شباك نورمقالات وآراء

د.أيمن نور يكتب: بأحلامنا… قادمون، ولو توقف الآخرون، قراءة في مقال السعادة.. حسام بدراوي الذي أنصفته الظروف حين ظلمته، وظلمته حين أنصفته!!


الكتابة باتت ضربًا من المخاطرة، والصدق أصبح ترفًا لا يتحمّله المناخ العام، في هذا الوقت يطلّ علينا مقال الدكتور حسام بدراوي، عن السعاده
لا كمجرد رأي عابر، بل كنافذة مفتوحة في جدارٍ مغلق، وكصوتٍ نقيّ وسط ضجيج الأقنعة.

قرأت مقال الدكتور حسام، لا كقارئٍ يفتّش عن أفكارٍ مألوفة، بل كرفيق دربٍ برلماني قديم، يعرف جيدًا أن الكلمة حين تخرج من قلبٍ موجوع، لا بد أن تبلغ قلوبًا أوجعها البحث عن معنى صادق.

المقال الممتد على خمس عشرة صفحة – بعد تكثيف جوهره – ليس شهادة على الواقع فحسب، بل شهادة على صدق قائله… فيه نبرة من لا يطلب شيئًا إلا الإصغاء، ومن لا يملك سوى ضميره، ومن لا يكتب لسلطة أو لحساب حزب أو تيار أو جماعة، بل لوطنٍ يستحق أن نكتب عنه وله.

يستعرض مقال الدكتور حسام بدراوي، بحسّه الإنساني والفكري الليبرالي، قضايا جوهرية تتجاوز الشعارات:
يذكّرنا بأن المجد لا يُقاس بطول الجلوس على الكرسي، بل بما يُترك من أثرٍ عادل في القلوب.

يشير إلى مأساة الحاكم الذي يتوه في الوسائل، وينسى الغايات، يطرح رؤية لإنسانية الحكم، حين يكون الحكم فعلاً أخلاقيًا قبل أن يكون ممارسة سلطوية.

المقال يعيد تعريف السياسة كفنّ للسعادة العامة،
لا كعلم للسيطرة، أو فن للبقاء، وهنا تبرز واحدة من أهم قضاياه: وهي السعادة.

فهل نحن سعداء؟
فحسب “تقرير السعادة العالمي” الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2024:

مصر تحتل المركز 127 من أصل 146 دولة!

المؤشرات تتعلق بالحرية، والعدالة، والحوكمة، والشفافية، والثقة، والدخل، والدعم الاجتماعي.

المؤلم أن السعادة، التي تبدو كلمة شاعرية، تحولت إلى معيار علمي صارم يقيس جودة الحياة، بينما ما زلنا نُقنع الناس أن التصفيق يكفي ليشعروا بالرضا.

هنا نصل إلى سؤال لا مهرب منه: هل نحن فعلًا نستحق السعادة؟
هل ساعدنا أنفسنا؟
هل ساعدنا غيرنا؟
هل صنعنا بيئةً تسمح للحلم أن يتنفّس؟
أم أننا، عن وعيٍ أو غفلة، أصبحنا حراسًا لجدار الخوف، وصانعين لأسقف الأمل المنخفض؟

يا من تتخذون القرار اعلموا أن التصفيق إلى حد الألم لا يعني القبول، ولا يعني السعادة، ولا يعني الرضا.
فقد يُصفّق الخائف، ويهلّل المقهور، ويبتسم من ضاق به اليأس حتى جفّت دموعه.

إن من لا يُنصت للوجع المكتوم، سيسمع حتمًا صرخة لا تُحتمل، أو دوي انفجار وإن من لا يرى في مقالٍ مثل مقال الدكتور حسام بدراوي فرصةً للتأمل والتصحيح، هو لا يرى شيئًا على الإطلاق.

إلى الدكتور حسام بدراوي لقد فرق بيننا اصدقاء مشتركين، وخصوم ومنافسين محتملين، لكني بعد أن تجاوزت أنا ال٦٠ وتجاوزت أنت ال٧٠ أني مازلت أري في كلماتك شبابك وأنت في الاربعين عندما دخلت عام ١٩٩٥ الانتخابات البرلمانية في دائره قصر النيل.
أقول لك ما كنتَ قد كتبته انت منذ أكثر من ثلاثين عامًا أو يزيد:
بأحلامنا قادمون.. ولو توقف الآخرون، فكنت لنا حامل شعلة، ومُحرّك حلم، وكنت من أوائل من بشّروا بأن هذا الوطن لا يُقاد بالحديد والنار، بل بالأمل والحكمة والعدل والحرية.

أضيف لك اليوم:
أن أحلام السعادة، سنصادفها…
لأننا أبناء جيلٍ لم يعرف الكراهية،
ولم يحترف الطاعة، لكنه عشق الوطن حتى الألم.ولو بطرق مختلفة

لك مني، ومن كل من لا يزال يؤمن بالكلمة، كل التحية.
ذكّرتنا بأن الكتابة يمكن أن تكون فعل ايجابي، وأن الصدق لا يحتاج إلى إذن. ولا نبره صراخ وأننا، مهما تاهت بنا الطرق، سنبقى نحلم… لأننا نعرف جيدًا أن من لا يحلم، لا يستحق الحياة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى