محافظة بني سويف: عبق التاريخ وروعة الحاضر

تعد محافظة بني سويف واحدة من المحافظات المصرية التي تقع في إقليم شمال الصعيد، وتتمتع بتاريخ عريق يمتد إلى حقب قديمة،
تجمع بين الأهمية الأثرية والاقتصادية والزراعية، مع موقع استراتيجي جعلها حلقة وصل مهمة بين شمال وجنوب مصر. تمتد أراضيها على ضفتي نهر النيل، لتتوسط عدة محافظات هامة وتربط بين العديد من المناطق الزراعية والصناعية.
الموقع الاستراتيجي لبني سويف
تقع محافظة بني سويف وسط شمال الصعيد، وتشغل مساحة قدرها 10954 كم². تحدها من الشمال محافظة الجيزة، ومن الجنوب محافظة المنيا، ومن الغرب الفيوم، ومن الشرق محافظتي البحر الأحمر والسويس.
يسهم هذا الموقع المحوري في تعزيز مكانتها الجغرافية وسهولة الوصول إليها من مختلف أنحاء الجمهورية، مما يعزز العمليات الاقتصادية بها ويساهم في رواج منتجاتها الصناعية والزراعية. تساعد شبكة النقل والمواصلات الحديثة في تحقيق هذا الترابط الجغرافي والاقتصادي.
تاريخ بني سويف
يرجع تاريخ بني سويف إلى عصور الفراعنة، حيث كانت أراضيها جزءًا من الإقليمين العشرين والرابع والعشرين من أقاليم مصر العليا.
كانت مدينة إهناسيا العاصمة في عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة الفرعونيتين، وشهدت المنطقة تطورات حضارية هامة. خلال الفترات اليونانية والرومانية، استمرت بني سويف في لعب دور مهم في تاريخ مصر القديم.
تحتفل المحافظة بيومها القومي في 15 مارس من كل عام، حيث يخلد هذا التاريخ ذكرى أحداث ثورة 1919، عندما قام أهل بني سويف بقطع خطوط السكك الحديدية أمام قطارات الجيش الإنجليزي، مما أسفر عن انقلاب قطارات وموت عدد من الجنود.
معالم بني سويف الأثرية
تمتلك بني سويف عددًا كبيرًا من المعالم الأثرية التي تعكس الحضارات المختلفة التي مرت عليها، أبرزها هرم ميدوم، ثاني أقدم هرم مدرج في العالم، الذي بناه الملك حوني وأتم بناءه الملك سنفرو.
تضم المحافظة أيضًا مواقع فرعونية أخرى مثل أبو صير الملق، إهناسيا، جبانة سدمنت الجبل، ومناطق أثرية قبطية وإسلامية مثل دير القديس أنطونيوس، مقبرة مروان بن محمد، ومسجد السيدة حورية.
تعد محمية كهف وادي سنور من الأماكن الطبيعية الفريدة، حيث يرجع تاريخها إلى 65 مليون سنة وتحتوي على تشكيلات صخرية فريدة من الصواعد والهوابط. كذلك تقدم واحة ميدوم بجوار هرم ميدوم تجربة ترفيهية وثقافية غنية بملاعب وحدائق طبيعية.
الأهمية الزراعية لبني سويف
تشتهر محافظة بني سويف بكونها إحدى المحافظات الزراعية الرائدة في مصر، حيث تمتد الأراضي المزروعة بها لتصل إلى 265 ألف فدان.
تسهم المحافظة بشكل كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية مثل القمح والقطن والذرة، بالإضافة إلى النباتات الطبية والعطرية التي تلعب دورًا مهمًا في النشاط الاقتصادي للمحافظة.
الاقتصاد والصناعة
تتنوع الأنشطة الاقتصادية في بني سويف بين الزراعة والصناعة. تعتبر المحافظة مركزًا لصناعة الأسمنت، النسيج، والسجاد اليدوي.
كما تضم مناطق صناعية متعددة مثل مجمع الصناعات الصغيرة، وتسهم في تصدير منتجاتها الزراعية والصناعية إلى مختلف الأسواق المحلية والدولية.
شهدت المحافظة تطورًا صناعيًا كبيرًا، من أبرز معالمه إنشاء مصنع ضخم لشركة سامسونغ للإلكترونيات، وهو أول مصنع للشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
السكان والتعليم
بلغ عدد سكان محافظة بني سويف نحو 3.4 مليون نسمة طبقاً لإحصائيات 2021. تمتلك المحافظة بنية تحتية تعليمية قوية، تضم جامعة بني سويف التي تعتبر من الجامعات الرائدة في مصر، بالإضافة إلى جامعة النهضة الخاصة. كما تحتوي المحافظة على مراكز تدريب مهني متعددة، ومحطة للبحوث الزراعية.
الثقافة والرياضة
يصل عدد المكتبات العامة في بني سويف إلى 27 مكتبة، وتضم المحافظة 4 بيوت ثقافة بالإضافة إلى قصر ثقافة واحد. كما شاركت المكتبات المشتركة في العديد من الفعاليات الثقافية.
على الصعيد الرياضي، حقق نادي تليفونات بني سويف إنجازًا كبيرًا حين تأهل للمرة الأولى للدوري المصري الممتاز في موسم 2011-2012، مما يعزز مكانة المحافظة على الخريطة الرياضية.

شعار المحافظة
يعبر شعار محافظة بني سويف عن تاريخها العريق وحاضرها المزدهر. يتضمن الشعار صورة هرم ميدوم الذي يرمز إلى التراث الفرعوني، بينما تشير سنبلة القمح إلى النشاط الزراعي، والمدخنة إلى النشاط الصناعي، ونهر النيل وجسر بني سويف إلى مستقبل المحافظة الواعد.
أعلام محافظة بني سويف: شخصيات بارزة أثرت في مجالات الدين والسياسة والفن والرياضة
نسلط الضوء على عدد من الأعلام البارزين في محافظة بني سويف في مجالات مختلفة تتنوع بين الدين، الأدب، الرياضة، والسياسة، بالإضافة إلى شخصيات مؤثرة في الفن والإعلام.
الإمام البوصيري، الشاعر المعروف، صاحب قصيدة “البردة” الشهيرة التي تعتبر واحدة من أهم القصائد الدينية في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. اشتهرت قصيدته بتأثيرها الكبير في الأدب العربي الإسلامي.
شهاب الدين النويري، المؤرخ والأديب المصري الذي كتب موسوعته الشهيرة “نهاية الأرب في فنون الأدب”، وهي موسوعة تجمع بين التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية والأدب.
الشيخ طه الفشني، قارئ القرآن الكريم وأحد أشهر المنشدين في مصر. اشتهر بأداء الابتهالات الدينية التي كان لها أثر عميق في نفوس المستمعين.
عبد العظيم وزير، المحافظ الأسبق لمحافظة القاهرة، الذي قدم إسهامات كبيرة في تطوير البنية التحتية بالعاصمة المصرية.
الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، وهو أحد أبرز علماء الأزهر الشريف الذين أثروا في الفكر الديني المعاصر، وله حضور بارز في الإعلام والندوات الفكرية.
هاني هلال، وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي الأسبق، الذي شغل منصبه قبل ظهور وزارة الدولة للبحث العلمي، وكان له دور في تطوير منظومة التعليم العالي في مصر.
نجاة العسيلي، مقدمة البرامج في التليفزيون المصري، التي أضافت بصمة خاصة على المشهد الإعلامي المصري.
مفيد فوزي، مقدم برامج شهير في التلفزيون المصري، الذي أثر في الإعلام المصري بفضل برامجه الحوارية التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية هامة.
أحمد زكي عابدين، وزير التنمية المحلية الأسبق، الذي عرف بتقديمه جهود كبيرة لتطوير المناطق المحلية والريفية.
عصام عبد الفتاح ومحمد فاروق، حكمين دوليين في كرة القدم، قدما أداءً متميزًا في التحكيم الدولي وأسهموا في تطوير كرة القدم المصرية.
المستشار محمود البديني، محافظ الإسكندرية الأسبق، الذي قدم خدمات جليلة لتحسين مرافق المدينة وتعزيز التنمية بها.
ربيع ياسين، لاعب كرة القدم السابق، الذي يعتبر أحد أعمدة الرياضة المصرية وكان له دور بارز في المنتخب الوطني.
حسن سيد أبو العينين وعلي خليل، لاعبي كرة القدم السابقين الذين تركوا بصمة كبيرة في تاريخ الأندية المصرية.
سيد شحاتة حسين، لاعب الكرة الطائرة السابق الذي أثرى مشهد الرياضة في مصر بإسهاماته المميزة.
محمود فهمي باشا، مهندس الثورة العرابية وأحد رموز الحركة الوطنية في مصر.
يحيى إبراهيم باشا، رئيس الوزراء السابق الذي كانت له بصمات في الساحة السياسية المصرية.
يوسف منصور صديق، أحد الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو 1952، الذي أسهم في إنهاء الحقبة الملكية وبداية عهد الجمهورية في مصر.
الفنانة زوزو ماضي والفنان حسن عابدين، من أبرز نجوم الفن المصري الذين تركوا إرثًا كبيرًا في السينما والمسرح والتلفزيون.
محمد لطيف، لاعب ومعلق شهير لمباريات كرة القدم، أسهم في تعزيز ثقافة التحليل الرياضي والإعلام الرياضي.
أحمد الشيخ، لاعب كرة القدم المعروف، الذي لعب في النادي الأهلي وكان معارًا لنادي مصر المقاصة، حيث قدم أداءً مميزًا على الساحة الرياضية.
صلاح أبو سيف، المخرج السينمائي المصري الكبير، الذي يُعد أحد رواد السينما الواقعية في مصر.
أحمد يحيى عبد الكريم، وزير المالية الأسبق، الذي قدم إسهامات كبيرة في تطوير السياسات المالية والاقتصادية بمصر.
كيرلس الخامس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذي أسهم في تعزيز مكانة الكنيسة في المجتمع المصري.
محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذي عمل على تطوير الخطاب الديني ومكافحة الفكر المتطرف.
الدكتور مجاهد مصطفى علي الطلاوي، المعروف بلقب “طبيب المساكين”، لتفانيه في خدمة الفقراء وتقديم الرعاية الطبية لهم.
ياسر جمعة عبد المنعم، الكاتب الصحفي البارز، الذي اشتهر بكتاباته المؤثرة في العديد من الصحف والمجلات المصرية.
هذه الشخصيات المتميزة تمثل نماذج مشرفة في مختلف المجالات، وقد تركوا بصمات لا تنسى في المجتمع المصري، مما ساهم في تشكيل المشهد الحضاري والثقافي والتنموي لمصر عبر العقود.
حيث تعتبر بني سويف نموذجًا يحتذى به لمحافظة مصرية تجمع بين الأصالة والتطور. بفضل موقعها الاستراتيجي، وتاريخها العريق، ومواردها الزراعية والصناعية، تسهم بني سويف في تشكيل جزء مهم من نسيج الاقتصاد والثقافة المصرية، مع التطلع إلى مستقبل مشرق مليء بالإنجازات.