
تشهد الحياة السياسية في مصر فوضى لا مثيل لها، فوضى تعكس غياب الأحزاب السياسية، انعدام الشفافية، وافتقار الأحزاب للقدرة على المنافسة الحقيقية.
يجري الحديث عن انتخابات مقبلة، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه على أي قواعد ستُجرى هذه الانتخابات؟ كيف للأحزاب أن تستعد لخوض معركة انتخابية وسط غياب كامل للمعلومات الأساسية؟
يظل المشهد السياسي يزداد غموضاً وتعقيداً، بينما تتهاوى فرص الأحزاب في المشاركة العادلة .. عبثية الوضع الحالي تدعو إلى طرح تساؤلات حادة ومباشرة.
يتم تجاهل الأهمية الحقيقية لإجراء انتخابات نزيهة وشاملة .. تتعمد السلطات تأخير الكشف عن النظام الانتخابي وقوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر، مما يترك الأحزاب في حالة من التخبط وعدم اليقين.
يواجه الجميع تحديًا كبيرًا فكيف يمكن لهم التخطيط والإعداد لخوض انتخابات دون معرفة الأساسيات التي تحكم هذه العملية؟ إن أي نظام ديمقراطي يتطلب قواعد واضحة لتنظيم الانتخابات، وإلا فإن الحديث عن الديمقراطية يصبح مجرد وهم.
تُحكم قبضتها على الإعلام وتسيطر على منابره، مما يعرقل فرص الأحزاب في الوصول إلى المواطنين وعرض برامجها الانتخابية بحرية.
تفرض قيودًا غير مبررة على وسائل الإعلام، بينما يبقى الصوت المسموع هو صوت الفصيل الواحد الذي يسعى للهيمنة على كل شيء.
تفتقر الانتخابات إلى المساواة في الفرص، حيث يحتكر الفصيل الحاكم وسائل الإعلام لصالحه. كيف يمكن أن نتحدث عن انتخابات حرة ونزيهة بينما تُغلق الأبواب أمام كل من يختلف مع السلطة؟
تفشل الدولة في توفير مساحة عادلة للأحزاب المعارضة والإصلاحية للمشاركة في العملية الانتخابية .. يتم تجاهل مطالب قطاعات واسعة من المصريين، وتُقمع طموحاتهم في التغيير السياسي.
يسود المناخ السياسي حالة من الاستبعاد، حيث تُهمش التيارات الإصلاحية التي تمثل جزءًا كبيرًا من الشارع المصري. السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا فلماذا لا تُمنح هذه الأحزاب الفرصة الحقيقية لخوض الانتخابات والمنافسة بحرية؟ أم أن الديمقراطية في مصر مجرد وهم يتلاعب به النظام كما يشاء؟
تغيب الرغبة الحقيقية في إصلاح المنظومة السياسية .. يتجلى هذا الغياب في عدم اتخاذ أي خطوات جادة لتعديل النظام الانتخابي أو وضع قواعد واضحة لضمان نزاهة الانتخابات.
يتكرر مشهد الانتخابات الموجهة والمسيطر عليها من قبل قلة قليلة، فيما يُترك المواطنون بلا خيارات حقيقية. تُبنى الديمقراطية على التعددية السياسية، ولكن في ظل هذا النظام الانتخابي العقيم، تبدو التعددية فكرة مهجورة.
تُستمر حالة العزوف الشبابي عن المشاركة السياسية، ويبدو أن الدولة تغض الطرف عن هذا الواقع الكارثي. يفقد الشباب، الذين يمثلون قوة مصر المستقبلية، ثقتهم في العملية الانتخابية، حيث يرون أنها مجرد تمثيلية مملة يتم إعادتها دون أي تأثير فعلي على مستقبل البلاد.
يتجاهل النظام حقيقة أن هذا العزوف يمثل خطراً حقيقياً على مستقبل الحياة السياسية. كيف يمكن للانتخابات أن تكون فعالة في غياب المشاركة الفعالة للشباب؟
تُهمش القوى السياسية الجادة في ساحة الانتخابات، ولا يُسمح لها بمنافسة حقيقية. يتم تصميم النظام الانتخابي ليخدم مصالح الفصيل الحاكم، بينما تُعرقل جهود الأحزاب المعارضة التي تسعى للإصلاح.
كيف يمكن الحديث عن انتخابات حرة في ظل هذه الظروف؟ تظل السلطة مسيطرة على كل خيوط اللعبة، ولا تُمنح الفرصة الحقيقية لأي طرف آخر للدخول في المنافسة.
يظل السؤال: هل هناك نية حقيقية لتمكين الأحزاب من الوصول إلى السلطة، أم أن الانتخابات مجرد ديكور يُستخدم لتجميل وجه النظام؟
تواصل السلطات تجاهل الإصلاح الحقيقي الذي يتطلبه المشهد السياسي، حيث تُبقي على قوانين الانتخابات والمجالس المحلية على حالها.
يتم تأجيل انتخابات المجالس المحلية، رغم أنها المدخل الطبيعي لإصلاح الحياة السياسية. تشكل هذه المجالس أساس الديمقراطية المحلية، والتي بدونها لا يمكن أن تتطور الحياة السياسية بشكل فعلي.
تُطرح الأسئلة هنا: لماذا لا يتم إصلاح قانون المحليات؟ ولماذا لا تُجرى انتخابات المجالس المحلية رغم أهميتها القصوى؟
تتجلى الفوضى بشكل واضح في استمرار هيمنة المال السياسي على الانتخابات. تُستخدم الأموال لشراء النفوذ وتوجيه العملية الانتخابية، مما يفسد نزاهتها بالكامل.
يتم تداول الأموال في الظل لتحديد من يفوز ومن يخسر، بينما تبقى الديمقراطية الحقيقية غائبة عن المشهد. كيف يمكن أن نتحدث عن انتخابات نزيهة في ظل هذا الوضع؟
يُعتبر المال السياسي من أكبر التحديات التي تواجه أي ديمقراطية، وإذا لم يتم التصدي له، فإن الحديث عن انتخابات نزيهة يصبح مجرد هراء.
تُبقي الدولة على الحوار الوطني مجرد واجهة دعائية، دون أن تسعى بجدية إلى تفعيل مخرجاته. يبدو أن الحوار يُستخدم لتخفيف الضغط الشعبي، دون أن تكون هناك نية حقيقية لتنفيذه على أرض الواقع. يظل مستقبل الحوار الوطني غير واضح، وتبقى توصياته حبرًا على ورق، لا تأثير لها في الواقع.
السؤال الذي يفرض نفسه: ما جدوى الحوار إذا لم تُطبق نتائجه؟ لماذا تُجرى الحوارات إذا كان الهدف منها هو مجرد إرضاء الأجواء السياسية دون نية لإحداث تغيير فعلي؟
تحتاج مصر الآن أكثر من أي وقت مضى إلى نظام سياسي جديد يستند إلى قواعد واضحة ومحددة. يجب وضع حد لهذا العبث الانتخابي وإصلاح النظام بالكامل لضمان انتخابات نزيهة، شفافة، وتنافسية. إذا لم يتم وضع هذه الأسس الآن، فإن الأمل في حياة سياسية حقيقية سيظل مؤجلًا إلى أجل غير مسمى.