تصاعد نفوذ المليشيات المسلحة في السودان يثير مخاوف من صراعات داخلية مستمرة

شهدت الحرب المستمرة في السودان دمارًا واسعًا وأثارت مخاوف متزايدة بشأن الدور المتزايد للمليشيات المسلحة.
يسلط موقع “أخبار الغد” الضوء على تزايد ظهور قادة المجموعات المسلحة، مثل قائد “كتيبة البراء”، وأثر هذا التصاعد على المشهد العسكري والسياسي في البلاد.
أشعلت الحرب الأهلية في السودان منافسات بين المجموعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش، حيث ظهرت بعض الشخصيات القيادية مثل قائد “كتيبة البراء” الذي برز في مقاطع فيديو يظهر فيها داخل القصر الرئاسي بالخرطوم بعد انسحاب قوات الدعم السريع. وقد تلقى القائد تهاني من ضباط ومقاتلين كبار، ما أثار مخاوف من هيمنة تلك المليشيات على المشهد العسكري.
ساهم تزايد ظهور قادة المليشيات في تأجيج الصراع بين المجموعات المتحالفة مع الجيش، حيث يرى مراقبون أن ذلك يؤدي إلى تفاقم التوترات وزيادة خطر المواجهات بين تلك الجماعات. تنبثق هذه المخاوف من تعدد المليشيات التي ظهرت خلال الحرب، إذ تشكلت العديد منها بناءً على أسس قبلية وجهوية، ما يعزز احتمال تصاعد الصراع في إطار التنافس على السلطة.
يُحذر الباحثون السياسيون من خطورة توسع الجماعات المسلحة خارج الأطر النظامية، ويعتبرون ذلك تهديدًا كبيرًا لاستقرار البلاد. يشير الباحثون إلى أن العديد من المجموعات المسلحة تسعى من خلال هذه الحرب إلى تحقيق مكاسب سياسية وسلطوية، وهو ما يظهر في أنشطتهم الإعلامية التي تهدف إلى تعزيز نفوذهم. ويُعد هذا التوجه خطوة نحو بناء سودان يعتمد على النزاعات بدلاً من الحلول السياسية والمدنية.
تؤكد تحليلات سياسية أن الحرب في السودان لم تكن مجرد صراع بين رؤى سياسية، بل هي تنافس بين المليشيات والقوى المسلحة للسيطرة على السلطة بأي وسيلة ممكنة. يعبر النشطاء والمحللون عن قلقهم من أن تزايد عدد المليشيات المسلحة يساهم في تحويل السودان إلى ساحة مفتوحة لصراعات لا تنتهي، حيث يشيرون إلى أن استمرار وجود عشرات المليشيات يعني استمرار دورة العنف ما لم يحدث تغيير جذري في بنية الدولة.
في هذا الإطار، تشير تصريحات العديد من القادة العسكريين والسياسيين إلى تزايد النفوذ الممنوح للمجموعات المسلحة التي شاركت في الحرب إلى جانب الجيش. وفي تصريحات إعلامية، أكد قائد الجيش أن كل من شارك في القتال إلى جانب الجيش سيكون له دور في المشروع السياسي القادم. ويزيد هذا من القلق بشأن تكريس نفوذ المليشيات المسلحة في المستقبل السياسي للسودان.
يؤكد الصحفيون والمحللون السياسيون أن تصاعد دور قادة المليشيات في إدارة العمليات العسكرية والإعلامية يثير تساؤلات حول مهنية الجيش السوداني، ويُعتبر ذلك انحرافًا عن القواعد العسكرية المتعارف عليها في الحروب. تُتهم بعض المليشيات المتطرفة، مثل “كتيبة البراء”، بارتكاب انتهاكات على غرار تنظيمات متطرفة، ما يضر بسمعة الجيش ويزيد من تفاقم الوضع الميداني في البلاد.
يبدو أن المستقبل السوداني يتجه نحو مزيد من التحديات إذا استمر تصاعد نفوذ المليشيات المسلحة، مما يضع البلاد على حافة صراعات داخلية لا تنتهي، ما لم يُتخذ موقف حاسم لإعادة بناء الدولة على أسس سياسية ومدنية شفافة وعادلة.