احذروا برنامج إسرائيلي جديد للتجسس عبر الواتس أب. تتراقص الظلالُ في أروقةِ عالمِنا، وتتلاشى الحقيقةِ أمامَ طوفانِ الأوهام. فقد غدت الخصوصيةُ الآن ،حُلماً بعيدَ المنال، وسراباً يتبخرُ في واحات إساءة استعمال التكنولوجيا من قبل أنظمة قمعية الهوى.
تقريرُ سيتزن لاب الجديد والخطير يرسمُ لنا صورةً مُرعبة، حيثُ تُطلُّ علينا برمجيةُ Graphite الإسرائيليةُ الجديدة ،بوجهِها القبيح، لتعلنَ عن فصلٍ جديدٍ من فصولِ التجسس الرقمي والاختراق، عبرَ تطبيقِ WhatsApp الذي لطالما اعتبرناهُ حصنَنا الآمن.
الشركات الإسرائيلية بالبيع والمقايضة مع غيرها ،تتسللُ إلى هواتفِنا في صمتٍ مُطبق، مستغلةً ثغرةً شيطانيةً تُعرفُ باسمِ “Zero-Click Exploit”، لتمنحَ قوىً خفيةً سيطرةً مُطلقةً على عوالمِنا الرقمية، دونَ أن نملكُ حولاً ولا قوة.
يكفي أن يمتلكَ أحدهم رقمَ هاتفك، ليضيفكَ إلى مجموعةٍ وهمية، ويرسلَ إليكَ ملفاً خبيثاً بصيغةِ “PDF”، لتتحولَ خصوصيتكَ فورا إلى أثرٍ بعد عين، وتصبحَ حياتك مُباحةً ومتاحة لعمليات تبادل لتلك الثمرة القذرة التي نبتت من شجرة مسمومة.
تجربتي الشخصيةُ مع برمجيةِ Pegasus لم تكنْ محضَ خيالٍ أو ضرباً من ضروبِ تغليب الظن.
ففي شهرِ يونيو من عام 2021، تلقيتُ إخطاراتٍ مُتعددةً من جهاتٍ بريطانيةٍ وأمريكية، ومن مركزِ “Citizen Lab” نفسه، تُفيدُ بأن هاتفي كان هدفاً لهجومٍ مُزدوج، باستخدامِ اثنتين من أخطرِ برمجياتِ التجسسِ في العالم.
كانت تلكَ الواقعةُ بمثابةِ صدمة ، ورسالةٍ واضحةٍ إلى كلِّ من يملكُ ذرةً من وهمِ الأمان الحقيقة أن صدمتي كانت أكبر عندما عرفت أن الجهة التي زرعت برنامج بيجاسوس هي دولة عربية لا ناقة لي ولا جمل فيها.!!
فلا أحدَ لديها بمنأى عن أعينِ الرقابة ،ولا احد يفهم الاسباب، ولا أحدَ يستطيعُ أن يدعيَ أنهُ بالنسبة لها ،خارجَ دائرةِ الاستهداف.
أحسب أن الاختراقاتُ باتت جزءاً لا يتجزأُ من واقعِنا المُعاصر، وقد تكونُ للمشتغلين في العمل العام بمثابة قدراً مُحتمَاً علينا أن نتعايشَ معه.
لكن هذا لا يعني أننا يجبُ أن نستسلمَ لليأسِ، ونرفعَ الراياتِ البيضاء.
فالحل هو فضح هذه الجريمة غير الاخلاقيه ، ومواجهة التطور الاخير يقتضي منا:
تقويةِ حصونِنا الرقمية.
تشديدِ قبضتِنا على إعداداتِ الخصوصية.
وتفعيلِ خاصيةِ المصادقةِ الثنائية، ربما بهذا يمكن أن نستطيعُ أن نجعلَ من أنفسِنا أهدافاً صعبةَ ، وعصيةً على الاختراق السهل.للبرنامج الجديد.
فالاستسلام لهذا الواقع المر، ليس هو الحل، بل الوعيُ ،واليقظةُ، وتعقيدُ المهمةِ على المهاجمين، هو خطُّ الدفاعِ الأولِ والأخير.
روابط يمكن الاطلاع عليها:
⏮ تحقيق استقصائي لـ “سيتيزن لاب” حول استخدام برمجيات التجسس ضد المعارض المصري أيمن نور: citizenlab.ca/2021/12/%D8%A8…
⏮ سلسلة تغريدات سابقة عن جريمة التنصت على هاتفي: x.com/AymanNour/stat…
♦ أسئلة للنقاش :
هل لديك شكوك في مراقبة هاتفك؟
ولماذا؟ في ظل هذه التحديات الرقمية، ما هي الإجراءات التي تتخذونها لحماية خصوصيتكم على الإنترنت؟
كيف يمكننا مواجهة هذا التطور الخطير في أدوات التجسس؟ ما هي مسؤولية الحكومات والمؤسسات في هذا الصدد؟
