د. حسن سرور لـ”أخبار الغد”: أمريكا لم تعد القوة المالية التي تدير العالم.. والهيمنة تتراجع لصالح الشرق

صرّح د. حسن سرور، الخبير الاقتصادي اللبناني، لموقع أخبار الغد، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني اليوم من تراجع حاد في مكانتها الاقتصادية والمالية.
مؤكدًا أن الحقائق والمؤشرات الاقتصادية تشير بوضوح إلى تحوّل كبير في موازين القوى الدولية.
وقال سرور إن أمريكا لم تعد “مصنع العالم” كما كانت قبل عقود، ولا الوجهة الأولى للاستثمارات العالمية كما في السابق.
وبالتالي لم تعد تلك القوة المالية الهائلة التي تدير النظام العالمي من خلال مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
مديونية قياسية وتراجع الهيمنة المالية
وأشار إلى أن الولايات المتحدة غارقة في مديونية تجاوزت 36 تريليون دولار، وهي مديونية تتعاظم يومًا بعد يوم، ما جعل الحديث عن إمكانية التخلف عن سداد الديون الأمريكية أمرًا جديًا للمرة الأولى.
وهو ما يُعد أحد أبرز مظاهر تراجع الدور المالي الأمريكي عالميًا.
وأوضح أن من أهم ملامح التراجع النقدي أيضًا هو تآكل هيمنة الدولار الأمريكي بشكل بطيء ولكن ملحوظ، خاصة مع اعتماد دول كبرى على تبادل تجاري بالعملات المحلية.
كما هو الحال مع دول مجموعة “بريكس”، التي باتت تمثل أكبر كتلة جغرافية وديموغرافية واقتصادية ناشئة.
الذهب بديلًا عن الدولار
وأضاف سرور أن العديد من الدول بدأت تخفيض احتياطاتها من الدولار لصالح الذهب، ما ساهم في ارتفاع سعر المعدن الأصفر، وعكس تراجع الثقة بالدولار كملاذ آمن، وسط تصاعد التوجه العالمي نحو التحرر من النظام المالي الأمريكي.
ترامب يُعيد الهيمنة عبر “البلطجة”
وبحسب سرور، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لإعادة الهيمنة المالية لبلاده عبر استخدام أدوات ضغط جديدة، تقوم على فرض الحماية والابتزاز المالي، حتى على الحلفاء، كما حدث مع السعودية والإمارات وغيرها من دول تملك رساميل وثروات طبيعية.
وأكد أن هذا النهج الترامبي لا يعتمد على أطر الدبلوماسية التقليدية أو المؤسسات الدولية، بل يقوم على خطاب البلطجة وفرض التبعية تحت غطاء “الشراكة الأمنية” أو “الحماية”.
أوروبا تنقلب على واشنطن
وقال سرور إن الانقلاب الترامبي على الاتفاقات الدولية، كاتفاق المناخ، والانخراط في مؤسسات مثل منظمة الصحة العالمية، دفع أوروبا إلى مراجعة علاقتها بأمريكا، مضيفًا:
“لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، تجد أوروبا نفسها مجبرة على بناء نظام دفاعي ومالي مستقل عن الولايات المتحدة، وقد تضطر للتقارب مع الصين وقوى صاعدة لحماية مصالحها.”
انتقال مركز الثقل الاقتصادي شرقًا
ورأى سرور أن العالم يقف على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، مع انتقال مركز الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الشرق لأول مرة منذ قرنين من الزمن، وهو ما سيُنتج تحولات جذرية في السياسات، والتحالفات، والأدوات الاقتصادية.
ترامب خارج الدولة العميقة.. ولكن إلى متى؟
وفي ختام حديثه، لفت سرور إلى أن ترامب ربما يعمل خارج مظلة الدولة العميقة الأمريكية، مشيرًا إلى أن هناك تساؤلات حول مدى استمرار هذه السياسات غير التقليدية، خصوصًا بعد نهاية ولايته.
وأضاف:
“إذا عاد نظام الحكم الأمريكي إلى نهجه الكلاسيكي بعد رحيل ترامب، فإن ذلك سيقوّض مصداقية واشنطن عالميًا، ويعمّق الشكوك في قيادتها للنظام الدولي، ما قد يكون بمثابة إسفين جديد في نعش الريادة الأمريكية.”