خلال السنوات المقبلة: تكنولوجيا فائقة السرعة، وتحول صناعي مدفوع بالذكاء الاصطناعي.”
  • حين تتراجع أمريكا داخليًا بسبب الانقسام السياسي، وانهيار الثقة، تخطو الصين بخطى متسارعة نحو قيادة جديدة للعالم.”
  • “من الصعب أن أقول هذا كصحفي أمريكي، لكن ما رأيته هناك جعلني أدرك أن المستقبل قد لا يُصنع في وادي السيليكون بعد الآن.”
  • “الصين لا تنتظر، لا تتردد، ولا تضيّع وقتها في الخطابة… بل تركز على الإنجاز.

🔻النص الأصلي للمقال باللغة الإنجليزية (نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز🔻):
“I just returned from a trip to China, where I glimpsed what the future might look like — and to be honest, it wasn’t in America. In Shenzhen, I saw a city pulsing with AI-driven innovation, clean energy expansion, and a speed of industrial transformation unmatched by anything I’ve witnessed back home.”
“While America seems to be paralyzed by internal divisions and declining trust in its institutions, China is moving forward at full throttle. I hate to admit it, but the future is being prototyped there — not in Silicon Valley.”
“China is not waiting for anyone. It is not bogged down by endless political debate. It is executing.”
(المصدر: The New York Times – April 2, 2025)

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى